مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

غسل الأرجل(يوحنّا13: 4-11)

~النص البيبلي~

4فقامَ عَنِ العَشاءِ وخلَعَ ثوبَهُ وأخَذَ مِنشَفَةً واَتَّزرَ بِها،5ثُمَ صَبَّ ماءً في مَغسِلَةٍ وبَدأ يَغسِلُ أرجُلَ التَّلاميذِ ويَمسَحُها بالمِنشَفَةِ التي اَتَّزرَ بِها.6فلمَّا دَنا مِنْ سِمعانَ بُطرُسَ، قالَ لَه سِمعانُ: “يا ربّ، أأنتَ تَغسِلُ رِجليَّ؟”7فأجابَه يَسوعُ: “أنتَ الآنَ لا تَفهَمُ ما أنا أعمَلُ، ولكنَّكَ ستَفهَمُهُ فيما بَعدُ”.8فقالَ لَه بُطرُسُ: “لن تَغسِلَ رِجليَّ أبدًا”.أجابَه يَسوعُ: “إنْ كُنتُ لا أغسِلُكَ، فلا نَصيبَ لكَ مَعي”.9فقالَ لَه سِمعانُ بُطرُسُ: “إذًا يا ربّ، لا تَغسِلْ رِجليَّ وحدَهُما، بلِ اَغسِلْ مَعَهُما يدَيَّ ورَأسي”.10فقالَ لَه يَسوعُ: “مَنِ اَغتسَلَ كانَ طاهِرًا كُلُّهُ، فلا يَحتاجُ إلاَّ إلى غَسلِ رِجلَيهِ.أنتُم طاهِرونَ، ولكنْ ما كُلُّكُم طاهِرونَ”.11قالَ يَسوعُ“ما كُلُّكُم طاهِرونَ”، لأنَّهُ كانَ يَعرِفُ مَنْ سيُسْلِمُهُ.

~شرح النص~

هذا مشهد يوحنّاويّ حصريّ.فبينما نقل الإزائيّون، من عشاء يسوع الأخير مع تلاميذه، خبر تقديس الخبز والخمر، اكتفى يوحنّا بذكر حركة يسوع لمّا قام عن العشاء وغسل أرجل مجاليسه على الطعام.كُتبَ الكثير عن معنى هذه الحركة الغريبة والفريدة، وتكلّمت الدراسات على أنّ في النصّ نفسه تفسيرَين اثنين لهذه الحركة، أُبقيا فيه بالرغم من اختلافهما.التفسير الأوّل يرى في الحركة نوعًا من التطهّر الرمزيّ الذي هيّأ لرموز المعموديّة المسيحيّة(في آيات6–11نجد تعابير عماديّة مثل:الغسل، النصيب، الاستحمام، الطهارة)، والتفسير الثاني يضيء على تواضع الابن وتنازله اللذين تكلّلا بموت يسوع الفادي على الصليب(في آيات12–20نجد التركيز على ضرورة الاقتداء بيسوع في حركته هذه: “يغسل بعضكم أقدام بعض”).بناء على هذَين التفسيرَين، تكون حركة يسوع قد تأرجحت بين معنى أسراريّ(المعموديّة)، وآخر أخلاقيّ(التواضع وخدمة الإخوة).

~تأمل في النص~

هناك، عند الإزائيّين، حبّ يُكسَر ويُبذَل ويُهرَق من خلال جسد الربّ المكسور ودمه المُراق، وهنا عند يوحنّا، حبّ يتواضع وينسحق.يا له من معلّم يعرف أن يفاجئ تلاميذه!الحبّ يفاجئ دائمًا، يعمل ما لا يستطيع العقل أحيانًا أن يفهمه.يسوع لا يتواضع فحسب، لا يحتاج إلى“تمثيليّة”كي يفرض نفسه على أحبّائه.هو بالأحرى يحبّ إلى الغاية.يخلع ثيابه، وكأنّه يخلع مهابته الإلهيّة لينحدر إلى مستوى الأرجل، إلى ذلك الحدّ المذلّ من الإنسان.ما يبدأه يسوع على العشاء سيكمله على الصليب.ما من حبّ حقّ بلا انحدار وانسحاق وتنازل إلى مستوى من تحبّ.الحبّ من فوق تَعالٍ، قد يشوبه شيء من الكبرياء.يسوع ينحدر ليغسل، ليطهّر، ليقبّل…هذا هو جوهر الحبّ الصافي.

~الفكرة الرئيسة~

قبل أن يحقّق يسوع الحبَّ على الصليب،بدأه على العشاء:انحدر وغسل أقدام تلاميذه!

~صلاة~

في عالم يدعوني كلّ يومٍ إلى أن أغلّب مصالحي على مصالح الآخرين، أن أسعى إلى المعالي، علّمني يا إلهي أنّ أحبّ مثلك، أن أتنازل نحو الآخر، كي نرتفع معًا نحوك.آمين.

~قرار اليوم~