(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولနမူနာ

شرح النص

خرج يعقوب من مصارعته للربّ محمّلًا بالمغفرة والبركات. اختبر قوة الله التي فيه، القادرة على مقاتلة الله نفسه. لا بدّ للإنسان أن يمتلئ قلبه ثقةً في وضع كهذا. ولكنّ الضعف البشريّ أقوى. عندما رأى يعقوب عيسو مقبلًا إليه ومعه أربع مئة رجل خاف. نسي البركة ونسي كلام الله له وتطميناته. البركة وحدها غير قادرة على تغيير الإنسان. على هذا الأخير أن يتجاوب هو مع النعمة لتفعل فيه فعلها. خاف يعقوب وفرّق أولاده إلى قسمين، حتّى لا يقتل عيسو الجميع. كلّ آمال يعقوب تنحصر في تخليص نصف بنيه. إذًا هو واثق من الخسارة، رغم البركة ورغم مشهد المصارعة مع الربّ. كم أنت ضعيف اّيها الإنسان! لا بل يسجد لعيسو سبع مرات، علّه يسترضيه ويستجديه العطف؛ رغم أنّ السجود الحقيقي لا يكون إلّا لله.

وًيصدم القارئ، كما صُدم يعقوب نفسه، أنّ أخاه يركض عليه مسرعًا، ولكن لا ليقتله ولا ليضربه ولا ليوّبخه حتّى، بل ليعانقه. ما معنى هذا؟ ما الذي يحدث؟ لماذا عانق عيسو يعقوب؟ لأنّه سامحه. ولكن من أين أتى عيسو بروح المسامحة والمحبّة؟ من الله طبعًا. إذًا الله يسكن في قلب عيسو أيضًا. سكنى الله في قلب الإنسان هي "بركة"، لا بل هي البركة!

يفهم يعقوب الآن أنّه نعم سرق البركة من أبيه وأخذها، إلّا أنّه لم يحرم أخاه من البركة. فالله هو نبع النعم والبركات الذي لا ينضب. لا يمكن لإنسان أن يستحوذ عليه. فالله يفوق كلّ شيء. الله يملأ كيانك حتّى الثمالة دون أن ينقص منه أي شيء. لا يقدر أحد أن يسرق من الله شيء، يرضى الله بملء حرّيته أن يهبه له. ولكنّ الله أراد، وقبل أن يولد كلّ واحد منّا، أن يهبه كلّ شيء، لا أن يهبه حتّى نفسه، يوم تجسّد من أجلنا، صلب ومات لفدائنا، وقام من بين الأموات ليقيمنا معه ويمنحنا الخلاص.

تأمل في النص

كم هو عظيم حبّك يا الله وكم هي غزيرة نعمك ووافرة عطاياك. تعطي الجميع بدون حساب. نحن نتقاتل بعضنا مع بعض معتقدين أننا نسرق جزءًا منك من بين أيدي إخوتنا. ولكنك أنت تجلس متربعًا، كلّك يا الله، تجلس بكلّ ألوهيتك وعظمتك الرهيبتين، في قلب كلّ منا.

كم هو غبيّ الإنسان وكم هو أعمى. ينظر إلى بعض من بريق الربّ المتسرّب من بين أصابع أخيه، فيسيل لعابه رغبةً في سرق هذا القبس الصغير. يتقاتل معه، يقتله معرّضًا نفسه هو أيضًا للقتل. وينسى ذلك الغبيّ أنّ النور الحقيقيّ والشمس الأبديّة كلّها في أحشائه.

نحكم بعضنا على بعض، نشير بالإصبع إلى خطيئة أخينا، وننسى كيف عالج الله قبلًا ادناسنا وشفانا. ننسى أن الله قادر على شفاء إخوتنا وأنه هو أقوى من خطايا الدنيا بأسرها. 

الفكرة الرئيسة

أطلب ما تشاء من بركات الله عليك، ولكن تذكّر أنّ الله لا ينضب وهو يغدق الخير على الجميع.

صلاة

علّمني حبّك يا الله واجعلني أرى دومًا في أخي مشروع قداسة، فلا أحكم على ضعفه مستصغرًا قدرتك في اجتذاب جميع القلوب إليك.

خذ قرارًا لهذا اليوم