مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

حزنكم يَصير فرحًا(يوحنّا16: 20-22)

~النص البيبلي~

20الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُم:ستَبكونَ وتَندُبونَ، وأمَّا العالَمُ فسَيَفرَحُ.ستَحزَنونَ، ولكِنَّ حُزنَكُم يَصيرُ فرَحًا.21فالمَرأةُ تَحزَنُ وهيَ تَلِدُ، لأنَّ ساعتَها جاءَت.فإذا وَلَدَت تَنسى أوجاعَها، لِفَرَحِها بِولادَةِ إنسانٍ في العالَمِ.22وكذلِكَ أنتُم تَحزَنونَ الآنَ، ولكنِّي سأعودُ فأراكُم، فتَفرَحُ قُلوبُكُم فرَحًا لا يَنتَزِعُهُ مِنكُم أحَدٌ.

~شرح النص~

لا يوفّر يسوع أيّ جهد في تبديد المشاعر السلبيّة المسيطرة على التلاميذ بسبب إعلانه عن رحيله عنهم، فيضع قطبَيْ الحزن والفرح في مقابلة تعكس حال التلاميذ في المرحلتين اللّتين سيجتازونهما بين موت الربّ وعدم رؤيته وبين رؤيته“بعد بقليل”بفعل عودته إلى الآب(يوحنّا16: 16).في الوقت الذي يحتفل العالم بانتصار مزيّف، سيمرّ التلاميذ بالحزن والكدر، لا بل أيضًا بالبكاء والنحيب كما في مجالس العزاء، لأنّ حواسّهم ما زالت خاضعة لتحاليلهم البشريّة، ولن يفقهوا حقيقة الأمر إلاّ بعد حين، أي بعد قيامة يسوع وصعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الآب.ولتجسيد الحدث، يلجأ المعلّم الإلهيّ إلى صورة مجازيّة من الحقل الاجتماعيّ هي المشاعر المتناقضة التي تعيشها المرأة الحامل بين المخاض والولادة.تَرِد هذه الاستعارة بشكلٍ متواترٍ في التقليد البيبليّ للدلالة على الآلام والصعوبات التي كانت تعصف بإسرائيل قبل أن يفتقدها الربّ ويفرِج الكرب عنها(إشعيا66: 7–10).مرحلة الولادة التي تُنسي المرأة الحامل أوجاعها السابقة ما هي سوى تعبير عن انبلاج الفرح في قلوب التلاميذ المتعثّرين بسبب ضعف إيمانهم واكتشافهم لحقيقة من رافقهم ليرشدهم إلى الحقّ ومجيء المعزّي المجسّد لحضور المسيح الأبديّ في وسط المؤمنين أينما وُجدوا.أنبياء العهد القديم وعدوا الشعب الإسرائيليّ المتألّم بتدخّل الربّ واستتباب فرحٍ أبديّ(إشعيا35: 10؛51: 11)؛ ويسوع يحقّق هذا الوعد ويضع على جبين أحبّائه إكليلاً من الفرح لن يقوى على انتزاعه منهم أحد كما أنّه لن يقوى أحد على انتزاع خاصّته منه والتي سيمنّ عليها بالحياة الأبديّة(10: 28).

~تأمل في النص~

الفرح!إنّه شعور يبحث عنه الإنسان بالفطرة ويحارب من أجله ويطرق في سبيله جميع الأبواب التي يظنّها كفيلة بمنحه هذا الحقّ المشروع.نحن نسعى في كلّ الاتّجاهات وراء خيوط زائلة من الفرح الأرضيّ ولا نرتضي الدخول في التحدّي الأكبر الذي أطلقه المعلّم الإلهيّ في تاريخ البشريّة: “إنّي أعطيكم فرحًا لا ينتزعه منكم أحد!”.إنّ كلّ ما نختبره من سعادة في حياتنا ليس سوى صورة هزيلة عن الفرح الأعظم المُعطى لنا في يسوع.ومع ذلك نحن نتسابق إلى أفراح زهيدة يقدّمها لنا العالم ولا نُذعن إلى اقتبال الفرح الحقيقيّ، لأنّ منطقه يستفزّنا!فالفرح الإلهيّ يمرّ بشرطيّة خسارة العالم لربح الذات، والمصالحة الأخويّة وعدم مقاومة من يسيء إلينا وترك الرداء للخصم ومحبّة الأعداء والصلاة من أجلهم والإيمان بأنّ الصليب انتصر على الموت وبأنّ السعادة في العطاء هي أعظم منها في الأخذ وبقدسيّة من سلمّنا الوصيّة الجديدة: “أحِبُّوا بَعضُكُم بَعضًا.ومِثلَما أنا أحبَبْتُكُم أحِبُّوا أنتُم بَعضُكُم بَعضًا”.

~الفكرة الرئيسة~

يعِدُ المخلّص أحبّاءه بأنّ حزنهم لن يطول وبأنّه سيعود ليمنحهم فرحًا أبديًّا يُنسيهم كلّ ما سيقاسونه من ظروف،ولكنْ عليهم أن يتحلّوا بنوعيّة إيمان يتخطّى المنظور والمحسوس.

~صلاة~

بحثت عن السعادة طويلاً فوجدت الله!املأ قلبي يا ربّ من الفرح الحقيقيّ النابع من عيشي لوصاياك، فيعرف العالم أنّك وحدك مصدر السعادة في الدنيا والآخرة.آمين.

~قرار اليوم~