مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

ليَكونوا واحدًا فينا(يوحنّا17: 20-23)

~النص البيبلي~

20لا أُصلِّي لأجلِهِم وحدَهُم، بل أُصلِّي أيضًا لأجلِ مَنْ قَبِلوا كلامَهُم فآمنوا بـي.21إجعَلْهُم كُلَّهُم واحدًا ليَكونوا واحدًا فينا، أيُّها الآبُ مِثلَما أنتَ فيَّ وأنا فيكَ، فيُؤمِنَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلْتَني.22وأنا أعطَيتُهُمُ المَجدَ الّذي أعطَيتَني ليكونوا واحدًا مِثلَما أنتَ وأنا واحدٌ:23أنا فيهِم وأنتَ فيَّ لتكونَ وِحدَتُهُم كامِلَةً ويَعرِفَ العالَمُ أنَّكَ أرسَلْتَني وأنَّكَ تُحبُّهُم مِثلَما تُحبُّني.

~شرح النص~

لم تقتصر صلاة يسوع على المستقبل القريب الذي يحيط بساعة تمجيده من جهة وبالشدّة والاضطهادات التي تهدّد تلاميذه بعد ذهابه إلى الآب من جهة ثانية، بل نجده هنا يمدّ أنظاره صوب المستقبل البعيد ليطال المؤمنين به عبر الأجيال أينما وُجدوا.ما هي فحوى هذه الصلاة التي تغرز جذورها عند عود الصليب وتمدّ أغصانها صوب الأفق البعيد وتستمدّ غذاءها من الغيث السماويّ؟“اجعلهم كلّهم واحدًا ليكونوا واحدًا فينا!”وحدة الآب والابن هي المحور الأساس لوحدة المؤمنين ولعيشهم وصيّة المحبة، ومن دون هذا المحور لا تستطيع الجماعة أن تشهد للعالم وأن تحمل البشرى.إنّ ثبات الابن بالآب ليس فقط مثالاً يُحتذى به إنّما هو القوت السماويّ الذي تتغذّى به الجماعة لتشهد لإيمانها وتحافظ على رباط المحبّة.لن ينقص التلاميذ شيءٌ، فقد منحهم المسيح المجد، مجد الحياة الأبديّة ومجد السكنى في الابن الذي فيه يقيم الآب، كما أنّه أعطاهم سلطانه وسلّمهم كلمته لتكون حدًّا فاصلاً بين المؤمنين والجاحدين.كلّ مَن قَبِل بكلمة المسيح التي يحملها تلاميذه من جيل إلى جيل انضوى تحت راية الصلاة التي رفعها يسوع وكلّ من رفضها بقي خارج أتون المحبّة المتأجّج في قلب الابن والآب.ومع ذلك فالمسؤوليّة الكبرى تقع على كاهل أتباع المسيح وتلاميذه لأنّ إيمان العالم يتوقّف على نجاحهم في عيش الوصيّة الجديدة(يوحنّا13: 35)؛ إنْ وُفّقوا إلى ذلك، اعترف العالم بإرسال الآب للابن(17: 21،23)وفهم عمق محبّته وغنى رحمته(3: 16).من دون وحدة الجماعة المتجذّرة في عمق وحدة الآب والابن، لا سبيل للمسيح لمواصلة عمله الذي بدأه منذ تجسّده.

~تأمل في النص~

يا لسعادتنا عندما ندرك بأنّنا كنّا في فكر يسوع وفي صلاته التي رفعها إلى السماء منذ أكثر من ألفَيْ عامًا، وأنّه لم يترك أمرنا لعشوائيّة الظروف، بل شملنا بمحبّته واستودعنا كنيسته وطلب من أبيه السماويّ أن يجعلنا واحدًا في الوحدة التي تجمع بينهما.لا خوف علينا إذًا أن نضيع في معترك الحياة بعيدًا عن الخلاص الأبديّ المعدّ لنا لأنّ الربّ قد سلّم شعلة البشارة إلى رسله من بعده وإلى كلّ من يولد من إيمان هؤلاء من بعدهم.ولكنْ علينا أن نخاف إنْ فشِلنا في التعرّف على من يحملون المسيح في داخلهم وفقدنا روح التمييز فاختلطت علينا الأصوات ومشينا وراء مُسحاء دجّالين يلائمون مصالحنا؛ الويل لنا إنْ رفضْنا مبعوثي المسيح الحقيقيّين، أولئك الذين قدّسهم الربّ فأرسلهم، ورفضنا كلامهم، لأنّنا بذلك نرفض مرسِلِهم الإلهيّ(متى10: 40).الويل لنا أيضًا إنْ كنّا من بين من تقع على أيديهم الشكوك، إذْ من دون عيشنا للوحدة سنسبّب حتمًا العثرات لإخوة يسوع الصغار المؤمنين به(متى18: 6).

~الفكرة الرئيسة~

حملنا يسوع في صلاته الأخيرة لنكون بأكملنا رعيّة واحدة تشهد على وحدة الآب والابن أمام العالم أجمع من خلال عيشها لوصيّة المحبّة وثباتها بالوصايا الإلهيّة.

~صلاة~

أنا أعي اليوم بأنّ انتمائي إلى حظيرة الخراف هو وليد صلاتك لأجلي في تلك اللّيلة الأخيرة التي أمضيتَها مع أحبّائك؛ فهبني الاَّ أبدّد ما وهبْتني من دون أيّ استحقاق منّي.آمين.

~قرار اليوم~