مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

تبتهج بي أنا إلهك، وعلى مشارف الأرض أرفعك

(إشعيا58: 13-14)

~النص البيبلي~

13وإنْ توقَّفْتَ عنْ عمَلِكَ في السَّبتِ وعنْ قضاءِ حاجَتِكَ في يوميَ المُقدَّسِ، ودَعَوتَ السَّبتَ نعيمًا وما قَدَّستَهُ مجيدًا، وأكرَمتَهُ فلم تُباشِرْ عمَلَكَ ولا سَعيتَ وراءَ حاجَتِكَ ولا نَطقْتَ باطلاً بكلامِكَ،14تبتَهِـجْ بـي أنا إلهُكَ، وعلى مشارِفِ الأرضِ أرفَعُكَ وأطعِمُكَ ميراثَ يَعقوبَ أبيكَ.ها فَمُ الرّبِّ تكلَّمَ.‌

~شرح النص~

يختتم النص المميز الموجود في إشعيا58: 1–14بوعد يلخّص المفهوم الرئيسي الذي يتبنّاه النص(آيات13–14).فصيغة الوعد“المشروط”الموجودة في آيات6–9أ و9ب–12تتكرّر في آيات13–14، حيث يرتبط الوعد المشروط باحترام“السبت”، الذي هو في إشعيا، كما رأينا في تأملات سابقة، أحد أهم أسس الهوية اليهودية في مرحلة ما بعد السبي.ومن المهم أن ندرك هنا أن احترام السبت يأتي في سياق إشعيا58: 1–14على أنه التوقّف عن الاهتمام بالمصالح الشخصية واستغلال الآخرين وظلمهم في سبيل تحقيق ذلك(آيات3،6،9ب)، بما أن السبت هو يوم يرتاح فيه الجميع بما في ذلك الخدم والعبيد ويستمتعون بغنى الخليقة(خروج20: 8–11؛ تثنية6: 12–15)؛ وهذا ما يؤكده إشعيا58: 13، الذي يكرر كلمة“حاجتك”، أي مصلحتك، ويركز على ضرورة التوقف عن طلبها.وتعلن آية14أنه عند توقّف الشخص عن طلب مصلحته الشخصية وشعوره بالمسؤولية نحو“قريبه”في المجتمع، فإنه يختبر بركة الرب في حياته.ومن الملفت للنظر أن آية14تشير إلى ثلاث بركات، هي“الابتهاج بالرب”، أي الفرح الحقيقي العميق، و”على مشارف الأرض أرفعك”، أي النجاح، و”أطعمك ميراث يعقوب أبيك”، أي رعاية الرب لإسرائيل.وهذه البركات الثلاث هي التي يسعى الشخص للحصول عليها بالاهتمام بمصالحه الشخصية.وبالتالي، فإشعيا58: 13–14يعلن أن الاهتمام بالآخر، وليس الذات، هو السبيل للحصول على تلك البركات والتمتّع بها.

~تأمل في النص~

تأتي آيات13–14في نهاية إشعيا58: 1–14للتأكيد على النقطتين الرئيسيتين اللتين يعلنهما النص، وهما رفض التمحور حول الذات والمصالح الشخصية، وتحدّي مفهوم النعمة الرخيصة.إشعيا58: 13–14يؤكد أن التخلي عن الأنانية والفردية، وطلب مصلحة“القريب”، وكسر حلقة الظلم والاستغلال، والالتزام بالعدالة الاجتماعية هي الأسس لبناء علاقة صحيحة مع الله والتمتّع ببركاته واختبارها بغنى.ويؤكد على أن نعمة الله، وإن كانت مجانية، إلا أنها ليست رخيصة، ولكنها تضع على كاهل المؤمن مسؤولية الالتزام بحياة تشارك محبة الله مع كل من وما حوله، وبذلك فقط يختبر كل شعب الله وخليقة الله الحياة الأفضل مع الله.وهذا هو التحدّي الذي يضعه أمامنا هذا النص، الذي يدعونا لندرك أن الابتهاج والنجاح الحقيقيين ليسا موجودين في طلب مصلحتنا الشخصية ولكن في الالتزام بتأمين حياة أفضل للجميع.

~الفكرة الرئيسة~

الالتزام بمسؤوليتنا تجاه“قريبنا”هو السبيل الوحيد لاختبار الابتهاج والنجاح الحقيقيين في حياتنا والتمتّع ببركات الرب في حياتنا كأفراد وكجماعة.

~صلاة~

نعترف أمامك يا إله المحبة المضحّية بأنانيتنا وتمحورنا حول مصالحنا.ألمس حياتنا بمحبتك واجعلنا نكون لمسة محبة في حياة خليقتك.

~قرار اليوم~