مع الكتاب كل يوم - الكتاب الثانيSample

~شرح النص ~

“ماذا يشبه ملكوت الله؟ وبما أشبّهه؟” وكأن يسوع يعلن من خلال هذين السؤالين أنّه وحده القادر على كشف أسرار الملكوت، وأن يرفع القناع عن حقيقته ليفهم البشر. لكن لعدم إمكانيّة إعطاء تحديد واضح لملكوت الله، يلجأ يسوع إلى الأمثال.

يشبه الملكوت “حبّة خردل”، وهي حبّة مشهورة بصغر حجمها، استعملها يسوع في وصفه لقدرة الإيمان العظيمة مهما كان صغيرًا. هذه الحبّة “ألقاها إنسان في بستانه” لأنها بحاجة إلى زرع ورعاية وعناية، “فنمت وصارت شجرة كبيرة”. يبدأ الملكوت صغيرًا ليكتمل في المجد والفرح.

وكما هي العادة في إنجيل لوقا في إدخاله النساء إلى جانب الرجال، يورد مثلاً آخر بطلته هذه المرّة امرأة وموضوعه خميرة في الطحين. في تشبيهه الملكوت بالخميرة وهي عجينة كانت سيّدات البيوت يحتفظن بها من عجنة إلى أخرى. كانت هذه العجينة-الخميرة تبدو وكأنّها فاسدة، كانت سيدة البيت تضعها في العجين، وتترك لها الوقت لتفعل فعلها فتخمر العجنة بأكملها.

~تأمل في النص ~

انطلقت عمليّة نموّ الحبّة الصغيرة “كلمة الله”، وانطلقت معها عمليّة تخمير المجتمع، والنتيجة أكيدة، لأن ما يحدث في الزمن ضروريّ وحاسم لمصير المستقبل وإحقاق ملكوت الله. يستخدم الله في تحقيق مشروعه الخلاصي كلّ القيم الإنسانيّة؛ فقد زرع كلمته حبة صغيرة غير مرئيّة في البستان البشريّ، لكنّها ستنمو وتكبر في أرض الإنسانيّة الطيّبة لتأوي كلّ إنسان في كلّ زمان ومكان. والله قادر على أن يحوّل ما في الإنسان من سلبيّ، كما العجينة الفاسدة التي يمكن أن تتحوّل خميرة تغيّر جوهر الفطير إلى خبز مختمر. وإن كانت الحبة تستمدّ غذاءها من الأرض الطيّبة، فإن الخميرة تعمل في العجين: إنه التفاعل المطلوب بين كلمة الله وإيمان الإنسان، بين المسيح والمؤمنين والمؤمنات، وليس مصادفة أن يكون يسوع قد استعمل حبة الخردل في تشبيهه للملكوت كما في تشبيهه للإيمان (لو 17:6)، وليس مصادفة أن يأتي مثل الخميرة ليكمّل مثل حبة الخردل. إنّ خميرة الإنجيل تعمل في العالم بتواضع وخفية وفاعليّة.

~الفكرة الرئيسة ~

ويبقى أن يسأل كلٌّ منّا ذاته حول الدور المطلوب منّا في نموّ الملكوت؟ وحول احترامنا لطريقة عمله الفاعلة ببساطة وقوّة؟

~صلاة ~

ننظر إلى عالمنا يا رب فنخاف. وكأن لا مكان لنا فيه ونحن أقلّية لا قوّة سياسية أو عسكرية أو مالية لنا. لكنك تقول لنا: قوّتكم في داخلكم، حافظوا على نعمة النموّ كما حبة الخردل، وعلى نعمة العدوى الصامتة كما الخمير. قوّنا يا رب لنعرف قوّة روحك فينا. آمين.

~قرار اليوم ~