(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

من مجريات الأمور، يتوقّع القارئ أن يشهد عملًا تدميرًّيا يقوم به الملائكة، عقاًبا لأهل سدوم الذي حاولوا الإساءة لهم والتعدّي عليهم. ولكنّ النصّ يرينا أنّ كلّ ما فعله الملائكة هو العمل على إنقاذ لوط وكلّ عائلته. الله هو دومًا المخلّص، يبحث عن البار ويعمل على حمايته وإنقاذه من كلّ شرّ. لا يهتمّ بأن يكون دّيان الخطأة، فالخطيئة هي من تدين الخاطئ وتدمّره. لا حاجة إذًا لتدخّل الله في هذا الأمر؛ فهو أمر مقضيّ.

بالرغم من أنّ سدوم فسدت بأكملها وعمّ فسادها حتّى وصل إلى التعدّي على الله نفسه، لم ينسى الله أنّ فيها لوط البار ولم يتخلّى عنه، بل دبّر كلّ ما يلزم لإنقاذه. الربّ قدير وهو لا ينسى البار أبدًا. هذا هو دور الربّ في الكتاب المقدّس وفي حياتنا اليوميّة، أن يخلّص البار، أينما كان ومهما كانت المخاطر المحدقة به. نجد أيضًا في اّيام نوح أنّ الأرض كلّها امتلأت شرًّا، لكنّ الله لم ينسى نوحًا البار، بل خلّصه بواسطة الفلك. وها هو يسرع الآن إلى أّتون الشرّ المستعر في سدوم، لا لشيء بل لينقذ لوط، لأنّه بار.

وأجر البار الذي يعيش وسط عالم الشرّ أكبر مّمن يحيا في دنيا الخير. فالأوّل يجاهد نفسه للتمسّك بالربّ ويقاوم الإغراءات والتجارب. والله يرى بعين الرضى جهاد أحبّائه.

تأمل في النص

من كان مع الله لا يُنسى أبدًا. بل يجد الربّ عن يمينه، يحرسه ويرعاه، فلا يعوزه شيء. الربّ يُنقذ البار من براثن الشرير ومن طغمات الأبالسة ومن النيران فلا تمسّه بأذى. وعد الله أحبّاءه بالخلاص، ووعده صادق أمين. يحاول المجرّب أن يزعزع إيماننا وثقتنا به. يصوّر لنا الهلاك محيط بنا، يخنقنا.

يسوّد لنا الأفق ويسدّ المخارج. إلّا أنّ المؤمن الحقيقيّ، ورغم أنّ عيناه لا تريان بصيص نور، يُدرك في أعماق قلبه أنّ الربّ قريب وأنّ الخلاص على الأبواب. يسلّم نفسه بين يديّ الله كما الطفل الرضيع بين يديّ والده. يستريح قلب المؤمن بالله ويجد السلام عن يمينه وعن يساره.

المهم أن لا ينجرف الإنسان بتيّار الشرّ العارم. حتّى ولو تخلّى الجميع عن الربّ، أنا مدعوّ للتمسّك به، فهو جزائي الحسن وهو نصرتي ومخلّصي. يسعى المجرّب إلى إحباط عزيمتي إذ يريني أنّ الجميع تخلّوا عن الطريق القويم. ويدعوني أن أفعل مثلهم. يسوّد لي البقاء منفردًا. ويسهّل لي درب الخطيئة بحجّة أنّ الجميع يفعلونها. كذب كلّ ما يقوله الشرّير فلا خير ولا رجاء ولا صلاح خارج عن الربّ. وإن سلكت معه سوف ينجّي نفسي ويحرسني كترس لي وينصب اسواره حولي فلا يقوى عليّ أعدائي.

الفكرة الرئيسة

الله هو مخلّص البار أكثر مّما هو دّيان الخطأة. لا ينسى الربّ وعده لأحبّائه أن ينجّيهم من الشرّ والأشرار، إذا ما تمسّكوا به وحافظوا على الأمانة معه.

صلاة

افتح يا ربّ عينيّ لأرى دومًا شناعة الخطيئة، فلا أنغشّ بأكاذيب المجرّب ولا تتراخى همّتي في الجهاد الدائم للتمسّك بك وبطريقك. وقوّني على المسير في الدرب الصحيح مهما قلّ السائرون فيه وحتّى ولو خُيّل إليّ أنّني اسير فيه وحدي. فأنت دومًا رفيقي وأنت النجم الذي يضيء سمائي.

خذ قرارًا لهذا اليوم