مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

أنا أصلّي لأجلهم(يوحنّا17: 6-10)

~النص البيبلي~

6أظهَرتُ اَسمَكَ لِمَنْ وهَبتَهُم لي مِنَ العالَمِ.كانوا لكَ، فوَهَبتَهُم لي وعَمِلوا بِكلامِكَ.7والآنَ هُم يَعرِفونَ أنَّ كُلَّ ما أعطَيتَني هوَ مِنكَ.8بَلَّغتُهُمُ الكلامَ الّذي بَلَّغتَني فقَبِلوهُ وعَرَفوا حقَّ المعرِفَةِ أنِّي جِئتُ مِنْ عِندِكَ وآمنوا أنَّكَ أنتَ أرسَلتَني.9أنا أُصلِّي لأجلِهِم، ولا أُصلِّي لأجلِ العالَمِ، بل لأجلِ مَنْ وهَبتَهُم لي لأنَّهُم لكَ.10كُلُّ ما هوَ لي فهوَ لكَ، وكُلُّ ما هوَ لكَ فهوَ لي، وأنا أتمَجَّدُ بِهِم.

~شرح النص~

بعد أن رفع يسوع الصلاة على نيّته في يوحنّا17: 1–5، ها هو الآن يوجّه صلاته على نيّة أخصّائه الذين باتوا على أتمّ الاستعداد لاقتبال النعم التي سيطلبها من أجلهم.باتوا يعرفون حقّ المعرفة حجم رسالة الابن ومصدرها كما أنّهم غاصوا في عمق الكشف السماويّ الذي أظهر لهم اسم الله – وإنْ كانوا يعرفونه من قبل – ولكنّهم بفعل معايشتهم ليسوع قد لامسوا عن كثب رحمة الآب السماويّ ومحبّته الفائقة.في الوقت نفسه، هؤلاء أشخاص كانوا يقتنون في ذاتهم خاصيّة البحث عن الحقيقة وقد فتّشوا في كتابات العهد القديم عن مواعيد افتقاد الربّ لهم في الزمن المسيحانيّ، وبفعل ذلك هم ينتمون إلى الله الذي اجتذبهم بفضل سعيهم الصادق إلى دائرة الابن، فأعطاه إيّاهم(6: 44)ليعمل عمله فيهم ويهيّئهم لمرحلة البشارة، وهم أهلٌ للثقة بدليل أنّهم حفظوا الكلام الذي بلّغهم إيّاه الابن من عند الآب.بنتيجة تعليم الابن، فَهِمَ التلاميذ الأصل الإلهيّ لأعمال يسوع وأقواله واقتبلوها في قلوبهم ليقينهم بأنّ الآب السماويّ هو وحده مصدرها، واعترفوا بمجيء الابن من عند الآب وبكونه قدّوس الله(6: 69)، فعُدّ ذلك لهم برًّا واستحقّوا أن يدعوَهم يسوع أحبّاءه(15: 15)ويصلّي من أجلهم لينالوا حظوة الابن لدى الآب السماويّ.من أجلهم يصلّي يسوع وليس من أجل العالم الذي تميّزوا عنه بجرأة إيمانهم بالابن، والمقصود بالعالم تلك الفئة التي رفضت كلام الابن وعدّته غريبًا ورفضت إيواءه في كيانها فأبقته خارجًا عنها ونبذت محبّته الإلهيّة، فهلكت في جهلها.

~تأمل في النص~

أمينٌ هو هذا المعلّم الإلهيّ الذي يحمل تلاميذه في عمق كيانه المصلّي ويرفعهم إلى الآب السماويّ ويخشى عليهم من الشرذمة والتأرجح والضياع بسبب رحيله عنهم.حتّى في الساعات الحالكة التي تسبق تسليمه إلى أيدي قاتليه، لا يوجّه يسوع أنظاره صوب ضروب التعذيب التي تُعدّ له من قبل كارهيه بل صوب الجماعة الصغيرة الملتئمة حوله وغير المدركة تمامًا لكمّيّة الشرور المحدقة بهم.بقي المسيح وفيًّا حتّى اللّحظة الأخيرة للذين وهبه إيّاهم الآب وأحبّهم منتهى الحبّ(يوحنّا13: 1)لأنّهم ثبتوا معه(6: 68)، وانتظروا خلاصه وآمنوا بما جاءت به الكتب من نبوءات حوله(6: 46).لا يخذلنا الربّ حينما نسير بأمانة معه ونصدّق مواعيده ونلتصق به حتّى في الظروف التي لا نستشفّ فيها خيط أمل؛ يبقى أمينًا لنا وينتزعنا من براثن الشرّ ويقودنا إلى مربض الأمان ويقينا من مخاطر العالم الذي لا يعرف محبّة الله ويسير على هواه غير آبه بالمؤتمنين على الحقّ وبنعمة الروح الذي يحملونه في داخلهم ويشهدون للمسيح من خلاله.

~الفكرة الرئيسة~

خصّ المسيح تلاميذه حتّى اللّحظة الأخيرة بجلّ اهتمامه وحَمَلَهم في صلاته لأنّهم عملوا بكلامه وتفرّدوا بإيمانهم به وسط عالم رفضه وأبغض رسالته.

~صلاة~

إنّي أدركتُ بنور روحك القدّوس عمق محبّتك وعرفت حقًّا بأنّك الإله الحيّ معطي الحياة، اجعلني تلميذًا وفيًّا لك ليشملني عطفك وتغمرني رحمتك طول أيّامي.آمين.

~قرار اليوم~