(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

بعد التوقّف في الفصل السادس على علاقة الإنسان بالله، يخصّص القديس متى كامل الفصل السابع ليضع الخطوط العريضة لخريطة علاقة الإنسان بالإنسان، فيبدأ بتطهير هذه العلاقة، ابتداءً من النظرة ترجم يسوع علاقته بالآب من خلال محبّته وخدمته للبشر، وقد جعلهم له إخوة. يعرف الله طبيعة العلاقات بين البشر وكيف يشوّهها الضعف الإنساني، كما يعرف ميل الإنسان الطبيعيّ إلى إدانة الآخر. لذلك يفتتح كلماته ب "لا تدينوا" . 

يدعونا يسوع إلى الانتباه وإلى عدم إطلاق الأحكام العشوائيّة على الآخرين، لأنّها تشيّد الحواجز فتخلق هوّة بين الإنسان وأخيه. إنّ نظرة الإنسان إلى أخيه يجب أن تجسّد المفهوم المسيحي الذي يجعل من الجميع أولادًا لأب واحد ندعوه "أبانا"؛ أما الحكم على الآخر فيجعل منّا منافسين نقيّم إخوتنا بالنظر إلى مشكلتهم وليس بالنظر إلى جوهرهم الروحيّ الذي يقرّبنا منهم. الله وحده هو القاضي والديّان، لأنّه وحده القادر على التمييز. ولأنّ الحياة الأبديّة تبدأ منذ الآن، يعلن يسوع بوضوح أنّ من زرع المحبّة يحصدها من قلب الله، ومن عرف كيف يعذر يعذره الله والناس. فيجدر بالمؤمن إذًا إصلاح الذات أوّلًا قبل محاولة إصلاح الغير.

تأمل في النص

من يحكم على الآخر هو أعمى البصيرة، لا يستطيع أن يرى روعة الخلق في الإنسان أخيه.

لذلك يطلب يسوع من أتباعه مواجهة عمى البصيرة وتنقية الذات قبل إدانة نقاء الآخرين. إنّ النظر المعاق بخشبة لا يخوّل صاحبه التميّز، فما على هذا المعاق إلّا الإقرار بالمرض والاستعانة بالدواء الناجح ألا وهو فحص الضمير وبتر كلّ الأحكام.

هذا كان موقف القديس بولس الذي كان قبل ارتداده يرى الكلّ مخطئًا يستوجب السجن والقتل. لكنّه عندما أيقن أنّه أعمى ونظرته مغلوطة، عاد إلى قرارة ذاته، فسقطت القشور عن عينيه وتفتّحت بصيرته، فكتب في رسالته إلى أهل كورنثوس: "أنا لا أدين أحدًا ولا أسمح بأن يدينني أحد، الله هو دّياني" .

بهذا نتحوّل إلى إخوة وأخوات يسدون النصائح البناءة لبعضهم البعض. وحدها المحبّة تحوّل الخطأ إلى إرشاد أخويّ يوّلد السلام في العِيَل والمجتمعات والأوطان.

الفكرة الرئيسة

لا يمكن لغير الأنقياء أن يدّعوا تنقية غيرهم. الرب وحده ديّان البشر، وما الناس إلّا إخوة مطلوب منهم أن يخدم أحدهم الآخر ليصلوا جميعًا إلى الملكوت.

صلاة

أعطني يا رب نعمة الروح القدس القادر أن ينير بصيرتي فأعرف ضعفي، وهبني الشجاعة للإقرار به، والجرأة على التوبة وإصلاح الذات. آمين.

خذ قرارًا لهذا اليوم