مع الكتاب كلَّ يوم- تأملات يومية من الكتاب المقدس- الكتاب الثالثSample

إلاَّ إذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوح(يوحنّا3: 4-8)

~النص البيبلي~

4فقالَ نيقوديموسُ: “كيفَ يولَدُ الإنسانُ وهوَ كبـيرٌ في السِّنِّ؟ أيقدِرُ أنْ يَدخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثانِـيةً ثُمَّ يُولَدُ؟”5أجابَهُ يَسوعُ: “الحقَّ الحقَّ أقولُ لكَ:ما مِنْ أحَدٍ يُمكِنُهُ أنْ يَدخُلَ مَلكوتَ الله إلاَ إذا وُلِدَ مِنَ الماءِ والرُّوحِ،6لأنَّ مَولُودَ الجسَدِ يكونُ جَسدًا ومَولُودَ الرُّوحِ يكونُ رُوحًا.7لا تَتعجَّبْ مِنْ قولي لكَ:يَجبُ علَيكُم أنْ تُولَدوا ثانِـيةً.8فالرّيحُ تَهبُّ حيثُ تَشاءُ، فتَسمَعُ صوتَها ولا تَعرِفُ مِنْ أينَ تَجيءُ وإلى أينَ تَذهَبُ:هكذا كُلُّ مَنْ يُولَدُ مِنَ الرُّوحِ”.

~شرح النص~

في القسم الثاني من الخطاب(آيات5–8)ينقل يسوع الكلام من حدود الخبرة البشريّة، إلى عمل الله في الإنسان القادر، ليس فقط على جعل الإنسان يرى الملكوت، بل على دخوله أيضًا.فالمقصود ليس ولادة من جديد، بل ولادة جديدة بالروح التي ترمز إليه مياه المعموديّة.الولادة“من فوق”هي الولادة من الماء، وهي الولادة من الروح، وهي تفسح في المجال أمام وجود روحيّ مغاير عن الوجود المادي الجسدي، فتحرّره من المعرفة الإنسانيّة البحتة، ومن كل أصوليّة في المعرفة الدينيّة.إنّ الإنسان الروحي هو من يقبل الانفتاح على معرفة جديدة، ورؤية جديدة، لفهم المعنى الروحي في لغة يسوع وأعماله البشريّة.الإنسان الروحي وحده هو القادر على الوصول إلى ألوهيّة يسوع من خلال بشريّته.

كان ينقص نيقوديموس المرور من الاكتفاء الذاتي“نعلم”، إلى“الولادة من فوق”، ولادة روحيّة لهذا الجسد.

هذا ما يتعجّب منه نيقوديموس الفرّيسي، الذي كان يؤمن بأنّ الخلاص محصور ببني إسرائيل المؤمنين بالله، الذين يطبّقون الشريعة بحذافيرها.وضع يسوع نيقوديموس أمام حقائق تقلب كلّ معرفته وكل معتقداته، فتساءل مندهشًا“كيف يمكن؟”.

~تأمل في النص~

لن يحصل جسد على الملكوت، إنّ أهل الملكوت هم أولاد الطبيعة الروحيّة إلى أيّة أمّة انتموا:إن الملكوت مفتوح لكل الناس المنفتحين على عمل الروح القدس.

ليخفي انزعاجه وعدم فهمه تلطّى نيقوديموس بالمزاح:كيف للشيخ أن يولد من بطن أمه من جديد؟ لكن الأمر بالنسبة إلى يسوع لا يمكن أن يكون مزاحًا، فالروح يتمّم المستحيل.والروح ليس على مستوى الجسد، ولطالما بقي الإنسان على المستوى الجسدي، فإنه يبقى“غير مكتمل”.على الإنسان إذًا أن يدخل مستوى الروح ولو لم يفهم كل عطاياه، وكل ما يفعل فينا.إنه عطية“من فوق”، ويأتي“ماء”العماد علامة على قبول الإنسان هذه العطيّة بالإيمان.

~الفكرة الرئيسة~

من يبحث عن طريق السماء مدعوّ لولادة جديدة تؤهّله لرؤية ملكوت الله.

~صلاة~

ما أصعب أن ندخل في منطقك الخلاصيّ يا رب.ما أصعب أن نموت عن عاداتنا وطرائق الصلوات التي نعتقدها مفروضة واجبة، لندخل في صلاة هي صلة حميمة وولادة جديدة في منطق روحك.ما أصعب أن نتحوّل بشرًا“روحانيين”فنسمح لك بقيادتنا نحو الألوهة.قوّنا يا رب لنحقق إرادتك هذه في حياتنا.آمين.

~قرار اليوم~