مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

ما كانَ خادِمٌ أعظَمَ مِنْ سيِّدِهِ(يوحنّا15: 18-21)

~النص البيبلي~

18إنْ أبغَضَكُمُ العالَمُ، فتَذكَّروا أنَّهُ أبغَضَني قَبلَ أنْ يُبغِضَكُم.19لَو كُنتُم مِنَ العالَمِ، لأحبَّكُمُ العالَمُ كأهلِهِ.ولأنِّي اَختَرْتُكم مِنْ هذا العالَمِ وما أنتُم مِنهُ، لذلِكَ أبغَضَكُمُ العالَمُ.20تَذكَّروا ما قُلتُهُ لكُم:ما كانَ خادِمٌ أعظَمَ مِنْ سيِّدِهِ.فإذا اَضطَهَدوني يَضطَهِدونَكُم، وإذا سَمِعوا كلامي يَسمَعونَ كلامَكُم.21هُم يَفعَلونَ بكُم هذا كُلَّهُ مِنْ أجلِ اَسمي، لأنَّهُم لا يَعرِفونَ الّذي أرسَلَني.

~شرح النص~

يتّخذ الخطاب الوداعيّ بُعدًا جديدًا يطال موقف العالم الخارجيّ من“أحبّاء”الربّ، فثمّة ثمنٌ باهظٌ سيدفعه التلاميذ نتيجةً لانتمائهم إلى دائرة المسيح؛ إنّه موقف شرس يتخطّى الرفض ليبلغ حدّ البغض والاضطهاد ويفرز بشكل قاطع بين من“هم في الداخل”و”من في الخارج”.لقد رسم مجيء ابن الله الخطّ الفاصل بين عالم النور وعالم الظلام يوم جاء إلى العالم كي ينيره، وإلى أهل بيته بنوع خاصّ، فلا عرفه العالم ولا قبله أهل بيته(يوحنّا1: 9–10).أمّا تلاميذه الذين قبلوه وصيّرهم أبناءً لله(1: 12)، فسيصيبهم نصيب معلّمهم من التعنيف والقتل والتهميش وسيُرذلون لمجرّد أنّهم على اسمه في مصير شبه حتميّ سيطال الجماعات المسيحيّة منذ نشأتها الأولى(1تسالونيكي2: 14–16)، ولن يكون حال الخادم مختلفًا عن حال سيّده(يوحنّا15: 20).سيفتح العالم حربه على أتباع المسيح كونهم باتوا خارج قبضته، أي أنّهم لم يعودوا من“أسفل”بل أضحوا من“فوق”على غرار من ولدهم للحياة(8: 23).ليس تلميذ المسيح بكائن سماويّ غريب عن الأرض، إنّما هو صاحب قناعات سماويّة وهذا ما يجعله منبوذًا من قِبَل العالم الذي يرفض كلام المسيح على لسان التلاميذ والذي يفشل بالتالي في التعرّف على عمل الآب وعلى أقواله ويقابِل بالاضطهاد ما يعتبره تهديدًا لقناعاته التي تخدم مآربه.

~تأمل في النص~

للوهلة الأولى يُخيّل إلينا بأنّ يسوع في طور عزل التلاميذ عن العالم الخارجيّ ضمن دائرة مغلقة تحجبهم عن الخطر المحدق بهم، فنتصوّر بأنّنا أصبحنا أمام فريقين متناقضين ومنفصلين كلّيًّا في بؤرة العيش.ولكنْ في واقع الأمر، فإنّ المسيح يضع أحبّاءه في وسط العالم ويطلب منهم أن يكونوا صوته في قلب الضجيج وكلّ الأصوات المضادّة للحقّ ويحمّلهم أمانة كبرى: “إنّي أقمتكم لتذهبوا وتثمروا” (يوحنّا15: 16)،“إذا سمعوا كلامي يسمعون كلامكم” (آية20).هو يدعوهم ليكونوا أنقياء وأبناء الله بلا عيب في جيل ضالٍّ فاسد يضيئون فيه كالكواكب(فيلبي2: 15).فلا نقنطنّ من رفض العالم لنا لأنّ المسيح قد حذّرنا بأنّنا لن نُقابَل دومًا بالانفتاح وبأنّنا سنكون عرضةً لشتّى أنواع الاتّهامات، ولا نلقينّ علينا رداء العالم كي نكون مقبولين في نظره، إنّما لنلبسْ درع الاستقامة ونحملْ سيف الإيمان ونعتمرْ خوذة الخلاص ونحملْ كلام الله في أفواهنا وقلوبنا(أفسس6: 14–17)كي ننتصر على روح العالم ويشعّ نور القيامة في أقوالنا وأفعالنا ونلِد بكلمة المسيح أبناءً جُددًا للملكوت.

~الفكرة الرئيسة~

ليست التلمذة للمسيح بالأمر الهيّن،إنّما مصير التلميذ هو نفسه مصير المعلّم؛سيحاربه العالم الذي لا يعرف الآب ويضطهده بسبب البشارة وسيُرذل بسبب القناعات السماويّة التي سيحويها في ذاته،ومع ذلك فالمسيح يدعوه ليعلن كلامه مهما كلّف الأمر.

~صلاة~

قوّني يا ربّ في وجه من لا يعرفك وهبني نعمة الشهادة لاسمك القدّوس وقلّدني الشجاعة والحكمة كي لا تتغلّب عليّ العقول الرافضة لمحبّتك.آمين.

~قرار اليوم~