(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

يُحدِّد الإنجيليّ لوقا أنَّ يد الرجل اليمنى كانت يابسة. هذا تحديد أساسيّ لفهم مسألة شريعة السبت. فاليد اليُمنى هي أداة العمل؛ وإذا كانت يابسة، فهذا يعني أنَّه لا يُمكن لصاحبها أنْ يعمل. من جهة أخرى، قد يعتقد بأنَّ شريعة السبت تنحصر بمسألة عدم العمل يوم السبت، وهذا اعتقاد خاطئ. فشريعة السبت تقول: ستَّة أيَّام تعملون فيها، وفي اليوم السابع لا تأتون بعمَل. احترام شريعة السبت يفترض أوَّلًا عملًا طيلة ستَّة أيَّام حتَّى تأخذ الاستراحة من العمل معناها. فهذا الرجل صاحب اليد اليمنى اليابسة لا يمكنه أنْ يحترم شريعة السبت. شفاء يسوع له يقوده إلى حُسن تطبيق شريعة السبت.

عرف يسوع أفكار معلِّمي الشريعة والفرِّيسيِّين وبأنَّهم يراقبونه إذا كان سيقوم بالشفاء يوم السبت. جادلهم على طريقتهم بأسئلة منطقيَّة ترتبط بشريعة السبت. لم يطرح يسوع سؤالًا حول إمكانيَّة العمل في السبت أم لا، لأنَّ جواب الفرِّيسيِّين معروف. طرح سؤالًا لا يحتمل إلَّا إجابة واحدة: أيحلُّ في السبت عمل خير أم عمل شرّ؟ إنقاذ نفس أم إهلاكها؟ بمعنى آخر، قلَبَ يسوع الموضوع فأصبح عدم القيام بِعمل مع مريض أو محتاج يوم السبت هو عمل شرّ وإهلاك. بهذه الطريقة برَّر يسوع عمله الشفائيّ يوم السبت، وهذا ما يُناقض ظاهريًّا حَرف الشريعة ولكنَّه يتناسب جوهريًّا مع روح الشريعة.

تأمل في النص

شفاء يسوع لصاحب اليد اليابسة هو شفاء لمبدأ العمل. إنَّه شفاء لكلِّ ما يقيِّد الإنسان، لأنَّ الربَّ يفكُّ المأسورين ليجعلهُم أحرارًا. تَعيس هو الإنسان الذي لا يعرف أنْ يدخل في منطق هذا العمل التحريريّ الإلهيّ. بل أكثر من ذلك، إنَّه عمل إلهيّ مجَّاني قام به يسوع، من دون أن يطلب منه صاحب اليد اليابسة. لا يمكِن للحرِّ إلَّا أنْ يعيش حرَِّّيته المسؤولة، وَُيساعد الآخرين من أجل الوصول إلى جوهر الحرَِّّية.

قد يفهَم العمل الذي قام به يسوع بأنَّه كَسر لشريعة السبت في سبيل الشفاء، فيصبح مبدأ "الغاية تُبرِّر الوسيلة (حتَّى المنحرفة) " مشروعًا. ولكنَّ ما قام به يسوع ليس كَسرًا للشريعة. فقبل أن يقوم بعمله أوصل الذين يراقبونه إلى روحانيَّة الشريعة، لأنَّ الحرف يقتل ويترك الآخرين مُكبَّلين، أمَّا الروح الذي هو منطق المُشرِّع الإلهيّ فَيُحيي. يدعونا هذا العمل المتكامل الذي قام به يسوع إلى تبديل جوهريّ في منهجيَّة سلوكنا، لأنَّنا في معظم الأحيان نُكبِّل الآخرين بِاسم المبادئ، في حين أنَّ تحرير الآخرين لا يمكن أنْ يتناقض مع أيِّ شريعة.

الفكرة الرئيسة

يسوع يُحرِّر الإنسان من كلِّ ما يُكبِّله، لأنَّ الخالق منذ البدء أراده حرًّا. هذه هي روحانيَّة الخالق.

صلاة

أعتقد يا ربّ أنَّ أمورًا كثيرة تكبِّلُني وتقف حاجزًا أمام حرَِّّيتي، ولكنَّك وَعَّيتَني على أنَّ الخطيئة هي العائق الأكبر. أعطِني يا ربُّ أنْ أفهم جوهر تحريرِك، فأتحرَّر وَُأحرِّر.

خذ قرارًا لهذا اليوم