مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

لعازر مريض(يوحنّا11: 3-6)

~النص البيبلي~

3فأرسَلَتِ الأُختانِ إلى يَسوعَ تَقولانِ: “يا سيِّدُ، الذي تُحبُّه مَريضٌ”.4فلمَّا سمِعَ يَسوعُ قالَ: “ما هذا المرَضُ للموتِ، بل لِمَجدِ اللهِ.فَبِه سيتَمَجَّدُ ابنُ اللهِ”.5وكانَ يَسوعُ يُحبُّ مَرتا وأُختَها ولِعازَرَ،6لكنَّهُ بَقِـيَ في مكانِهِ يومَينِ، بَعدَما عرَفَ أنَّ لِعازَرَ مَريضٌ.

~شرح النص~

لعازر مريض.لكنّ يسوع لا يُسرع إلى بيت عنيا ليشفيه، بل يبقى في مكانه يومَين، على الرغم من محبّته العظيمة له ولأختَيه.يشدّد يوحنّا على أنّ يسوع قصد أن يتأخّر في الانطلاق إلى بيت عنيا(آية7).لماذا تصرّف يسوع هكذا؟ ألم يكن حريًّا به الانطلاق على الفور ليشفي صديقه المدنف؟ يسوع إنسان له صداقاته مع الناس، لكنّه أيضًا ابن الله.يحبّ الناس جميعًا، لكنّه يعرف كيف يضع حدودًا لعلاقاته مع أصدقائه.لا يذوب فيهم، بل يترك بينه وبينهم“بعض فسحات لترقص فيها رياح السماوات”، كما قال يومًا جبران خليل جبران.هو قريب، وفي الوقت نفسه بعيد.لا يضع نفسه تحت الإجبار، فإنّه إنْ فعل شيئًا فبملء إرادته.ولكلّ شيء ساعته، وهذه الساعة يحدّدها الآب، لأنّ كلّ عمل يقوم به هو لمجد الآب.ومجد الآب، في حالة لعازر، لا يتحقّق الآن، بل بعد يومين، يوم يموت الصديق وينتن جسده في القبر.

~تأمل في النص~

تمرّ العائلة المُحبّة للربّ في أزمة:ملاك الموت يحوم حول البيت، فلعازر مريض، بل مشرف على الموت.الأزمة حادّة، وصديق العائلة يجب إبلاغه، وبسرعة.كم بانت مريم ذكيّة في طريقة صوغها الخبر!أرسلت إلى يسوع تقول: “إنّ الذي تحبّه مريض”.لم تَدعُ أخاها باسمه(“لعازر أخي مريض”)، بل بعلاقته مع يسوع.لقد عرفت كيف تستفيد من صداقة يسوع لعائلتها، فلعبت على وتر الصداقة والمحبّة، راغبة في استدرار حنان يسوع وعطفه على أخيها.تعلّمُنا مريم كيف يتوجّب علينا أحيانًا أن نتقن فنّ الطلب، حتّى مع الله نفسه، فــ”نجبره”، نوعًا ما، على الاستجابة لطلبنا.لا ضرورة أن نطلب، بل يكفي أن نعرض المشكلة.في عرس قانا لجأت مريم، أمّ يسوع، إلى الاستراتجيّة نفسها.عرضت المشكلة ولم تطلب: “ما بَقِـيَ عِندَهُم خمرٌ” (يوحنّا2: 3)، بل تركت حرّيّة التصرّف لابنها.حيث يكون الحبّ والدالّة، لا ضرورة للطلب الملحّ.يكفي التلميح، لأنّ الله“يعلم ما نحتاج إليه قبل أن نسأله” (متى6: 8).

يسوع يتأخّر!قد لا نفهم تصرّفًا كهذا، خصوصًا عندما تعترضنا مشكلة ما.نحن عادةً نريد حلولاً سريعة وفوريّة، ونطلب من الله أن يماشي سرعتنا وأن يلبّي سؤلنا على الفور.الله، على العكس، يحبّ التروّي، وفي بعض الأحيان لا تتوافق حساباته مع حساباتنا.ما نحسبُه أزمةً قد يكون لله مناسبة لإظهار مجده؛ وما هو مرضٌ لنا، قد يكون له ممرًّا للحياة.

~الفكرة الرئيسة~

حيث الحبّ،هناك تكون الدالّة،دالّة الطلب وثقة الانتظار.

~صلاة~

أومن، يا ربّي، بحكمتك ومشيئتك.أُسلّم مَرَضي إلى حنانك، فحوِّله إلى شفاء، إلى مجدٍ لاسمك القدّوس.أنتظر، وسأنتظر خلاصك، كانتظار الرقباء للصبح والحرّاس للفجر.آمين.

~قرار اليوم~