مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

خلع ثوبه(يوحنّا13: 4-5،12)

~النص البيبلي~

4فقامَ عَنِ العَشاءِ وخلَعَ ثوبَهُ وأخَذَ مِنشَفَةً واَتَّزرَ بِها،5ثُمَ صَبَّ ماءً في مَغسِلَةٍ وبَدأ يَغسِلُ أرجُلَ التَّلاميذِ ويَمسَحُها بالمِنشَفَةِ التي اَتَّزرَ بِها…12فلمَّا غسَلَ أرجُلَهُم ولبِسَ ثوبَهُ وعادَ إلى المائِدَةِ قالَ لهُم: “أتَفهَمونَ ما عمِلتُهُ لكُم؟”.

~شرح النص~

تُرافق حركة غسل الأرجل حركة أخرى هي في غاية المعنى:حركة خلع الثياب.في مستهلّ المشهد، يحرص يوحنّا على وصف حركات يسوع:يقوم عن العشاء، يخلع ثيابه، يأخذ منديلاً، يأتزر به، يصبّ الماء في مطهرة، ويغسل الأرجل(آية4).وعند الانتهاء من الغسل:يلبس يسوع ثيابه، يعود إلى المائدة، ويتكلّم مع تلاميذه(آية12).ومع أنّ الإنجيليّ فعلَ مع غسل الأرجل ما اعتاد أن يفعله مع آيات يسوع الأخرى(معجزة، ثمّ خطاب يشرحها ويوسّعها)، لم يطلق على مشهد الغسل صفة“الآية”.ممّا دفع بعض الشرّاح على احتساب الغسل آية تفتتح“كتاب الساعة” (يوحنّا13–20).وضع بعض الشرّاح الأصبع على“لعبة الثياب”التي يُتقنها يوحنّا جيّدًا.كلّ حركة تقفز فوق المعنى العاديّ لتأخذ بُعدًا رمزيًّا مهمًّا.هناك أوّلاً تضادّ طالما استعمله يوحنّا بين فعل“خلع”أو“بذل”، من جهة، وفعل“لبس”أو“نال”، من جهة أخرى.في مثَل الراعي الصالح، نقرأ: “الراعي الصالح يُضحِّي بِحياتِهِ في سبـيلِ الخِرافِ…الآبُ يُحبُّني لأنِّي أُضَحِّي بِحياتي حتى أستَرِدَّها” (يوحنّا10: 11،17).خلف الثياب، هناك حياة تُبذَل.

~تأمل في النص~

في خلعه الثياب، يرمز يسوع إلى موته وتجرّده من ذاته.ألا يتجرّد يسوع من حياته، كما تجرّد من ثوبه؟ الثياب، في العالم الشرقيّ القديم، هي الإنسان نفسه، تعبّر عن هويّته وميوله وحتّى عن مشاعره.أوّل درب الآلام التجرّد.يخلع يسوع عنه بطش الألوهة، ويقبل أن يختبر ما يختبره البشر.بغسله الأرجل، شابه العبد في عمله مع سيّده.ذاق، نوعًا ما، طعم العبوديّة.وفي المحاكمة ذاق الظلم، وعلى الصليب الألم المبرَّح والإهانة.إنّها“صورة العَبد”، التي تكلّم عليها بولس الرسول(فيلبي2: 7).انحدر يسوع إلى طبيعتنا كي يخلّصها في قعرها، في السواد الذي نعيشه.الربّ يخلّص العالم“من تحت”، من حيث لا يرغب أحدٌ أن ينزل.هذا كلّه ابتدأ بخلع ثوبٍ على العشاء.

~الفكرة الرئيسة~

درب الآلام أوّله خلع ثياب:بداية مسار التجرّد.

~صلاة~

كيف لي أن أتجرّد حتّى القعر، وأنا غير قادر أن أتخلّى عن أبسط رأي؟ هبني ربّي أن أفهم إخلاءك لذاتك وأن أقتدي بك في حبّك.آمين.

~قرار اليوم~