مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

تشجّعوا أنا غلبت العالم(يوحنّا16: 29-33)

~النص البيبلي~

29فقالَ لَه تلاميذُهُ: “أنتَ الآنَ تَتكلَّمُ كلامًا صَريحًا، لا بالأمثالِ…”.31أجابَهُم يَسوعُ: “الآنَ تُؤمِنونَ.32تَجيءُ ساعَةٌ، بل جاءَتِ الآنَ، تَتَفرَّقونَ فيها، فيذهَبُ كُلُّ واحدٍ في سبيلِهِ وتَترُكوني وحدي.ولكِنْ لا أكونُ وَحدي، لأنَّ الآبَ مَعي.33قُلتُ لكُم هذا كُلَّهُ ليكونَ لكُم سَلامٌ بي.ستُعانونَ الشِّدَّةَ في هذا العالَمِ، فتَشَجَّعوا.أنا غَلَبتُ العالَمَ”.

~شرح النص~

خلافًا لالتزامهم السابق بالصمت(يوحنّا16: 5)ثمّ لانعزالهم ضمن حلقةٍ مُقفلةٍ من الأسئلة(آية17–19)، يتلقّف التلاميذ دفّة الحوار ويؤكّدون نوعًا ما على استيعابهم لما يُصارحهم به المعلّم من حقائق سماويّة؛ كما ويقرّون بعدم لجوئه إلى الأمثال في هذه المرحلة نظرًا لتعمّقهم في الفهم والمعرفة.ومع ذلك يلتزم التلاميذ في إقرارهم بإيمانهم بالجزء الأوّل من الكشف الإلهيّ(آية28)، أي بخروج الابن من عند الآب وتمتّعه بالقدرة الإلهيّة لا سيّما تلك التي تجعله“عالمًا بكلّ الأمور” (آية30)ويغفلون الجزء المكمّل لرسالته والمتمثّل في عمليّة تمجيده التي تمرّ بالصليب.من هنا نحن لا نتفاجأ بردّة فعل المسيح الذي يعاكس مجاهرة التلاميذ بإيمانهم لينبئهم بخيانتهم المُقبلة له وتركه وحيدًا، تمامًا كما عاكس حماسة بطرس السابقة(13: 36–38)، ووضعه أمام مشهد نكرانه الثلاثيّ؛ كما وأنّ المسيح يذكّر تلاميذه مجدّدًا بأنّهم سينالون نصيبهم من التنكيل والأهوال على غرار معلّمهم.ولكنْ مع بلوغه نهاية خطابه الوداعيّ، لا يتوقف يسوع عند هذه الصورة السوداويّة، بل يؤكّد أوّلاً على عدم تخلّي الآب عنه في معركته الأخيرة ويطمئن تلاميذه بأنّهم سيقيمون في سلامه الذي لا يشبه سلام العالم(14: 27)على الرغم من الشدّة التي ستُطبق عليهم ويختم بإعلان لا نظير له في تاريخنا البشريّ يدعو فيه أحباءه إلى أن يتشجّعوا ويثقوا بأنّ تضحيتهم السخيّة بكلّ ما هو لهم لن تذهب سُدى لأنّ من وضعوا فيه رجاءهم قد انتصر على العالم الرافض لمنطق المحبّة الإلهيّة التي تحرّر وتعطي الحياة الأبديّة؛ وبدوره أيضًا كلّ من آمن بأنّ يسوع هو ابن الله ينتصر بإيمانه على العالم(1يوحنّا5: 5).

~تأمل في النص~

يا لشجاعتنا في الوقوف في صفّ الإيمان والبشارة عندما تسير الأمور على هوانا وتجري الرياح بما تشتهيه سفننا ويصفّق لنا الأنام ويطربون لسماع كلامنا، ويا لتراخينا وبأيّ سرعة ننكسر ونسدل أشرعتنا ونختبئ من موجة المنتقدين والرافضين عندما تعاكسنا الظروف والأحداث.ليس نكران المسيح حدثًا تاريخيًّا لا يتكرّر لمجرّد اعترافنا اليوم بحدث القيامة، بل نحن ننكره كلّ مرّة ننغمس في روح العالم ونتكلّم لغته ونندمج مع أفكاره ونصير واحدًا معه مع أنّ المعلّم الإلهيّ كان قد أكّد لنا بأنّنا لسنا من هذا العالم وإنْ كنّا لا نزال في العالم(يوحنّا15: 19).نحن لا نعي بأنّنا نترك المسيح وحيدًا في كلّ مرّة نساوم فيها على الحقّ من أجل محاباة الوجوه ونخفي حقيقة إيماننا حيثما يريدنا الربّ أن نجاهر به، ونتراخى في عيش وصيّة المحبّة لننافس المجتمع من حولنا على المراكز والنفوذ والسلطة.وإنْ بدا لنا ظاهريًّا بأنّ الهزيمة محتّمة، علينا كمسيحيّين صالحين أنْ نصدّق بأنّ المسيح قد غلب العالم ونتخطّى بذلك كلّ الظروف التي تعاكس مسيرتنا.

~الفكرة الرئيسة~

يجب على التلميذ الحقيقيّ أن يسير مع يسوع في كلّ الظروف مهما كانت وأن يشهد لإيمانه به في كلّ حال لعلمه بأنّ معلّمه الإلهيّ قد انتصر على العالم.

~صلاة~

ساعدني يا ربّ كي أنتصر على كلّ ما يمنعني عن الشهادة لاسمك وأفهم بأنّ درب الصليب هو نصر مبين على كلّ شرور العالم.آمين.

~قرار اليوم~