مع الكتاب كل يوم - الكتاب الثانيSample

~شرح النص ~

يتعارض هذا المشهد المثقل بالتحسّر والدموع مع سابقه الذي ينقل جوًا من الفرح الإحتفاليّ؛ إنه الربّ يبكي أورشليم التي لا تعي خطورة مصيرها. ينفرد الإنجيلي لوقا في سرده لهذه الفقرة التي تنقل موقف يسوع لحظة اقترابه من أورشليم قد يقابلها إلى حدٍّ ما الفقرة التي ينقل فيها كلّ من مرقس ومتّى (مر 11: 12–14؛ مت 18: 1–19) موقفًا خارجيًا ليسوع أيضًا على أثر اقترابه من أورشليم حيث لعن تينةً لم يجد فيها ثمارًا حينما قصدها جائعًا، فينقل لنا المشهدان امتعاض الربّ أمام الشحّ والجحود؛ إلى ماذا جاع يسوع إبّان وصوله إلى أورشليم إن لم يكن إلى حفنة من الإيمان وعلى ماذا تحسّر إن لم يكن على عمى المدينة أمام بركة حضوره؟ مع كونه يعرف المصير الذي ينتظره، لا يدور يسوع حول ذاته بل يذرف دموعه على مدينة ستخسر سلامها وأمنها وتكون عرضة لفتك الأعداء في إشارة إلى حصار أورشليم عن يد الرومان وسقوط الهيكل واحتراقه كلّيًّا سنة 70 م. لأنّه “قد أخفي عن عينيها” زمن افتقاد ملك السلام لها. سيقابل دموع يسوع على أورشليم ونبوءته حول مصيرها أيضًا دموع نسوة على طريق الجلجثة أبى لها يسوع أن تسقط بسبب مصيره وحوّلها إلى نياح ينبئ بالأيام السوداء التي ستضرب أمن أورشليم وسلامها (لو 23: 27–31).

~تأمل في النص ~

حينما يدخل يسوع إلى حياتنا لا يأتي فارغ الجعبة إنّما يصل مثقلاً بعطاياه ويعبر إلينا كي يمنحنا الحياة، والحياة بوفرة (يو 10: 10). في الوقت عينه هو لا يستطيع أن يتخطّى حرّيتنا، لذلك فهو ينتظر منّا جوابًا نؤكّد من خلاله انفتاحنا على دعوته وثقتنا بمبادرته وتلقّينا لسلامه. برفضهم يسوع رفض الأورشليميّون ملك السلام وأباحوا أرضهم لكافّة أنواع الشدائد والأهوال. كانوا ينتظرون مسيحًا مخلِّصًا فهموه على قياس تطلّعاتهم السياسيّة وأطماعهم الأرضيّة وحينما أتاهم المخلّص راكبًا على ظهر جحش لم يتعرّفوا إليه. على المنوال نفسه نحن نرسم صورًا نتخيّل فيها أسلوب تدخّل الله في حياتنا، وتتحوّل هذه الصور إلى قناعات راسخة نقيس بها حضور الله في حياتنا وسبل استجابته لصلواتنا وهنا نسقط مرارًا في فخّ عدم التعرّف إلى ملك السلام فنُغلق كلّ الأبواب في وجهه ونصمّ آذاننا عن كلامه ونخسر إرشاده فتلتهمنا الظروف ونقع فريسة المصائب وتغدرنا الأحداث وهذا ما يدفع بالربّ إلى رثائنا.

~الفكرة الرئيسة ~

على الإنسان أن يتخلّى عن جميع خرائطه الذهنيّة التي توهمه بأنّه يعرف وجه الربّ وينمّي فيه أسس الإيمان الصحيح حتّى إذا ما افتقده الربّ يهرع إلى ملاقاته.

~صلاة ~

حرّرني أيّها الربّ من كلّ ما يشوّه صورتك وهَبْني نعمة التعرّف إلى وجهك. آمين.

~قرار اليوم ~