YouVersion Logo
Search Icon

قصص الأنبياء - التّكوين 37

37
بسم الله تبارك وتعالى
قصّة النّبيّ يوسف عليه السّلام
—•—
مدخل إلى قصّة يوسف
يحتلّ النبي يوسف مكانة كبيرة في التوراة وفي القرآن، ويتمتّع بمقام مرموق في الدّيانات الإبراهيمية. ومع أنّه أصبح عبدا بعد أن باعه إخوته لبعض التجّار، رفعه الله إلى منصب وال على مصر وأنقذ أهله وكثيرين غيرهم من مجاعة شديدة عمّت البلاد. ويُعرف النّبي يوسف بتفسيره للأحلام وكان وسيلة فضل الله كما نرى في سورة يوسف: 6.
كان يوسف (عليه السلام) ابن النّبي يعقوب من زوجته راحيل، ونشأ في بلاد كنعان (أي ما يُعرف اليوم بفلسطين) إلى جانب إخوته الأحد عشر وأخته دينا وربّما كان لديه أخوات أخريات. كتب المؤرخ اليعقوبي: "وكان يوسف أحبّ ولد يعقوب إلى يعقوب لأنه كان أجملهم وجها، وكانت أمّه أحبّ نسائه إليه". لذا خاط يعقوب ثوبا مميّزا لابنه يوسف لكي يظهر محبّته له. وعندما كان النّبي يوسف في السّابعة عشرة من عمره وهبه الله منامين أظهر فيهما أنّه سيحظى بسيادة بين أفراد عائلته وهو ما أغضب إخوته كثيرا وفي النّهاية تآمروا على قتله.
ولكنّهم بدلا من ذلك رموا يوسف (عليه السلام) في بئر وانتشله جمع من التجّار، فأخذوه معهم في قافلتهم إلى مصر حيث باعوه عبدا لرجل يُدعى فوطيفار عزيز مصر. وأخبر الطّبري في تاريخه عن يعقوب وابنه يوسف: "وكان ابنه يوسف قد قُسِم له ولأمِّه من الحسن ما لم يقسم لأحد من الناس". وحُسن النّبي يوسف جعله موضع اهتمام زوجة العزيز التي راودته عن نفسه (انظر سورة يوسف: 23). ولأنه رفض ذلك وفرّ منها هاربا، اتهمته أمام زوجها بالخيانة فرماه في السجن.
وفي السجن منح الله النّبي يوسف القدرة على تفسير الأحلام وهذا ما جعله في النهاية في محضر فرعون الذي رأى منامين ولم يستطع أحد تفسيرهما، ولكن النبي يوسف فسّرهما بمهارة، وأخبر فرعون أنهما بمثابة تحذير موجّه إليه ليحذّر شعبه بأن مجاعة كبيرة على وشك أن تحدث. واختار فرعون أن يرفع النبي يوسف إلى أن يكون واليا على مصر وكلّفه بمهمّة تحضير البلاد لمواجهة المجاعة. وهكذا أصبح النّبي يوسف سببا في نجاة والده يعقوب وأهله من المجاعة، بل نجا الشعب المصري بأكمله بالإضافة إلى كثير من الناس من البلاد المجاورة.
ونرى في قصّة يوسف (عليه السلام) وفاء الله لتحقيق وعوده الموجّهة لعباده المخلصين المتواضعين رغم كلّ ظروفهم العويصة. إنّ الله هو المهيمن على التاريخ لا ريب ويدير مجراه لكي يعرف الناس صفاته الحميدة فهو الرحمن الرحيم، ولتحلّ عليهم النجاة. ونرى في شخصيّة النّبيّ يوسف صفات اللطف والصبر والمسامحة لإخوته الذين ظلموه. وتفوق هذه الصفات الرّوحانية صفات الحسن الجسدية، لذلك أصبح قدوة لنا في الإيمان والأخلاق.
—•—
النبي يوسف وإخوته
1وأقام يعقوب (عليه السّلام) في أرض كنعان، حيث عاش أبوه من قبل. 2وهذه سيرة آل يعقوب: لمّا كان يوسف (عليه السّلام) شابًا في السابعة عشرة من عمره، كان يرعى الغنم مع إخوته أبناء بِلْهَة وزِلفَة زوجَتي أبيه، وكان يخبر أباه بما يرى من سيئاتهم. 3وكان النبي يعقوب يحبّ ابنه يوسف أكثر من بقيّة أبنائه لأنّه ابن شيخوخته. وخاط له قميصًا مميّزًا. 4وكان إخوته يبغضونه لأنّ أباهم يحبّه أكثر منهم جميعًا، وبلغ بغضهم له درجة أن لا يكَلِّموه كلمةً طيّبةً واحدة.
5ورأى يوسف (عليه السّلام) ذات ليلة في منامه رؤيا، ولمّا أخبر إخوته بما رأى ازدادوا له بغضًا. 6قال لهم يوسف (عليه السّلام): "أصغوا إلى هذه الرؤيا التي جاءتني في المنام، 7إذ رأيتُ أنّنا نحزِم حُزَمًا من القمح في الحقل، وفجأةً وقفت حزمتي وانتصبت ثمّ أحاطَت بها حُزمكم وانحنت لها". 8فأجابه إخوته: "أنت ذو كبْر عظيم! أتحسب أنّك ستكون علينا ملكا أو تتملّك رقابنا؟" وزاد بغضهم له بسبب أحلامه وحديثه عنها. 9وبعد فترة قصيرة رأى يوسف (عليه السّلام) في منامه رؤيا أخرى، ورواها لإخوته قائلاً: "أصغوا إليّ، لقد رأيتُ في منامي مرّة أخرى: رأيتُ الشمس والقمر وأحد عشر كوكبًا لي ساجدين". 10ونهره أبوه حين روى عليه وعلى إخوته قائلاً: "ما هذا الّذي رأيته؟ أنأتي أنا وأُمّك وإخوتك وننحني أمامك أرضًا؟" 11وحسده إخوته كثيرًا، ولكنّ أباه يعقوب (عليه السّلام) أخذ يتأمّل في معنى أحلام ابنه ودلالاتها.
إخوة النبي يوسف يبيعونه
12وذهب إخوة يوسف (عليه السّلام) ذات يوم ليرعوا غنم أبيهم في منطقة شَكيم، 13وبعد مضي فترة من الزمن، قال يعقوب ليوسف (عليهما السلام): "إنّك تعلم أنّ إخوتك يرعون الغنم عند شَكيم، وعليّ أن أُرسلك إليهم حتّى أَطمئنّ عليهم". قال يوسف (عليه السّلام): "لك ما تريد يا أبي". 14فأجابه: "اِذهب واطمئنّ على إخوتك وعلى المواشي، وعُدْ بسرعة وأخبرْني عن أحوالهم". وأَرسله من وادي حَبرون حيث يقيمون، فجاء إلى شَكيم. 15وصادفه رجل وهو يتجوّل في البادية، فسألَه: "عمّن تبحث؟" 16فأجابه (عليه السّلام): "أبحث عن إخوتي. هل تعلم أين يرعون غنمهم؟" 17أجابه الرجل: "لقد رحلوا من هنا، وسمعتهم يقولون: "دعونا نذهب إلى دُوثان". فاقتفى يوسف (عليه السّلام) أثرهم، فوجدهم في دُوثان.
18وعندما لمح إخوة يوسف (عليه السّلام) أخاهم يقترب منهم تآمروا على قتله. 19فقال بعضهم لبعضٍ: "ها هو صاحب الأحلام مُقبل. 20تعالوا نقتله ونرميه في إحدى الآبار، ثمّ نخبر أبانا أنّ وحشًا شرسًا افترسه، وسنرى كيف ستنفعه أحلامه". 21فسمع رأوبين، فأنقذه من قبضتهم وقال: "لا نقتلُه! 22ليس لنا أن نسفك دمًا. بل اطرحوه في هذه البئر هنا في البادية، حتّى نتخلّص منه ولا نمدّ إليه أيدينا بأذًى". وكانت غاية رأوبين أن ينقذ يوسف (عليه السّلام) من إخوته ويُرجعه لأَبيه سالمًا. 23وعندما وصل يوسف (عليه السّلام) إلى إخوته نزعوا عنه قميصه الملوّن، 24وأخذوه وطرحوه في البئر، ولم يكن بالبئر ماء. 25ولمّا جلسوا ليتناولوا طعامهم، لمحوا من بعيد قافلةً من بني إسماعيل قادمة من بلاد جِلْعاد، وجمالها مُحمّلة بالتوابل والبَلسم والصمغ الباهظ الثمن من شجر المُرّ، وكانت في طريقها إلى مصر. 26فقال يَهوذا لإخوته: "ماذا نستفيد إن قتلنا أخانا وأخفينا موته؟ 27دعونا نبِعه لهؤلاء التجّار من بني إسماعيل ولا نؤذيه، فهو أخونا من لحمنا ودمنا". فوافق إخوته.
28وحين وصل هؤلاء التجّار من مِديَن، أمسك الإخوة يوسف (عليه السّلام) وأخرجوه من البئر. وباعوه لهم بعشرين قطعة من الفضّة، فأخذته القافلة إلى مصر. 29وعاد رأوبين إلى البئر ليخرج يوسف (عليه السّلام)، فلم يجده هناك، فمزّق من شدّة الحزن ثيابه 30وعاد إلى إخوته وقال لهم: "أخونا غير موجود، وماذا أفعل الآن؟" 31وذبحوا تيسًا من المعز وأخذوا قميص يوسف (عليه السّلام) وغمسوه في دم التيس. 32وأرسلوا القميص المُلوّن إلى أبيهم وقالوا: "وجدنا هذا. فتحقَّقْ منه، أليس هذا قميص ابنك يوسف؟" 33وعرف النبي يعقوب قميص يوسف وقال: "هو قميص ابني. لا شكّ أنّ وحشًا قد افترسه، ومزّقه تمزيقًا". 34وشقّ النبي يعقوب ثيابه ولبس خيشًا حِدادًا على ابنه، وناح أيّامًا طوالاً. 35وحاول جميع أبنائه أن يعزّوه، فرفض العزاء قائلاً: "لن أكف عن النواح على ابني حتّى أنزل إلى دركات الموت". وبكى النبي يعقوب بكاء مُرًّا. 36أمّا يوسف (عليه السّلام)، فوصل به تجّار مِدْيَن إلى مصر، وباعوه للعزيز فوطيفار، وهو أحد رجال حاشية فرعون وقائد الحرس.

Highlight

Share

Copy

None

Want to have your highlights saved across all your devices? Sign up or sign in

YouVersion uses cookies to personalize your experience. By using our website, you accept our use of cookies as described in our Privacy Policy