مع الكتاب كل يوم - الكتاب الثانيSample

~ شرح النص ~

هناك منطق عميق في تصرّف بولس، كما في مشروع لوقا اللاهوتيّ، الذي يركّز الاهتمام كلّه، في نهاية كتاب الأعمال، على استدعاء بولس وجهاء اليهود في روما. هذا ما يُظهره الخطاب الذي وجّهه إليهم: سبب وجوده هو المحاكمة التي سيخضع لها لدى السلطة الرومانيّة بسبب شكوى يهود أورشليم عليه. يريد بولس أن يبرئ نفسه أمام بني قومه الذين يواظب على تسميتهم إخوته.

يكرّر إذًا احتجاجه المزدوج بالبراءة: سلبًا، هو لم يفعل شيئًا ضدّ الشعب اليهوديّ ولا ضدّ القواعد الموروثه عن الآباء ( آ 17)؛ إيجابًا، هو يحمل هذه القيود بسبب رجاء إسرائيل ( آ 20)؛ نتعرّف هنا على موضوع دائم في دفاعه، بحسب لوقا، هو هذا الرّجاء الذي هو على الأخصّ رجاء قيامة الأموات. إنّ روما هي بعيدة عن أورشليم، وينبغي ألاّ تتضمّن جماعتها اليهوديّة “محافظين” من حزب الصدّوقيّين. يمكن لبولس إذًا أن يأمل أن يكون مُتابعًا من قبل محاوريه في هذه الأرضيّة اللاهوتيّة، المناسبة لشهادة مميّزة للإنجيل ستتبع بعد هذا التقديم المقتضب.

في هذا الاتصال الأوّل، كان جواب يهود روما لائقًا جدًّا، مع بقائه جوابًا متحفّظًا. يمكننا أن نستغرب بسبب العلاقات التي كانت تربط الجماعات اليهوديّة المنتشرة في الإمبراطوريّة، أنّهم لم يتلقّوا، لا برسالة ولا عبر زيارة، أيّ تحذير من قبل يهود أورشليم أو آسيا من عدوّهم اللّدود؛ لذلك بقوا منفتحين على تبادل أكثر عمقًا حول فكر بولس، لأنّهم لم يكونوا مخدوعين بتقديمه المبهِر، فهموا جيّدًا أنّه لم يعدْ يهوديًّا أورثوذكسيًّا، وأنّه ينتمي إلى بدعة المسيحيّين التي عرفوا أنّها تلاقي في كلّ مكان معارضةً أو احتجاجًا.

~ تأمل في النص ~

ما يلفت الإنتباه في تصرّف بولس أنّه لم يُبرم حكمًا مسبقًا بحقّ يهود روما، ولم يعمّم إختباره مع يهود أورشليم على كلّ اليهود في كلّ الإنتشار، بل دعاهم وتكلّم معهم بلغة الأخوة شارحًا موقفه بكلّ رُقيّ وموضوعية، لذلك لاقى آذانًا صاغية من قبل من يجب أن يكونوا خصومًا له. وذلك يعلّمنا ألّا نضع أحكامًا مسبقة بحقّ أحد وأنّ التعميم مشكلة كبيرة في القدرة على التواصل مع الآخر.

~ الفكرة الرئيسة ~

يعلّمنا بولس ألا نضع أحكامًا مسبقة بحقّ أحد وأنّ التعميم مشكلة كبيرة في القدرة على التواصل مع الآخر.

~ صلاة ~

يا ربّ أريد أن أرى الناس من خلال عيونك لأرى في كلّ شخصٍ فرادته.

~ قرار اليوم ~