مع الكتاب كل يوم - الكتاب الثانيExemple

~ شرح النص ~

مع ازدهار البشارة وتوافد العديد من الناس للحصول على الشفاء الجسديّ والانضواء في ظلّ التعليم الجديد، تصاعدت نقمة رؤساء اليهود ولا سيّما الصدّوقيّين منهم الذين امتلأوا غيرة وسخطًا ضدّ من يبشّرون بقيامة الأموات – وهي عقيدة منافية بشكلٍ قاطع لتعليمهم. مرّة جديدة، سيُزجّ رسل المسيح في السجن بانتظار عمليّة استجواب صباحيّة ومرّة جديدة تتدخّل العناية الإلهيّة لتثبت لأتباع المسيح بأنّهم ليسوا وحيدين في معركتهم ضدّ سلطان الظلام ولتنوّر عقول المضطهدين بأنّهم يشنّون حربهم الضروس ضدّ الله مباشرةً. بثّ هذا التدخّل الإلهيّ المزيد من الحماسة في نفوس المبشّرين الذين عاودوا مسعاهم فور خروجهم من السجن، وهذه المرّة أعطاهم الروح توجيهًا مباشرًا للتبشير بما أسماه “تعاليم الحياة الجديدة” ( آ 20) في الهيكل الذي يرتاده طبعًا المؤمنون بالشريعة الإلهيّة. إنّها توصية لتفتيح الأذهان على النبوءات في كتابات العهد القديم كونها تحقّقت بمجيء يسوع المسيح الذي أعطى بموته الخلاص لكلّ مؤمن به والقيامة لحياة أبديّة. لن تثنيَ أعجوبة خروج الرسل من السجن أعضاء السنهدريم اليهوديّ عن قرارهم بقمع الرسالة التبشيريّة ولن يتوقّفوا طويلاً أمام أبواب السجن المغلقة وغير المخلوعة مع كون السجناء باتوا أحرارًا، ولن يبهرهم خبر الرجل بأنّ الرسل لم يلوذوا بالفرار إنّما يواصلون كرازتهم كأنّ شيئًا لم يكن. كل ذلك سيمرّ مرور الكرام في أذهان المجلس اليهوديّ الذي سيواصل تعقّبه العقيم للرسالة الذي أسّسها يسوع الناصريّ وتبنّاها الرسل الأحرار.

~ تأمل في النص ~

السماء تتحرّك ورئاسات اليهود تتحدّى، السماء تكشف عن محبّتها وجماعة الأرض عن حقدها، وبالرغم من الجهل والتعنّت أبواب السجون تتفتّح وكلمة الله تتفوّق. عجبًا لتصلّب قلب الإنسان أمام سعة الرحمة الإلهيّة وتدخلّها المباشر أمام عيونه! لم يتأثّر متعنّتو اليهود لا بمعجزات الشفاء ولا بخروج الرسل من السجن والأبواب مغلقة، بل بقي همّهم الوحيد التعتيم على بشارة المسيح وطمس جميع معالم رسالته في المحيط القريب والبعيد. لم يستوقف اليهود إصرار الرسل على مسعاهم بالرغم من التهديدات المحدقة بهم ولم يسألوا ذواتهم عن السبب الغريب الذي يجعل هؤلاء الأفراد يضحّون بكلّ شيء في سبيل إيمانهم؛ في الواقع لم يترك لنا يسوع الأعاجيب والآيات وسيلة لإثبات إيماننا أمام عيون الناس، فهي عبارة عن خوارق تبهر العقل بشكل آنيّ وتُخضعه لفترة مؤقّتة عن طريق الخوف والذهول، ولكنّه ترك وراءه شهودًا يستميتون في سبيل تمجيد اسمه، شهادة حياتهم وحدها كفيلة بتوليد مؤمنين حقيقيّين. إن كنّا شهودًا للمسيح فنحن مجانين لله نهجر كلّ منطق في سبيله ونموت عن كلّ شهوة لأجل محبّته ونتحدّى كلّ الصعاب لينتصر ملكوته، يُدَلُّ علينا بالأيدي لأنّنا غرباء عن روح هذا العالم وعن إطار حكمته.

~ الفكرة الرئيسة ~

أمام تدخّل السماء المباشر، زاد تعنّت رؤساء اليهود وتمسّكهم بمواقفهم الداعمة لتهشيم رسالة المسيح وإحباط مسعى الرسل في نشر البشارة على أوسع نطاق. لا يهاب الرسول الحقيقّي تهديد البشر، فقد رهن عقله وقلبه ونفسه للمسيح ومات عن كلّ خوف بشريّ لأنّه “قويّ بالذي يقوّيه” (في 4: 13).

~ صلاة ~

زوّدني يا إلهي بالشجاعة لأكون شاهدًا أمينًا على حضورك في وسط ذهول العالم وتنكّره لتدخّلك. آمين.

~ قرار اليوم ~