مع"نيكي غامبل"الكتاب المقدس في عام واحد 2025Sample

ما تحتاج إلى معرفته

عشنا في أوكسفورد لمدة ثلاث سنوات. كانت فترة تدريب من أجل الرسامة في كنيسة إنجلترا وللدراسة من أجل الحصول على درجة في اللاهوت من جامعة أوكسفورد. وبينما كنا هناك لاحظنا شيء خاصا وهو إنه مقارنة بلندن، بدت أوكسفورد غير ميالة نحو الماديات بشكل نسبي. فالناس، عامة، لم تكن للثروة مكانا كبيرا بينهم. كان النجاح يقاس بمعيار مختلف. مال الناس في أوكسفورد إلى أن يكونوا أكثر تأثرا بالأفكار من المال أو الجمال. فالنجاح كان يقاس بمعيار الأوائل الذين يتألقون كالنجوم أو المتميزين أو الحاصلين على شهادات الدكتوراة أو أساتذة الجامعة أو من لديهم أعمال تم نشرها. جعلني هذا أتساءل عما إذا كان الذكاء و"المعرفة" يمكن أن يكونا إلها مزيفا مثلهم مثل المال والثروة. عامة، المعرفة أمر جيد. كما يقول بيل هايبلز، "الحقائق هي صديقتنا". التعليم أمر جيد – القراءة والتعلم والاكتشاف كلها أنشطة جيدة. لكن، كما كتب اللورد بايرون، "ليست شجرة المعرفة هي شجرة الحياة". نحتاج أن نرى "المعرفة" بمنظور سليم. معرفتنا محدودة جدا. كلما عرفنا أكثر، كلما أدركنا كم أن معرفتنا قليلة. الله هو خالقنا وهو وحده يعرف كل شيء. كما توجد أيضا أنواع من المعرفة، وهي ليست جميعها بنفس القيمة. في اللغة الفرنسية توجد كلمتان تعنيان "يعرف". واحدة منهما هي "savoir" وتعني يعرف حقيقة ما، الكلمة الأخرى (*connaître*) وتعني يعرف شخص. الله مهتم أكثر بأن نعرف الناس أكثر من الحقائق. أهم معرفة في كل المعارف هي معرفة الله وأن يعرفنا هو. ومع هذا فليست تلك هي النهاية. لا يكفي أبدا أن تكون لدينا المعرفة – ينبغي أن تكون لديك المحبة أيضا.

المَزاميرُ 95:‏1-‏11

أهم معرفة هي معرفة الله

يبدأ المرنم بدعوة للعبادة والتسبيح والشكر (ع1-2). إننا نعبد، ليس لأننا نشعر بالضرورة إننا نحب هذا، ولا لأن الظروف تسير بشكل جيد. في الواقع، أحيانا نعبد برغم الظروف الصعبة والأوقات الصعبة.

ولا نعبد لأن العبادة تجعلنا نشعر بالضرورة بأننا في حالة جيدة. رغم إننا نشعر غالبا بأننا نحتاج أن نعبد من أجل الحصول على انتعاشة روحية.

لكننا نرى في هذا المزمور إننا نعبد الله بسبب من يكون:

"لأَنَّ الرَّبَّ إِلهٌ عَظِيمٌ،

مَلِكٌ كَبِيرٌ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ...

هَلُمَّ نَسْجُدُ وَنَرْكَعُ وَنَجْثُو

أَمَامَ الرَّبِّ خَالِقِنَا،

لأَنَّهُ هُوَ إِلهُنَا، وَنَحْنُ شَعْبُ مَرْعَاهُ

وَغَنَمُ يَدِهِ" (ع3-7).

يذكر المرنم الشعب بما يعرفونه عن الله. هذا هو أهم نوع من المعرفة – معرفة الله.

في سياق العبادة، غالبا ما يتحدث الله معنا. ليس أن الأمر يعني فقط أن الله قد تحدث في الماضي. فالله يتحدث اليوم. يقول المرنم، "اليوم إن سمعتم صوته ..." (ع7).

في هذا المزمور نرى أيضا نوعا هاما آخر من المعرفة. يقول الله إن الناس يضلون لأنهم "لَمْ يَعْرِفُوا سُبُلِي" (ع10). معرفة واتباع طرق الله هما المفتاح للعيش كما قصد الله لنا أن نعيش.

يا رب، إنني أركع أمامك اليوم وأعبدك. أشكرك لأنك تعرفني ولأنه يمكنني أن أعرفك. وانا إذ أسمع صوتك اليوم، ساعدني حتى لا أقسي قلبي وأضل. لعلني أعرف طرقك واتبعها وأدخل راحتك.

كورِنثوس الأولَى 7:‏36-‏8:‏13

الأمر الأهم ليس المعرفة بل المحبة

رغم أن المعرفة أمر جيد، إلا إنه توجد مخاطر متأصلة فيها. فقد تؤدي إلى الكبرياء وإلى الشعور بالتفوق النابع من "الإلمام والمعرفة بكل شيء". "الْعِلْمُ يَنْفُخُ، وَلكِنَّ الْمَحَبَّةَ تَبْنِي" (1:8).

ليست المعرفة في ذاتها أمرا سيئا. إنها تشبه الملابس الداخلية – من الجيد أن تكون لدينا، ولكن ليس من الضروري التباهي بها! فبدلا من محاولة ترك انطباع لدى الآخرين بما نعرفه، ينبغي أن نحاول أن نشجع ونبني الناس بمحبة.

كما يمكن أيضا للمعرفة أن تؤدي إلى الكبرياء والغطرسة: "فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْرِفُ شَيْئًا، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا بَعْدُ كَمَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَ" (ع2). الأمر المهم حقا في الحياة هو محبة الله وأن نعيش حياة المحبة: "وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُحِبُّ اللهَ، فَهذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَهُ" (ع3).

كما يترجم يوجين بيترسون، "أحيانا نميل إلى الظن بأننا نعرف كل ما نحتاج معرفته ردا على هذه الأنواع من الأسئلة – ولكن أحيانا يمكن لقلوبنا المتواضعة أن تساعدنا أكثر من عقولنا المتكبرة. في الحقيقة، نحن لا نعرف أبدا ما يكفي حتى نعترف بأن الله وحده هو من يعرف كل شيء" (ع1-3).

يستخدم بولس مثال "الطعام المقدم للأوثان" (ع1، 4). الشخص ذو المعرفة يعرف إنه لا بأس من أن يأكل الطعام المقدم للأوثان لأن الأوثان في حد ذاتها لا شيء: "لكِنْ لَنَا إِلهٌ وَاحِدٌ: الآبُ الَّذِي مِنْهُ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ لَهُ. وَرَبٌّ وَاحِدٌ: يَسُوعُ الْمَسِيحُ، الَّذِي بِهِ جَمِيعُ الأَشْيَاءِ، وَنَحْنُ بِهِ" (ع6).

"وَلكِنْ لَيْسَ الْعِلْمُ فِي الْجَمِيعِ" (ع7). لكن ضمير بعض الناس ضعيف. فالأكل من الطعام المقدم للأوثان أمام شخص يشعر بأن هذا خطأ، قد يتسبب في تضليله. فالمهم ليس معرفتنا الفائقة، بل محبتنا للآخرين: "لكن المعرفة ليست هي كل شيء. فإن أصبحت هي كل شيء، ينتهي الحال ببعض الناس ممن يظنون إنهم يعرفون كل شيء أن يعاملوا الآخرين كما لو كانوا لا يعرفون أي شيء. المعرفة الحقيقية ليست بمثل عدم الإحساس هذا" (ع7).

تعترف المحبة بأن "فَيَهْلِكَ بِسَبَبِ عِلْمِكَ الأَخُ الضَّعِيفُ الَّذِي مَاتَ الْمَسِيحُ مِنْ أَجْلِهِ. وَهكَذَا إِذْ تُخْطِئُونَ إِلَى الإِخْوَةِ وَتَجْرَحُونَ ضَمِيرَهُمُ الضَّعِيفَ، تُخْطِئُونَ إِلَى الْمَسِيحِ" (ع11-12). يكتب بولس، "لِذلِكَ إِنْ كَانَ طَعَامٌ يُعْثِرُ أَخِي فَلَنْ آكُلَ لَحْمًا إِلَى الأَبَدِ، لِئَلاَّ أُعْثِرَ أَخِي" (ع13).

المحبة أكثر أهمية من المعرفة. عندما يقيس الله الشخص يضع شريط القياس حول قلبه، وليس حول رأسه. ليس جيدا أبدا أن تكون لدينا مجرد معرفة بأمور كثيرة عن الله؛ اعرفه هو ودعه يملأك بمحبة له وللآخرين. وبتعبير آخر، ليس الأمر متعلقا بما تعرفه، بل بمن تعرفه.

يا رب، أشكرك لأنه، بالرغم من أن مخاطر المعرفة إنها تنفخ، إلا أن المحبة دائما ما تبني. ساعدني حتى أفعل كل شيء من منطلق المحبة لك وللآخرين.

الجامِعَةِ 7:‏1-‏9:‏12

اطلب المعرفة ولكن اعرف حدودها

تمضي الحكمة والمعرفة يدا بيد في سفر الجامعة. فالحكمة والمعرفة هما في الأساس أمران جيدان:

"اَلْحِكْمَةُ صَالِحَةٌ مِثْلُ الْمِيرَاثِ، بَلْ أَفْضَلُ لِنَاظِرِي الشَّمْسِ" (11:7).

"اَلْحِكْمَةُ تُقَوِّي الْحَكِيمَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ مُسَلَّطِينَ، الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَدِينَةِ" (ع19).

"مَنْ كَالْحَكِيمِ؟ وَمَنْ يَفْهَمُ تَفْسِيرَ أَمْرٍ؟ حِكْمَةُ الإِنْسَانِ تُنِيرُ وَجْهَهُ، وَصَلاَبَةُ وَجْهِهِ تَتَغَيَّرُ" (1:8).

تعد السيطرة على الأعصاب مثال على الحكمة لدى الحكماء: "لاَ تُسْرِعْ بِرُوحِكَ إِلَى الْغَضَبِ، لأَنَّ الْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي حِضْنِ الْجُهَّالِ" (9:7).

لكن، يعترف كاتب سفر الجامعة بمحدودية الحكمة والمعرفة. أولا، مهما كان قدر الحكمة والمعرفة الذي لدينا، لا يمكننا أن نكتشف أي شيء بخصوص المستقبل (ع14). ثانيا، توجد خطورة في أن نكون "مبالغين في الحكمة". من الممكن أن تكون لدينا شهوة غير صحية منفصلة عن الله للحصول على المعرفة، وبالتالي تصبح صورة من صور الكبرياء:

"لاَ تَكُنْ بَارًّا كَثِيرًا، وَلاَ تَكُنْ حَكِيمًا بِزِيَادَةٍ. لِمَاذَا تَخْرِبُ نَفْسَكَ؟ لاَ تَكُنْ شِرِّيرًا كَثِيرًا، وَلاَ تَكُنْ جَاهِلاً. لِمَاذَا تَمُوتُ فِي غَيْرِ وَقْتِكَ؟" (ع16-17).

مهما كنت حكيما، غنيا وقويا، "لَيْسَ لإِنْسَانٍ سُلْطَانٌ عَلَى الرُّوحِ لِيُمْسِكَ الرُّوحَ، وَلاَ سُلْطَانٌ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ" (8:8). "الحياة تؤدي في النهاية إلى الموت. هذا كل ما في الأمر" (3:9). لن نعرف أبدا متى تنتهي حياتنا. "لأَنَّ الإِنْسَانَ أَيْضًا لاَ يَعْرِفُ وَقْتَهُ" (ع12).

الله وحده يعلم كل شيء. مقارنة به حكمتنا ومعرفتنا محدودة جدا. وفي النهاية نحن "في يدي الله" (1:9). ينبغي أن نتمتع بالحياة وأن نستغل وقتنا هنا أقصى استفادة. اغتنم الحياة! يستمتع الله بتمتعك! "اِذْهَبْ كُلْ خُبْزَكَ بِفَرَحٍ، وَاشْرَبْ خَمْرَكَ بِقَلْبٍ طَيِّبٍ، لأَنَّ اللهَ مُنْذُ زَمَانٍ قَدْ رَضِيَ عَمَلَكَ ... اِلْتَذَّ عَيْشًا مَعَ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَحْبَبْتَهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاةِ بَاطِلِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ إِيَّاهَا تَحْتَ الشَّمْسِ، كُلَّ أَيَّامِ بَاطِلِكَ، لأَنَّ ذلِكَ نَصِيبُكَ فِي الْحَيَاةِ وَفِي تَعَبِكَ الَّذِي تَتْعَبُهُ تَحْتَ الشَّمْسِ" (ع7، 9).

"كُلُّ مَا تَجِدُهُ يَدُكَ لِتَفْعَلَهُ فَافْعَلْهُ بِقُوَّتِكَ" (ع10). نحتاج أن نستغل كل لحظة وفرصة.

قال يسوع، "وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يو3:17). هذه هي أهم معرفة يمكنك أن تحصل عليها على الإطلاق. وهي تبدأ الآن وتمضي مستمرة إلى الأبد. تضع هذه المعرفة كل الأنواع الأخرى من المعرفة في وضعها الصحيح.

يا رب، أشكرك لأن معرفتك هي بدء الحكمة. ساعدني حتى أستغل كل فرصة في الحياة أقصى استغلال – وحتى أفعل كل ما أفعله بكل قوتي. وساعدني لكي أقوم بكل هذا بمحبة.

Pippa Adds

تعليق من بيبا :

مز5:95

"الَّذِي لَهُ الْبَحْرُ وَهُوَ صَنَعَهُ ..."

لدي احترام صحي (قريب من الخوف) تجاه البحر. متى كنت في قارب أو أقوم بالسباحة في البحر أقول هذه الآية لنفسي.

References

Lord Byron, *Manfred: A Dramatic Poem,* 1816–17. Unless otherwise stated, Scripture quotations taken from the Holy Bible, New International Version Anglicised, Copyright © 1979, 1984, 2011 Biblica, formerly International Bible Society. Used by permission of Hodder & Stoughton Publishers, an Hachette UK company. All rights reserved. ‘NIV’ is a registered trademark of Biblica. UK trademark number 1448790. Scripture marked (MSG) taken from The Message. Copyright © 1993, 1994, 1995, 1996, 2000, 2001, 2002. Used by permission of NavPress Publishing Group.