مع الكتاب كل يوم - الكتاب الثانيExemple

~ شرح النص ~

بعد صلاة الابتهال التي رفعها الرسل لاستحضار قوّة الروح القدس، يصوّر لنا الإنجيليّ لوقا مرّة جديدة كما في الفصل الثاني مفاعيل هبوب الروح المعزّي في قلب الجماعة المسيحيّة. إنّها قوّة متجدّدة توحّد قلوب المؤمنين وتجرّدهم من الذاتيّة والأنانيّة ليصبح الفرد للكلّ والكلّ في خدمة الفرد. بعد امتلائهم من الروح القدس، بات سهلاً على المؤمنين التجرّد عن مقتنياتهم وطرحها عند أقدام الرسل علامةً على طرح الثقة في مسعاهم. وقد ساهم هذا التعايش النموذجيّ في تأدية شهادة حيّة بقيامة الربّ وفي إفاضة النعمة وفي البحبوحة الجماعيّة بحيث لم يكن هناك محتاج ( آ 34). في هذا السياق، يحدّد النصّ شخص برنابا كمثل حيّ على نسق التخلّي الفرديّ لصالح المجموعة، وقد قام برنابا – وهو من سيرافق بولس الرسول في مرحلة لاحقة في أسفاره – ببيع ممتلكاته التي كانت تقدّر بثمن باهظ نسبةً إلى نقطتها الجغرافيّة القبرصيّة ووضعها عند أقدام الرسل دون تردّد. طبعًا هذا التحديد لهويّة باذل الأموال الذي أطلق عليه الرسل لقب إبن التعزية وهذا الاعتراف بعمله هو تمهيد يقدّمه لنا كتاب أعمال الرسل كمثالٍ للثقة والأمانة سيجد نقيضه في شخصيّات أخرى يسمّيها الكتاب كاشفًا لنا بأنّ الخيانة والكذب سيخرقان صفوف الجماعة الأولى تمامًا كما خُرِقت دائرةُ الاثني عشر التي كانت ملتئمة حول يسوع في حياته.

~ تأمل في النص ~

لو توقّفت أخبار الرسل عند حدود الشهادات الكلاميّة ومعجزات الشفاء لقلْنا بأنّ حياتهم أسطورة ونهجهم نبويّ يتخطّانا بأشواط بعيدة. ليست العجيبة أن نشفي المرضى والبرص ونقيم الموتى، والدليل على ذلك هو أنّ يهوذا كان من بين الاثني عشر يوم دعاهم يسوع وأعطاهم سلطان طرد الأرواح النجسة والشفاء من كلّ داء وعلّة (مت 10: 1–9)، ناهيك عن أنّ كتابات العهد القديم حافلة بأخبار الآيات والعجائب التي كان الله يؤيّد بها مختاريه. غير أنّ ناقلَ أعمال الرسل حرص على تصوير فرادة الحياة المشتركة التي عاشها المؤمنون بعد إذ امتلأوا من حبّ الله ففاضت في قلوبهم المحبّة نحو القريب إلى درجة بذل الذات والتنازل عن المقتنيات وعن الحقوق الماديّة لصالح المجموعة. هذه هي الأعجوبة الحقيقيّة اليوم والتي اختارها المسيح علامة لتميّز أتباعه في قلب العالم؛ لم يقل لنا: أَظهروا ملكوتي من خلال آيات الشفاء والمعجزات، بل دعانا إلى أن نحبّ بعضنا بعضًا على مقياس محبّته العظيمة لنا، فيكون ذلك دليلاً حيًّا للناس أجمعين على هويّتنا ويعرفوا بأنّنا حقًّا تلاميذ مَنبذل حياته لأجلنا (يو 13: 35).

~ الفكرة الرئيسة ~

لا يجب أن نفتّش عن الأعمال الباهرة التي تولّد الانبهار بصورة مؤقّتة بهدف إثبات حقيقة انتمائنا، بل يجدر بنا أن نتشبّع بروح الإنجيل ونغرف من وصايا المعلّم السماويّ ونثبت في إيماننا كي نثمر عيشًا رسوليًّا في ظلّ حياة مشتركة نشهد فيها لمحبّة بعضنا البعض النابعة من عمق محبّة المسيح لنا.

~ صلاة ~

أعطني يا إلهي نعمة الشهادة لملكوتك في قلب الجماعة ولتكن محبّتنا قطبًا جاذبًا لكلّ من يبحث عن الحقيقة. آمين.

~ قرار اليوم ~