(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

لم يرض الربّ باسمعيل ابنًا للوعد تأكيدًا على أنّه أقام عهده مع سارة كما أقامه مع إبراهيم. ونجد كيف في زيارة الملائكة الثلاثة، يظهر إبراهيم تمسّكه بالله وصبره الجميل. وفي لوحة مقابلة نجد أنّ سارة، وهي المعنيّة بالدرجة الأولى بهذا الخلاص، تضحك وتشكّ. تفكّر سارة أنّها بشرًّيا لم تعد قادرة على نوال هذه النعمة. وهكذا فهي تنسى أنّها ليست الآن في حضرة بشر ولا الكلام الذي يقوله الملائكة هو شرح أو تفسير للطبيعة ولإمكاناتها. بشارة الملائكة تحمل إرادة الله التي تتخطّى كلّ الحدود وتفوق كلّ الإمكانات.

والله الكلّي الرحمة، أراد أن يقدّم لسارة دليلًا ملموسًا يساعدها في تخطّي الشكّ وانفتاح قلبها على النعمة. لذلك أعلن أنّ سارة ضحكت، في الوقت الذي هي متخفّية وراء باب الخيمة، وردّد نفس الكلمات التي قالتها في سرّها. يريد الله أن يذكّرها أنّه يرى ما لا يُرى ويعرف ما لا يعرفه الآخرون. هو الكلّي القدرة.

هذا التصرّف من قبل الله هو نعمة جديدة نابعة من قلب الله المحبّ. أمّا سارة، التي لم تتخطّى الفكر البشريّ المسيطر عليها، اعتبرت قول الربّ كأنّه يشي بها أو يتّهمها. لم تفهم محبّة الله لها.

تأمل في النص

غريب الإنسان! يتمسّك بكلّ جوارحه بأمر ما، ويذيب قلبه في الصلاة من أجله، وما إن يقترب تحقيقه حتّى يبدأ عقله في العمل ليحلل ويقيم الحسابات التي تدلّ على الاستحالات البشرّية أمام تحقيق مبتغاه. وينسى الإنسان أنّه بين يديّ ربّ قدير، هو ضابط الكلّ بحكمته. يتحوّل العقل أحيانًا إلى شيطان يضعنا في تجربة الشكّ وعدم الإيمان. عندما نتبع الله، علينا أن نتذكّر دومًا أنّه فوق الطبيعة وأكبر من قدراتها، لأنّه هو خالقها. هو فوق النظم الطبيعيّة لأنّه هو واضعها. 

من ناحية ثانيّة نجد نوال العجيبة، كما حدث مع سارة، لا يقودنا وحده إلى الإيمان. بل الإيمان الحقيقيّ يحتاج انفتاح القلب على الله والدخول معه على نفس الموجة لنفهم تدابيره ونسلّمه ذاتنا. هذا هو الباب الأساسيّ للعلاقة مع الخالق والمخلّص.

علينا أيضًا، أن نقرأ علامات الأزمنة. فالربّ يستعمل أحيانًا التأنيب والسبل القاسية بعض الشيء، عندما أفشى أمر ضحك سارة، ليقودنا إلى الخلاص. التربية الإلهية هي تربية حقيقية تقوم على الثواب والعقاب المؤدّب. علينا أن نفهم ما يقدّمه الربّ لنا من دروس وأن نشكره عليها.

الفكرة الرئيسة

العقل لا يقدر على فهم السرّ الإلهيّ، لذلك نحن مدعوّون أن نفتح قلوبنا له. علينا أن نقبل التربية الإلهيّة لنا التي تضع أحياًنا الإصبع على الجرح، لا لتنكأه بل لتداويه.

صلاة

افتح اللهم قلوبنا على فهم حكمتك وقدرتك وتدابيرك الخلاصيّة. لا تسمح لنا أن ننسى أنّك أنت ربّ الكون وخالقه وأنّ لا شيء غير مستطاع لديك. وعلّمنا أن نقبل منك كلّ تدبير تربويّ.

خذ قرارًا لهذا اليوم