(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

التطويبات (مت 5: 3– 12) هي أنجلة للحياة الإنسانيّة. يعلّمنا يسوع من خلالها ألّا نقيّم الحياة على المنظور بل على اللامنظور أي على أساس الملكوت. فالرب يقيّم لا بحسب المنطق البشري بل على أساس القلب المتواضع )المساكين بالروح(. هذا لا يعني دعوة إلى التخاذل والهرب من الصعوبات، فالمسيحيّة بُنيَت على أساس العدالة الاجتماعيّة. لكن التطويبات هي خيارات يسلكها الإنسان في اّتباعه طريق يسوع. التطويبات دعوة إلى الرجاء في حياة يتساوى فيها كلّ أولاد الله لأنّ كرامتهم الإنسانيّة واحدة.

وهنا تأتي الطوبى الأولى لتصدم منطقنا الإنساني: هل يمجّد الله الفقر وقد علّمنا الكتاب المقدّس أنّ الخيرات المادّية نعمة من الله؟

لا، لأن الرب يتكلّم عن "المساكين في الروح"، الذين يعرفون دومًا فقرهم إلى الروح الإلهي في حياتهم اليوميّة. هم الذين رفضوا ويرفضون مخالفة إرادة الله وضميرهم بالرغم من كلّ الفساد المنتشر في المجتمعات. إنّهم الذين يتمسّكون بالرب في وجه تيارات المال والشهوة والسلطة. 

"المساكين في الروح " هم الذين يتمسّكون بالحقّ فلا يقبلون الأساليب الملتوية، ولذلك نراهم يخسرون الكثير من الفرص والكثير من الحقوق في عالم أخذت فيه أساليب الشرّ الملتوية مكانًا واسعًا.

لكن هؤلاء "المساكين" الذين قبلوا أن يكونوا فقراء اجتماعيًّا ومادًّيا، هم بالتأكيد أغنياء بالله. والله يرى ويعرف ولا بدّ آتٍ لنصرة أحبّائه.

تأمل في النص

"المساكين في الروح " هم الشعب الأمين الذين "أبصروا نورًا عظيمًا ". باعوا الدنيا من أجل الآخرة. استهانوا بممالك الأرض من أجل ملكوت الله. تركوا سلاطين الأرض وعظمائها من أجل الرب الإله.

هؤلاء هم من يرى فيهم يسوع مثال المؤمنين الحقيقيّين والشهود الصادقين فيضعهم في بداية التطويبات. ولأنّهم تركوا كلّ شيء من أجل التمسّك به فإنّهم أوّل من سينالون الملكوت الذي فضّلوه على كلّ شيء. هؤلاء "المساكين" الأبطال هم مثالنا وقدوتنا في حياتنا المعاصرة. نحن نحيا تحدّيات الحياة الأسهل، فنحن مدعوّون إلى اّتخاذ الخيارات البطوليّة عينها. وإن أحسنّا الخيار سيكون لنا جزاء "المساكين" الذين سبقونا على الطريق عينه حاملين الصليب وراء يسوع.

الفكرة الرئيسة

الغنى الحقيقي هو غنى "المساكين بالروح " الذين يختارون الفقر الإلهي على رجاء الاتّحاد بالله مصدر كلّ الغنى. هؤلاء المساكين هم "فقراء الله" الواقفين سدًّا منيعًا في وجه كل مال حرام وكلّ مكسب ظلم، وكلّ انجرار في طريق الشرّ.

صلاة

أعطني يا رب نعمة التمييز بين شهوة المال وسلطانه، وبين الرغبة في غناك الحقّ الأبدي. أعطني الشجاعة لأكون من مساكينك الساعين إلى ملكوتك والمتّكلين على قدرتك وحدها. آمين.

خذ قرارًا لهذا اليوم