مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

الآب نفسه يحبّكم(يوحنّا16: 23-27)

~النص البيبلي~

23في ذلِكَ اليومِ لا تَطلُبونَ مِنِّي شَيئًا.الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُم:كُلُّ ما تَطلُبونَهُ مِنَ الآبِ باَسمي تَنالونَهُ.24وما طَلَبتُم شَيئًا باَسمي حتّى الآنَ.أُطلُبوا تَنالوا، فيكتَمِلَ فرَحُكُم.25قُلتُ لكم هذا كُلَّهُ بالأمثالِ.وتَجيءُ ساعةٌ لا أُحَدِّثُكُم فيها بالأمثالِ، بل أحَدِّثُكُم عَنِ الآبِ بِكلامٍ صَريحٍ.26وفي ذلِكَ اليومِ أنتُم تَطلُبونَ مِنَ الآبِ باَسمي، ولا أقولُ لكم أنا أطلُبُ مِنهُ لأجلِكم.27فالآبُ نَفسُهُ يُحِبُّكُم، لأنَّكُم أحبَبتُموني وآمَنتُم بأنِّي خَرَجتُ مِنْ عِندِ اللهِ.

~شرح النص~

يأتي يوم لا يعود فيه تلاميذ المسيح حيارى يسألون ويتساءلون حول كلّ ما كان يغلّف كلام المسيح من غموض؛“في ذلك اليوم”أيضًا سيكون لهم كلّ ما يطلبونه من الآب السماويّ باسم يسوع والحديث حول السماويّات لن يستمرّ بالأمثال، بل ستنكشف الأمور بشكل جليّ ويرتفع التلاميذ بالمعرفة. “في ذلك اليوم”ستتلألأ في نفوسهم أنوار الروح القدس وسيقرأون بهدي إلهاماته تفاصيل حياة يسوع الأرضيّة وتعاليمه، فهو كما وعدهم الربّ سيرشدهم إلى الحقّ كلّه(يوحنّا16: 13).ولكنّ مفارقةً جديدةً تلوح في أفق“ذلك اليوم”وهو أنّ الآب سيلبّي مباشرةً صلوات التلاميذ حتّى ليبدو لنا وكأنّ يسوع يحجب نفسه مع العلم بأنّ الآب السماويّ سيستجيب للصلوات التي يرفعها التلاميذ باسم المسيح.في هذه المرحلة التي يثبتون فيها في الوصايا ويصبحون واحدًا مع الابن، ينظر إليهم الآب السماويّ بعين الرحمة ويقيم معهم رباطًا وثيقًا ليعطيهم سؤل قلوبهم، كلّ ذلك بفضل محبّتهم الكاملة لمُرسَله وإيمانهم بكلّ ما أتى به من عنده.بنتيجة تدخّلات الآب، سيكتمل فرح التلاميذ الذي وعدهم به يسوع(آية22)باكتمال عيشهم للكلمة، ولن يعود يعوزهم شيء لأنّهم سيصيرون شبيهين بالابن في علاقتهم بالآب وفي تنفيذهم لمشيئته السماويّة باسم“من خرج من عند الله”.

~تأمل في النص~

المعرفة تساوي بين البشر؛ من أراد أن يقبض على رسن جماعة، أم شعب أم وطن حجب عنهم المعرفة وأبقاهم في ظلمة الجهل كي يتسنّى له أن يقودهم في الاتّجاه الذي يرتضيه ويستعبدهم كما يشاء.أمّا المسيح فلم يرضَ بالعبوديّة لتلاميذه“لأنَّ العَبدَ لا يَعرِفُ ما يَعمَلُ سيِّدُهُ”بل دعاهم أحبّاءه، كونه نقل لهم كلام أبيه السماويّ(يوحنّا15: 15)؛ ويوم يجيء الروح القدس سيقودهم إلى الحقّ كلّه(16: 13).إنّ هذا الارتقاء بالمعرفة يتيح للمؤمن أن يسبر غور محبّة الله ويغوص في تأمّل مراحمه ويحوّله من الداخل فيحرّره من القلق ويزرع فيه الاستسلام والطمأنينة والسكينة؛ وبالتالي يكتشف قيمته كإنسان رُفع إلى مرتبة البنوّة لله وحُرّر من شباك الخطيّة.في تلك اللّحظة التي يُدرك فيها الإنسان معرفة الله بواسطة الروح القدس، تُصبح جميع طلباته التي يرفعها باسم يسوع مُستجابةً ويتدبّر الله جميع شؤون حياته ويرشده إلى الخير والبركات ويرعاه في كلّ الظروف فيُفلِت من عشوائيّة محيطه وتأثيراته ويكتمل فرحه في كلّ حين بفعل حضور الربّ الضابط لجميع أموره الحياتيّة والروحيّة.

~الفكرة الرئيسة~

لا يريدنا الربّ قاصري الفهم والبصيرة ليستعْبدنا بل مُكتملي المعرفة ومستنيرين بالحقّ ليحرّرنا،وكلّ ما نطلبه منه بروح البنوّة الحقيقيّة باسم المسيح نناله،فنفرح حينها بتدخّل الله وبمحبّته لنا.

~صلاة~

هبْني يا ربّ روحك القدّوس كي أسمو بالمعرفة وأستحقّ أن أُدعى ابنًا لك وتنال صلواتي استحسانك واستجابتك، كلّ ذلك لمجد اسمك.آمين.

~قرار اليوم~