(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

يأمر الربّ بأن يوضع تابوت العهد، وهو الكرسيّ الذي يجلس عليه ربّ القوّات، في الغرفة الداخليّة من الهيكل، واسمها قدس الأقداس. فالله يسكن في عمق الهيكل وإليه تتجّه أنظار كلّ المؤمنين في صلاتهم وتضرّعاتهم. ولكن يأمر الله أن ينفصل عن المصليّن بستار ضخم، يوضع على باب قدس الاقداس.

كان الناس ينظرون إلى الله الساكن في الهيكل عبر باب مرتفع جدًّا يقود الكهنة إلى داخل القدس، حيث مذبح البخور والمنارة. وفي عمق القدس يظهر الحجاب الضخم السميك. يمنع العيون من الوصول إلى تابوت العهد. فالله لا يرى، لأنّه سرّ ولأنه يفوق كلّ إدراك وتصوّر. وعلى الإنسان أن يقبل هذه الحقيقة ويقرّ بمحدودّيته. فالإنسان المصرّ على أن يقتحم، ولو بنظره عقر المسكن الإلهيّ ليس بعيدًا من خطيئة أن يزيل الله ليأخذ مكانه. فالحجاب يشكّل درسًا مستمرًا يُظهر الفارق الكبير بين طبيعة الله الخالق وطبيعة الإنسان المخلوق.

والحجاب مصنوع من أفخر القماش وموشّى بتطريزات رائعة ومرصّع بأحجار كريمة. كان ينشر بريقًا رائعًا تحت الأشعة المنبثقة من المنارة ذات الأذرع السبعة، الموضوعة أمامه. كلّ ذلك لأنّ الربّ يريد إظهار مجده أمام أعين الناس ليعرفوه ويحبوه. فهو دومًا الخفيّ الظاهر والغائب الحاضر.

تأمل في النص

من يدرك سرّ الله ومن يقدر على سبر اغواره. فالربّ يسمو العقول والمدارك. صحيح أنّه حاضر في قلوب المؤمنين، ولكنّ حضوره يبقى حضورًا سرًّيا. يتعب كثير من الناس في تحليلات طويلة عن الله، تصطدم دومًا بحائط العجز والقصور. فيتجّه الجاهل بالتالي إلى رفض الله، لأنّه لا يفهمه ولا يقدر على حصره في عقله وضمن معادلاته. والربّ يدعوني أن أقبله كسرّ وأن اقبل محدوديّتي.

المسيح الذي تجسّد ومات من أجلنا، هو من اظهر لنا الله. فهو عندما أسلم الروح، شقّ حجاب الهيكل من فوق إلى أسفل وانكشف السرّ الإلهيّ أمام اعين المؤمنين. إلّا أنّه لم ينكشف سوى أب محبّ يضحّي بابنه الوحيد من أجل خلاص البشر. أمّا سرّه وسرّ طبيعته فبقيت وستبقى سرًّا نرى بهاءها، لا عبر حجاب مرصّع بل عبر الصورة الاكمل للإله المتجسدّ، أي يسوع المسيح، الباقي دومًا وأبدًا في وسط كنيسته، التي هي جسده وهو رأسها.

الفكرة الرئيسة

الله المتعالي أراد أن يظهر لنا ذاته، ولكنّه يطلب أولًا منّا انّ نقبل محدوديتّنا لننفتح على سرّه.

صلاة

اجعلني يا ربّ قادر على النظر إلى وجهك رغم عظمة سرّك، وأن اتأمّل بجماله دون أن أخدشه بتطفّلي الرافض لمحدودّيتي. واجعلني أجد في رّبي يسوع الراعي الصالح الذي يقود كنيسته نحو المراعي السماوية، فأتبع صوته بثقة عمياء، لأنّه هو بذل نفسه من أجلي ليخلّصني.

خذ قرارًا لهذا اليوم