مع الكتاب كل يوم - الكتاب الثانيSample

~ شرح النص ~

يروي هذا النصّ الظهور الثالث للمسيح على رسله المجتمعين والمتردّدين أمام تناقل لأخبارٍ حول قيامته وظهوراته. في هذا اللّقاء الذي يسوده الفرح (آ 41)، سيدعو يسوع تلاميذه إلى الخروج من أوهامهم وإلى لمسه والجلوس إلى الطعام معه في تأكيدٍ على الواقع الماديّ الملموس والحقيقيّ للمسيح القائم من بين الأموات. في الوقت عينه وعلى غرار ما حصل مع تلميذيّ عمّاوس، سيعود المسيح ويذكّر تلاميذه بكلّ ما أخبرهم به في السابق حول موته وآلامه وقيامته وحول شهادة كتب العهد القديم على هويّته، وسيجعل منهم شهودًا يبشّرون الشعوب بمغفرة الخطايا باسمه حيث ستكون أورشليم نقطة الإنطلاق نحو العالم. في هذه المهمّة التبشيريّة والمنتشرة على صعيد الأمم، سينال الرسل عضدًا يعدهم به يسوع دون توضيح حول طبيعته، فيطمئنهم بأنّهم سيلبسون قوّة من العلى (آ 49) تؤازرهم في ما سيشهدون به. في أع 1: 5 ستتّضح ماهيّة وصيّة يسوع إلى رسله بملازمة أورشليم وترقّب تحقّق وعده، وسيكون الروح القدس لسان حال الرسل الذي به يتقوّون وبه ينطقون شهادة الحقّ وبه يتعزّون في أقسى التجارب وأصعبها.

~ تأمل في النص ~

ما أصعب خروج الإنسان من نطاق تفكيره الضيّق ومن رؤية الأمور على ما هي لا كما يتخيّلها أو كما هي مرسومة في ذهنه. أنبأت جميع كتابات العهد القديم التي يتقنها اليهود بجدارة عن آلام المسيح وموته وقيامته وعن إعلان بشارة التوبة والخلاص بإسمه؛ وفي الوقت نفسه، كشف يسوع في عدّة مناسبات أمام تلاميذه عن تحقّق هذه النبوءات فيه وهيّأهم لما سيأتي؛ ثمّ بعد موته ودفنه تنامى خبر قيامته من بين الأموات، ومع ذلك ما إن حضر يسوع بين التلاميذ الملتئمين حول الخبر المنقول، حتّى ساورهم الشكّ وظنّوا بأنّهم يرون شبحًا، ذلك أن عقلهم كان عاجزًا عن تصوّر اللا معقول فاحتمى بمعرفته التي أملت عليه بأنّ ما يراه ليس سوى شبحًا. تعوز الإنسان نعمة خاصة من الله لكي يتخلّى عن قناعاته ويدخل في سرّ الحكمة الإلهيّة التي تدبّر أغرب الأمور وأصعبها حلاًّ. لا يترك الربّ البشر في الحيرة والغموض بل يُشركهم في سرّه وينعم عليهم بفتح أذهانهم ليتمكّنوا من تخطّي حدود العقل ويحقّقوا المعجزات في حياتهم بمعونته. صلب ومات وقام من بين الأموات وعاد ليحقّق وعده بجعلنا رسلاً باسمه نعيش فرحًا لا متناهيًا ونحمله إلى كلّ محزون ومتعطّش إلى فرح الخلاص.

~ الفكرة الرئيسة ~

كلّنا نحتاج إلى نعمة خاصّة لندرك حكمة الله في العالم وسرّ وجوده ومحبّته التي بها جاد بابنه الوحيد ليبذل ذاته من أجلنا ويعطينا ملء الحياة. لا يستطيع الإنسان بعقله البشريّ أن يحدّ عظمة محبّة الله ولا أن يفهم تدبيره الخلاصيّ.

~ صلاة ~

يا من وعدت كلّ مؤمن باسمك بـقوّة من العُلى تُعضده في حمل البشارة إلى العالم، أعطني نعمة الفهم كي أكون أداة طيّعة بين يديك لتتميم مشيئتك في كلّ حين. آمين.

~ قرار اليوم ~