مع الكتاب كل يوم - الكتاب الثانيSample

~شرح النص ~

حينما أنبأ يسوع بدمار الهيكل (لو20: 6)، كان همّ التلاميذ معرفة العلامة الدالّة على اقتراب موعد الحدث، وهنا يحذّرهم يسوع من علامات كاذبة: أناس تنتحل صفة المسيح، حروب وفتن وقيام أمم ومماليك وكوارث بيئيّة (21: 8–11)؛ ثمّ يرسم مشهدين قاتمين ينقل أوّلهما نهاية أورشليم والثاني نهاية العالم، وكأنّ الحدثين متزامنان في التوقيت ولكنّه ما يلبث أن ينهي هذه الصورة المظلمة بمثل عن التينة لإقامة مقاربة تتناول ترقّب العلامات مفادها التالي: إنّ الإشارات التي تنبئ بالنهاية هي واضحة وجليّة ولا تحمل الارتياب تمامًا كما أنّ رؤية براعم التينة – وهي من الأشجار المعروفة بانتشارها في فلسطين – تنبئ لا محالة باقتراب حلول الصيف (لو20: 30–31). في هذا المثل، تنبيه مزدوج أوّلهما تنبيه للحذر من خطر التضليل لأنّ علامات النهاية واضحة وضوح الشمس والتنبيه الثاني هو دعوة للترقّب الدائم لا يتخطّى زمنها عمر الجيل الذي يسمع هذا الكلام. من هنا يُطلق المعلّم دعوة لعدم التراخي والتلهّي بالهموم والأهواء (آ 34) على اعتبار أنّ ابن الإنسان مبطئ في مجيئه، فالثبات هو باب الكسب (21: 19) والنجاة (آ 36)، ونهاية النهايات لدى حدوث هذه الأمور هي بشارة باقتراب صيف دائم بحلول الملكوت (آ 31). فعلى الرغم إذن من اسكاتولوجيا مرتقبة ينبئ بها هذا النصّ وتعلّمها الكنيسة، كلّ جيل مدعوّ لترقّب دينونة خاصّة ودينونة عامّة لا ينجو منهما الإنسان إلاّ بالسهر والصلاة (آ 36).

~تأمل في النص ~

أمام حقيقة الموت والحياة الفانية وأمام واقع الحروب والمصائب والكوارث الطبيعيّة يفتّش الإنسان عن معنى لحياته وعن مسبّبات الألم ويحاول تعليل الأزمات التي تلمّ به. بالنسبة للمسيحيّ، فإنّ أخبار الحروب والشرور هي تذكير بعبثيّة المساعي الأرضيّة التي لا تغذّي مسيرته صوب الملكوت السماويّ والألم بحدّ ذاته هو باب للعودة إلى الذات وتنقيتها من كلّ ما يعرقل رحلتها صوب السماء. وهذا ما يركّز عليه إنجيل لوقا في هذه الفقرة من خلال تنبيهه إلى خطر التلهّي بالسكر والملذّات والهموم ومن خلال تأكيده على ضرورة السهر وترقّب الخلاص في أصعب الظروف وأكثرها سوادًا. من هنا ليس الحديث عن الأزمنة الأخيرة هدفًا بحدّ ذاته إنّما هو محطّة ضروريّة يقف فيها الإنسان أمام مفترق طرق: فإمّا أن يختار سلوك درب الملذّات البرّاقة والفانية وإمّا أن يختار النصيب الأفضل ويسلك في مخافة الربّ فينجّيه من ويلات العالم وأخطاره.

~الفكرة الرئيسة ~

ليس التفتيش عن علامات الأزمنة الأخيرة أساسيًّا في الحياة المسيحيّة، إنّما الأساس هو التذكّر الدائم بأنّنا نعيش في أرض المنفى وبأنّنا في مسيرة صوب موطننا الحقيقيّ.

~صلاة ~

أبعد عنّي يا ربّ كلّ ما يلهيني عن الثبات في مسيرتي نحوك واجعل نصب عينيّ صغارة هذه الحياة الفانية. آمين.

~قرار اليوم ~