مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

أيلول/سبتمبر

مقدّمة عامّة:هُنيهات مجد(يوحنّا11–13)

أيلول/سبتمبر

مقدّمة عامّة:هُنيهات مجد(يوحنّا11–13)

تختم آية إقامة لعازر من الموت، في الفصل الحادي عشر من إنجيل يوحنّا، آيات يسوع السبع اليوحنّاويّة.قمّة من مجد تهيّئ قمّة القمم:قيامة يسوع!يتحضّر القارئ من الآن وصاعدًا إلى“الساعة”التي فيها سيتمجّد ابن البشر.لغة المجد آخذة في الهيمنة على الفصول التي تلي.يسوع يشرح، لمن أراد أن يسمع ويفهم، ماهيّة ساعته المزمعة أن تتمّ على الصليب.

في الفصل الثاني عشر،“قبل الفصح بستّة أيّام”، ندخل مع يسوع إلى أورشليم ونشاهد مريم، أخت لعازر، تدهن قدميه بالطيب، تحضيرًا“ليوم الدفن”.مقابل مسرى الحبّ هذا، هناك مسرى آخر مضادّ، أطلّت تباشيره في يهوذا،“التلميذ السارق”، الذي يهتمّ، زيفًا، بالفقراء.

قمّة المواجهة تحصل“في العشاء”، في الفصل الثالث عشر.هناك على المائدة، من جهة،“حبّ إلى الغاية”، ومن جهة أخرى، خيانة حين سلّم يهوذا ذاته لإبليس.صراع حادّ، عند يوحنّا، بين منطق يسوع ومنطق إبليس، بين النور والظلمة.لكنّ دينونة هذا العالم ورئيسه قد حانت، وها الصليب يذرّ بقرنه المنتصِر.

يوحنّا11–13، رواية موت وقيامة وبطلها اثنان:يسوع، والإنسان الذي يؤمن بيسوع.

وأنتم؟

الأب د.ميلاد الجاويش

رجل اسمه لعازر(يوحنّا11: 1-6)

~النص البيبلي~

11ومَرِضَ رَجُلٌ اسمُهُ لعازَرُ مِنْ بَيت عَنيا، مِنْ قَريةِ مَريَم وأختِها مَرتا.2ومَريَمُ هذِهِ هيَ التي سكَبَتِ الطِّيبَ على قَدَمَيِ الربِّ يَسوعَ ومَسَحَتْهُما بِشَعْرِها.وكانَ لعازَرُ المريضُ أخاها.3فأرسَلَتِ الأُختانِ إلى يَسوعَ تَقولانِ: “يا سيِّدُ، الذي تُحبُّهُ مَريضٌ”.4فلمَّا سمِعَ يَسوعُ قالَ: “ما هذا المرَضُ لِلموتِ، بل لِمَجدِ اللهِ.فَبِه سيتَمَجَّدُ ابنُ اللهِ”.5وكانَ يَسوعُ يُحبُّ مَرتا وأُختَها ولعازَرَ،6لكنَّهُ بَقِـيَ في مكانِهِ يومَينِ، بَعدَما عرَفَ أنَّ لعازَرَ مَريضٌ.

~شرح النص~

يوحنّا11هو نصّ لعازر بامتياز.في الآيات الستّ الأولى، يعرّفنا يوحنّا على مكان الحدث وأشخاصه وحالتهم.نحن في بيت عنيا، قرية قريبة من أورشليم، اعتاد يسوع أن يتردّد إليها في أثناء مكوثه في المدينة المقدّسة.كان يبيت في منزل عائلة، مقرّبة إليه، هي عائلة لعازر وأختيه مريم ومرتا.لم يحبّ يسوع أناسًا كما أحبّ هذه العائلة.يشدّد الإنجيل مرارًا على هذه المحبّة الخاصّة التي كان يكنّها يسوع لهذه العائلة.كان يدخل بيتهم من دون تكلّف، يشعر وكأنّه في بيته.وهم أيضًا كانوا يبادلونه الحبّ نفسه، حتّى إنّ مريم أخذت يومًا قارورة طيبٍ وطيّبت قدمَيه على مرأى من الجميع، ومسحتهما بشعر رأسها.علامة حبّ كبير دمغت شخصيّتها والتصقت بذكراها حتّى في الأجيال المسيحيّة المتأخّرة.قيل في مريم إنّها“هي التي سكَبَتِ الطِّيبَ على قَدَمَيِ الرَّبِّ يَسوعَ ومَسَحَتْهُما بِشَعْرِها”، مع العلم أنّ الحدث هذا يأتي، في إنجيل يوحنّا، في الفصل الثاني عشر(12: 1–11)، أي بعد نصّ قيامة لعازر، وليس قبله كما يستدعي منطق الأمور.

~تأمل في النص~

يتألّف هذا النصّ، الكبير بحجمه، من عدّة مشاهد، تتطوّر في تسلسلها، الواحد بعد الآخر.يسير يوحنّا بنا رويدًا رويدًا نحو الحدث الذي سيجري عند قبر لعازر.في المشاهد كافّة، يبقى يسوع الشخصيّة الرئيسة التي تسيطر على الأحداث، وله على الأشخاص الآخرين سحر لا يُقاوم، بحيث إنّه يجتذبهم نحوه الواحد تلو الآخر، مرتا فمريم فلعازر.من يقرأ هذا النصّ يدرك أنّه قد يقع هو أيضًا تحت سحر يسوع الجذّاب، ويشعر بأنّ الربّ يستدعيه نحوه رويدًا رويدًا.

أورشليم، مع هيكلها، لم تَرُق لعينَي يسوع حتّى يبيت فيها، بل اختار عليها بيتًا له فيه أصدقاء.الربّ يحبّ أن يَبيت في بيوتنا، كما كان يبيت في بيت لعازر.لا تروق له الكنائس الفارغة الباردة، كما لم تَرق له أورشليم مع كلّ ما فيها من مقدّسات.كل بيت مسيحيّ هو بيت يسوع.الربّ في البيت، لا بل هو ربّ البيت: “المُلكُ لله!”.

~الفكرة الرئيسة~

حيث الحبّ،هناك يكون يسوع،بين أصدقائه.

~صلاة~

ساعدني، يا ربّ، على أن تكون عائلاتي بيت راحة لك، متّكَأ تسند عليه رأسك.نحن نحبّك، لأنّك أنت أحببتنا أوّلاً.باركنا، بسكناك بيننا وفينا.لك المجد إلى الدهور.آمين.

~قرار اليوم~