(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

يُمهِّد يسوع لمثل الغنيّ الغبيّ بتوجيه واضح: تحفَّظُوا من كلِّ طمع، فما حياة الإنسان بكثرة أمواله؛ وُينهيه بتشبيه مصير الغنيّ الغبيّ بمصير كلِّ من يجمع لنفسه ولا يغتني بالله. تعطي هذه الإحاطة المفهوم الأساسيّ لشرح هذا المثل.

في مرحلة أولى، عندما نقرأ طريقة تصرُّف الغنيّ الذي أغلَّت أرضه، قد نتفاجأ من قَول الله له: يا غبيّ. إنَّه رجل منظَّم وعملانيّ، فما هو خطأه؟ أين تكمن غباوته؟ صحيح أنَّه دبَّر غلَّاته وعمل لحياتِه كأنَّه يعيش أبدًا؛ لكنَّه نسي أن يعمل لآخرتِه كأنّه يموت في اليوم التالي. ماذا كان عليه أنْ يعمل؟ حَصَر غلَّات أرضه وخيراته بنفسه، ولم يسع لمشاركة الآخرين بها. أنانيَّته جعلته يعتبر أنَّ عطايا الله له تنحصر فيه فقط. بقي عمله على مستوى أرضيّ: مخازن أرضيَّة، ولم يجعل له كنزًا في السماء.

قد يبدو لنا لأوّل وهلة أنّ الربّ يسوع يرفض حُسنَ التدبير والحذاقة. في الواقع ما ينتقده يسوع هو اعتبار راحة النفس والتنعُّم مرتبطَين بخيرات الأرض الزائلة. فحُسن التدبير المسيحيّ ينطلق من الوقوف أمام واقع الموت أو بالأحرى الحياة الثانية وصولًا إلى إعداد الخيرات التي تُرافقنا إلى هُناك.

تأمل في النص

يحقّ لكلّ إنسان تحسين مستوى عيشه والتحلّي بالطموح. يأتي تحذير يسوع من الطمع ليَدُلّ على الأولويّة: إنّها ادّخار الخيرات التي ترافقك بعد الموت؛ إنّها الاغتناء بالله. لا تنسَ، إذا أتتك الخيرات الزمنيّة، أن تستعملها كلّها بمخافة الله. فما أعطي لك يبقى هنا إذا لم تُحسن استعماله.

ممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الموت هو خاتمة كلّ الأشياء الأرضيّة الزمنيّة. والإيمان المسيحيّ يُركّز على حقيقة الحياة التي تلي الموت. يأتي مثل الغنيّ الغبيّ ليطرح على كلِّ مؤمن هذا السؤال: هل تعتقد أنّ ما أعدَدتَه سوف يُرافقك بعد الموت؟ هل يُمكنك أن تعتبر أنّ ثمار أعمالك قد تخطّت الأرضيّات؟ بمعنى آخر، لو كنت مكان ذاك الرجل الغنيّ، ماذا كُنتَ تُقرِّر؟ ألا تَعتقد أنّك في مُعظم الأحيان تَتَصرَّف مثله؟ هل قرَّرت أن تجنيَ غلَّة تُرافقك حتّى بَعد أن تُطلب نَفسك منك؟

الفكرة الرئيسة

ما يُطلب من المؤمن هو أن يجعل على هذه الأرض من بيوت الفقراء أهراءه، حتَّى تترفَّع نفسه عن الكنوز الأرضيَّة ويتعلَّق قلبه بالسماويَّات.

صلاة

وَعِّني يا ربُّ كلَّ يوم على أنَّني لست جزيرة، بل عضوٌ في جسدك الكنسيّ. اجعلني أوَجِّه كلَّ المواهب التي تمنحني إَّياها لتحقيق هذه الشراكة وتنميتها.

خذ قرارًا لهذا اليوم