مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

مقدّمة عامّة:يوم الرب وملكوت الله(إشعيا56–66)

يتفق الباحثون على اعتبار إشعيا56–66الجزء الثالث الرئيسي في إشعيا، بعد إشعيا1–39و40–55، ولذلك يدعى بـ”إشعيا الثالث”.وهذا الجزء، الذي تعود كتابته إلى مرحلة إعادة البناء بعد العودة من السبي، والذي يرتبط بشكل واضح بالجزئين السابقين، وخصوصًا“إشعيا الثاني” (40–55)، يتميز بعدة أمور.

فمن جهة أولى، يُظهر“إشعيا الثالث”ارتباطات واضحة بجزئَي إشعيا الآخرَين والتقليد المسيطر في سفر إشعيا.فإشعيا56–66يتضمن إشارات واضحة إلى“الأمور السابقة”والتي تلعب دورًا واضحًا في سفر إشعيا بشكل عام.كما أن مستقبل“أورشليم”يحتل مكانة هامة في إشعيا56–66.

ومن جهة أخرى،“إشعيا الثالث”يعكس مرحلة متأخرة بعض الشيء عن“إشعيا الثاني”، الذي يعكس مرحلة السبي.فمن يقرأ إشعيا56–66لا بد وأن يرى بأن السبي والرجاء بالعودة من السبي لم يعودا الموضوع الرئيسي لهذا الجزء، الذي يعكس بالأحرى مرحلة إعادة البناء بعد العودة من السبي.وبالتالي، فهذا الجزء يعكس الصراعات اللاهوتية لتلك المرحلة، وأهمها:تحقيق الوعود العظيمة لـ”إشعيا الثاني”؛“إعادة”بناء شعب الله وتحديد وتكوين هويته الإيمانية والدينية والاجتماعية؛ الصراعات اللاهوتية والأيديولوجية، وأحيانًا الوجودية، بين أجزاء وجماعات مختلفة من“شعب الرب”؛ الصراع حول تحديد الفهم الصحيح لله وللعلاقة به ولعبادته؛ مكانة أورشليم والهيكل والتوراة، والتي تعود كتابتها في تلك الفترة، في حياة شعب الرب وعلاقته بإلهه وفهمه له.

هنيئًا لمن يعمل بذلك ويتمسك به(إشعيا56: 1-2)

~النص البيبلي~

56وهذا ما قالَ الرّبُّ: “إحفَظوا الحَقَّ وا‏صنَعوا العَدلَ، فخلاصي ا‏قتَرَب أنْ يجيءَ ووَعدي أنْ يظهَرَ.2هَنيئًا لمَنْ يعمَلُ بذلِكَ ويتمَسَّكُ بهِ، ويُحافِظُ على السَّبتِ فلا يُدَنِّسُهُ، ويصونُ يَدَهُ مِنْ أنْ يعمَلَ أيَّ شَرٍّ”.

~شرح النص~

مع الانتقال من إشعيا55: 12–13إلى إشعيا56: 1–2يشهد النص تغييرًا واضحًا في الموضوع والسياق.فإشعيا55: 12–13يختتم“إشعيا الثاني”بالاحتفال بالخروج من بابل والعودة إلى أورشليم وإعادة بنائها، والذي هو موضوع“إشعيا الثاني”، في حين يفتتح إشعيا56: 1–2 “إشعيا الثالث”ويقدم من البداية ملخّصًا لموضوعه الرئيسي، وهو نمط حياة الشعب خلال عملية إعادة البناء بعد العودة من السبي.إشعيا56: 1–2يلخص الأسس التي يجب أن يبني الشعب حياته عليها وهو يعيد بناء أورشليم.آية1تتضمن فعلَي أمر للشعب ووعدَين من الله.فِعلا الأمر هما“احفظوا الحق”و”اصنعوا العدل” (البر/الحق).والوعدان هما“خلاصي”و”وعدي” (فدائي/بري).بكلمات أخرى إشعيا56: 1يعلن للشعب أن حياته الجديدة يجب أن تكون مؤسسة على التزامه بالحق والعدل وعلى اختباره لخلاص الله وفدائه.في حين أن آية2ب تلخّص التطبيق العملي لذلك في أمرين أساسيين بالنسبة لإشعيا الثالث، هما حفظ السبت والالتزام به والابتعاد عن الشر.ومن المهم أن نشير هنا إلى أن حفظ السبت والابتعاد عن الشر يمثّلان إشارة إلى ومقياسًا للالتزام بالتوراة وحفظها في اليهودية في مرحلة ما بعد السبي.وتعلن آية2أ الطوبى والفرح للشعب في حال التزامه بذلك وبنائه لحياته على ذلك الأساس(انظر مزمور1: 1–2).

~تأمل في النص~

يضع إشعيا56: 1–2الأساس الذي يجب أن يبني شعب الله حياته عليه وهو في مرحلة إعادة بنائها، الالتزام بكلمة الله وبحفظ الحق وصنع العدل من جهة أولى، والثقة بوعد الله بالخلاص والفداء من جهة ثانية.ذلك التفاعل بين التزام الإنسان ووعد الله ونعمته هو الأساس الذي يدعو إشعيا الثالث الشعب ليعيد بناء حياته عليه، وهو الأساس الذي يدعونا لنبني حياتنا عليه ونحن في مرحلة الصراع لبناء حياة جديدة في الشرق الأوسط اليوم.النص يتحدانا، ونحن نصارع لننهض من ركام سقطاتنا المتكررة في هذا الشرق المضطرب والمنهك والمتألم ونبني مستقبل جديد لنا ولأولادنا، لندرك أنه لا يكفي أن نعيد بناء الحجر أو الاقتصاد أو المعرفة.ولكن علينا، ونحن نقوم بذلك، أن نبني حياتنا على كلمة الله، ونجعل الحق والعدل يسودان حياتنا، ونضع ثقتنا في تحقيق الله لوعده باختبار عمله وخلاصه في حياتنا.ويعلن لنا النص أننا في حال قمنا بذلك فسنختبر الفرح والبركة في حياتنا.فهل نفهم ونفعل ونختبر؟

~الفكرة الرئيسة~

نحن مدعوون لنبني حياتنا على كلمة الله وتحقيق مشيئته في حياتنا من جهة،وعلى الثقة بوعد الله باختبار عمله وخلاصه في حياتنا من جهة أخرى.

~صلاة~

أعطنا اللهم أن ندرك، ونحن نسعى لبناء مستقبل جديد لنا ولأولادنا، أننا نحتاج لنضع كلمتك في مركز حياتنا ونثق بعملك في وسطنا.

~قرار اليوم~