معلومات عن خطة القراءة‌

سفر الرؤياعينة

سفر الرؤيا

يوم 13 من إجمالي 30

اليوم 13: التفاصيل (الأحداث القادمة - الختوم السبعة)


وفق الرؤيا ٤: ١-٢، حصلت هذه الرؤى أمام العرش السماوي وكشفت عن الأحداث القادمة التي كانت لا تزال في المستقبل في أيام يوحنا. وهي تتوجه إلى كل الكنائس معاً، وتركّز بصورة خاصة على المستقبل كصراع كبير بين قوى الخير والشر. والقصد من هذه الرؤى هي تشجيع قرّاء يوحنا الأولين على البقاء أمناء خلال صراعهم مع الخطيّة والشيطان، لأن انتصار الله المستقبلي مؤكد.


والأمر الأول الذي يجب ملاحظته حول رؤى يوحنا عن الأحداث القادمة هو أنها تتألف من أربع سلاسل من رؤى أصغر متتالية: الختوم السبعة، الأبواق السبعة، القصص السبعة والجامات السبعة. ويؤمن بعض المفسّرين أن هذه السلاسل يجب أن تُقرأ بترتيب زمني، كما لو أنها تمثل حقبات متتالية في التاريخ. لكن يوحنا لم يشر إطلاقاً إلى أن هذه هي الحال.


فمن جهة، العلامات الزمنية التي تربط تلك السلاسل معاً، عبارات مثل بعد هذا، تشير إلى الترتيب الذي أُعطيت فيه الرؤى إلى يوحنا، وليس إلى ترتيب الأحداث في تلك الرؤى.


ومن جهة أخرى، يبدو أن هناك عدداً من الأحداث التاريخية في هذه الرؤى أشير إليها في سلسلة أو أكثر. لهذا السبب، سنتبنى في دراستنا النظرة التفسيرية المسمّاة أحياناً الإعادة المختصرة.


عموماً، تحدث الإعادة المختصرة عندما يعيد مقطع لاحق أو يصرّح من جديد بما قاله مقطع سابق. وبتطبيقها على كتاب الرؤيا فإن هذا التعبير يشير تحديداً إلى الفكرة بأن كل سلسلة من الرؤى تصف الفترة الزمنية الكاملة بين مجيء المسيح الأول ومجيئه الثاني، لكن بتفاصيلها وتشديداتها الخاصة.


الإعادة المختصرة هي في الواقع شائعة جداً في النبوة الكتابية. وغالباً ما استخدم أنبياء العهد القديم هذه الطريقة ليصفوا السلسلة ذاتها من الأحداث في مقاطع مختلفة. وأحياناً تكون هذه الإعادة المختصرة صوراً مجازية متشابهة، كما في إرميا ٣٠ و٣١، حيث تنبأ إرميا عن ردّ إسرائيل إلى الرب. في أوقات أخرى، استخدمت الإعادة المختصرة صوراً مجازية مختلفة لوصف الأحداث ذاتها، كما في إشعياء ٩ و١١، حيث تكلم إشعياء عن مجيء المسيح المنتظر.


ونرى الشيء ذاته في دعاوى الله ضد إسرائيل في هوشع ٩-١٤. وهناك أمثلة كثيرة أخرى. لذلك، عندما استخدم يوحنا هذه الطريقة في كتاب الرؤيا، كان يستخدم خطة كتابية تقليدية معروفة في إبلاغ رسالته.


ويشير عدد من الأدلة في الرؤى نفسها بقوة إلى أن يوحنا كان يصف السلسلة ذاتها من الأحداث من زوايا مختلفة. على سبيل المثال، تشير رؤى يوحنا ثلاث مرات مختلفة إلى ما نسمّيه الدينونة الأخيرة.


في الرؤيا ٦: ١٢-١٧، التي هي جزء من رؤيا الأختام السبعة، صارت الشمس سوداء، والقمر صار كَالدَّمِ،‏ ونُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ، والجميع على الأرض أخفوا أنفسهم من دينونة الله. في الرؤيا ١١: ١٥، وهو يقع ضمن الأبواق السبعة، أُعلن بصوت عال: قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ! في الرؤيا ١٥: ١، وهو جزء من رؤيا الجامات السبع نُخبَر أنه عندما سُكبت الضَّرَبَاتُ السَّبْعُ الأَخِيرَةُ، اكتمل بها غَضَبُ اللهِ.


كل من هذه المقاطع يصف أحداثاً مرتبطة بعودة المسيح ودينونة الله النهائية على الأرض. لكن كل سلسلة من الرؤى تتضمن أيضا تفاصيل أخرى يبدو أنها تسبق الدينونة الأخيرة. لهذا السبب، يبدو من الأفضل أن نقرأ كل سلسلة من الرؤى كوصف مستقل لكل تاريخ ملكوت الله قبل عودة المسيح.


رغم أن الإعادة المختصرة هي الرأي الشائع بين الإنجيليين، من المهم أن ندرك أن البعض لا يفسّر سفر الرؤيا بهذه الطريقة. لذلك، في هذا الدرس، لن نحصرَ تفسيراتنا بصورة ضيقة بالرأي القائل بالإعادة المختصرة. مع ذلك، يجب أن ندرك أن معظم المعلمين المسيحيين يؤمنون أن هذا الرأي يعطي المعنى الأفضل للبنية الأدبية لرؤيا يوحنا حول الأحداث الآتية، وكذلك بالنسبة لمحتوى تلك الرؤى.


كما رأينا سابقاً، تنقسم رؤيا يوحنا للأحداث القادمة، إلى أربعة أقسام رئيسية: رؤى الختوم السبعة، والأبواق السبعة، والقصص الرمزية السبع والجامات السبع. فلنفحص كل سلسلة من الرؤى، بدءاً من الختوم السبعة في الرؤيا ٤: ١-٨: ١.


الختوم السبعة:


تتألف رؤيا الختوم السبعة من قسمين رئيسيين، بَدءاً بوصف بلاط الله السماوي في الرؤيا ٤ و٥. ويعرض لنا هذا الجزء سفراً هاماً مع سبعة ختوم، ويهيئ الأجواء لفتح تلك الختوم في الفصول ٦-٨.


يصف لنا الرؤيا ٤: ١-١١ المشهد في البلاط السماوي، وهو يشبه رؤى مماثلة في حزقيال ١، وإشعياء ٦، ومقاطع أخرى من العهد الجديد. الله جالس على عرشه وتعبده كائنات حية سماوية، من بينها أربعة وصفها يوحنا ببعض التفاصيل. وكان كل كائن حي من الكائنات الأربعة مملوءاً عيوناً وله ستة أجنحة. لكن مظاهرها الخارجية كانت مختلفة: واحد شبه أسد، وآخر شبه عجل، وآخر شبه إنسان وآخر شبه نسر. وهي على الأرجح تمثِّل كل الكائنات على الأرض التي تسبِّح الله.


ويظهر أيضاً في رؤيا يوحنا أربعة وعشرون شيخاً يحيطون بعرش الله، هم على الأرجح المعدودون وفق أسباط إسرائيل الإثني عشر في العهد القديم، والرسل الإثني عشر في العهد الجديد. وهؤلاء الشيوخ يرمزون إلى شعب الله عبر التاريخ. في كل مرة سبّحت الكائنات الحية الأربعة الله، سجد الشيوخ مقرّين بجلاله وسلطانه، وعاهدوه بالخضوع والطاعة والاحترام. علاوة على الشيوخ، كان هناك عدد ضخم من الملائكة الذين بسطوا تسبيحهم لله على كل الخليقة وسبّحوا حمل الله.


وهذا المشهد يتضمن أيضاً صوراً عديدة من أوصاف العهد القديم للمسكن والهيكل: فنرى هناك مصابيح تتوهج أمام العرش؛ وبخوراً هو صلوات شعب الله؛ وبحراً من الزجاج، أعظم من البحر النحاسي في العهد القديم؛ وتعالت تسابيح مثل تلك التي يقدّمها المرنّمون اللاويون. وتشير هذه الرمزية إلى أن يوحنا أُعطي أن يرى بلاط الله السماوي الذي منه يسود على الكون بكامله ويصدر أحكامه. وهذه المشاهد أوحت لقرّاء يوحنا أن الرؤيا تتناول مسائل بالغة الأهمية.


وتستمر الرؤيا السماوية في الرؤيا ٥: ١-١٤. حيث يحمل الله سفراً في يده يرمز إلى خطته حول مصير العالم. ولكن لا أحدَ من أفراد هذا البلاط تمكن من فتح السفر. بعبارة أخرى، ولا واحد منهم تمكن من إتمام خطته تعالى. ثم قال أحد الشيوخ ليوحنا: إن الأسد الذي من سبط يهوذا هو سيفّك ختوم السفر السبعة ويقرأه. إن الإشارة إلى أسد سبط يهوذا مأخوذة من تكوين ٤٩: ٩-١٠، حيث نقرأ:


يَهُوذَا جَرْوُ أَسَدٍ ... لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.


أعلنت هذه النبوة أن يهوذا سيسود على أسباط إسرائيل، وسيأتي منه ملك يحكم العالم بأجمعه. لكن عندما نظر يوحنا، فوجئ بأن أسد يهوذا كان في الواقع خروفاً بدا كأنه مذبوح. طبعاً، الخروف هو المسيح. وهو من سلالة يهوذا التي يأتي منها ملوك إسرائيل. وهو أصبح حمل الفصح الذي قدّم نفسه ذبيحة كفارية، كما نقرأ في يوحنا ١: ٢٩. وتشير قدرة يسوع على فتح السفر إلى أنه الشخص الذي من خلاله سيتمّم الله كل خططه للعالم.


القسم الثاني من رؤيا الختوم السبعة هو فتح الختوم أنفسها في الرؤيا ٦: ١-٨: ١. في هذا القسم نجد فتح الختوم الستة، وتليها فترة فاصلة، ثم فتح الختم السابع.


أطلقت الختوم الأربعة الأولى فرسان الرؤيا الأربعة الشهيرين الذين جلبوا الكوارث على العالم. والصور المجازية للفرسان الأربعة مأخوذة من زَكَرِيَّا ٦، حيث خيلٌ لها الألوان ذاتها قيل عنها أنها أَرْوَاحُ السَّمَاءِ الأَرْبَعُ. عندما فُتح الختم الأول، أُعطيَ فارس على فرس أبيض غلبة على الشعوب. والختم الثاني أطلق فارساً على فرس أحمر، كرمز إلى القتل.


والحرب هي أوضح أشكال القتل، لكن الصورة واسعة بحيث تشمل أنواعاً أخرى من قتل البشر. أما الختم الثالث فأطلق فارساً على فرس أسود وهو يرمز إلى المجاعة. والختم الرابع أطلق فارساً اسمه الموت، يركب على فرس أخضر كرمز للموت بالسيف والجوع والطاعون ووحوش الأرض. وعلى الرغم من فظاعة هذه النكبات، فهي أثرت فقط على ربع الأرض. فالأكثرية نجت من هذا الجزء من دينونة الله.


وعندما فُتح الختم الخامس، رأى يوحنا رؤيا لشهداء مسيحيين في السماء. وهؤلاء القديسون قُتلوا بسبب تمسكهم بأمانتهم لله وكلمته. وهم صرخوا إلى الله ليعاقب قاتليهم، لكن قيل لهم إن الله لن يطبِّق كل عدالته الآن، وعليهم أن يصبروا حتى يَكمل عدد الذين سيستشهدون.


وعندما فُتح الختم السادس، وقعت الأرض كلها تحت دينونة الله. فحدث زلزال؛ والشمس صارت سوداء؛ والقمر صار كالدم؛ والنجوم سقطت على الأرض؛ والسماء انطوت؛ وَكُلُّ جَبَل وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا. ويذكّرنا هذا الوصف بنبوات العهد القديم عن النقمة السياسية، مثل تلك التي نجدها في إشعياء ٣٤: ١-٤ ويوئيل ٢: ١٠-١١. وكانت هذه طريقة في القول إن الله يأتي بالدينونة النهائية التي ستدمر العالم الحاضر الشرير.


بين فك الختمين السادس والسابع، يوجد فترة فاصلة في الرؤيا ٧. وتصف هذه الفترة الفاصلة الكنيسة بطرق تشدّد على حماية الله لشعبه. أولاً، سمع يوحنا إعلاناً أن ١٢٠٠٠ من كل سبط من الأسباط الاثني عشر، أي ما مجموعه ١٤٤٠٠٠ شخص، ختمهم الله كشعبه الخاص. ورغم أن هؤلاء ١٤٤٠٠٠ فُسّروا بطرق مختلفة، فإن نص الرؤيا يقول إن يوحنا سمع إعلاناً عن ١٤٤٠٠٠، لكن عندما التفت ونظر، رأى شيئاً مختلفاً.


كما تذكر فإن شيئاً مماثلاً حدث في الرؤيا 5: سمع يوحنا إعلاناً عن أسد، ثم نظر ورأى خروفاً. وأمر شبيه يحدث هنا. فقد سمع إعلاناً عن ١٤٤٠٠٠ يهودي، ثم نظر ورأى جمعاً كبيراً يتألف من يهود وأمم معاً. وفي الحالتين، سمع يوحنا كلمات مأخوذة من رموز العهد القديم، أسد وأسباط إسرائيل. لكن عندما التفت لينظر، رأى ما هو أعظم بكثير مما أُعلن. فرمزية الأسد قد تمّت في المسيح، ورمزية الأسباط تمّت في الجمع الكبير للمؤمنين من كل أمة.


بعد الفترة الفاصلة، نجد فتح الختم السابع وهو مدوّن في الرؤيا ٨: ١. لكن بدلاً من نهاية رائعة تصل إلى ذروتها في الخاتمة، كان هناك ببساطة سكوت. فالخليقة وقفت في رهبة. والسكوت خلق نوعاً من التوتر بالنسبة لقرّاء رؤى يوحنا الأوائل. فما هي هذه المرحلة النهائية الغامضة من التاريخ؟ والإجابة عن هذا السؤال ستُكشف في الرؤى التي تلت.

عن هذه الخطة

سفر الرؤيا

 يمكن لسفر الرؤيا أن يكون ممتعاً ومربكاً في نفس الوقت. فهو ممتع لأنه يسجل  رؤى دراميّة عن دور المسيح والكنيسة في تاريخ العالم. لكنه أيضاً مربكاً  لأني الصور المجازيّة الخاصة به غريبة جداً عن القرّاء المعاصرين. ورغم  ذلك،...

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع:  http://arabic.thirdmill.org

 

 

تستخدم YouVersion ملفات تعريف الإرتباط لتخصيص تجربتك. بإستخدامك لموقعنا الإلكتروني، فإنك تقبل إستخدامنا لملفات تعريف الإرتباط كما هو موضح في سياسة الخصوصية