(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولနမူနာ

شرح النص

في زحمة الجموع، أتت امرأة بِها نزف دم فَلَمسَت يسوع. يسوع يسأل؛ يُنكرُ الجميع؛ يستغرب بطرس سؤال يسوع في هذه الزحمة؛ يؤكِّد يسوع أنَّ شخصًا لمسَهُ لأنَّه شعر بقوَّة خرجت منه. مِمَّا لا شكَّ فيه أنَّ كثيرًا من الناس مسُّوا يسوع: مسُّوا يَدَيه، مسُّوا ثيابَه، مسُّوا وَجهَه وشعرَه، في مسيرتهم مَعه. لمسه كثيرون، وربَّما أيضًا كانُوا مرضى، ولم يُشفَوا. لأنَّ لمسَ يسوع ليس "ضربًا من السِّحْر". تميَّزت لمسةَ هذه المرأة عن لمسات الآخرين بالإيمان.

قد نستغرب إصرار يسوع على معرفة مَن لَمَسَه، لأنَّه في معظم الأحيان كان يطلب الصمت من الذين شفاهُم أو من أهلهِم. إصراره يندرج في إطار رفضِه للإيمان الخجول، إذ لا يُمكن لمؤمِن أنْ يكون خجولًا في تأدية شهادة لإيمانِه. أصرَّ يسوع، فَخرجَت عن صمتِها وخجلها وشهدَت كيف شُفيَت في الحال عند لَمْس ثوبه. عندئذٍ تكلَّم يسوع على إيمانِها (إيمانك خلَّصكِ) لأنَّ جوهر الإيمان يتكامَل بين ما كانت تُضمرُه وبين الشهادة لما اختبرتْه.

أمَّا رمزيَّة هذا الشفاء فتظهر واضحة من خلال "امرأة تنزف" ومفهوم "فقدان الدم"، والعدد اثنَتَي عشرة سنة. حالة المرأة هي حالة موت (الدم علامة حياة)، موت الشعب (12 رمز أسباط إسرائيل)، حالة عُقم لأنَّ النزف لا يسمح للمرأة بأنْ تحبل وَتلد. يأتي شفاء يسوع ليكون إعادة حياة الشعب؛ وليكشف خصوبة هذا الشعب بتجسُّدِه فيه.

تأمل في النص

أماكن كثيرة مُعطاة للمؤمن حتَّى يلمس فيها الربَّ يسوع. يلمُسه في الجماعة الصغيرة (حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فأنا أكون بينهم)، في الجماعة الكنسيَّة (لأنَّ الكنيسة جسد الربُّ)، في الكتاب المقدَّس (لأنَّه يحتوي على سرِّ الربّ)، في الاجتماعات الليتورجيَّة (عشاء الربّ حيث هو حاضر)، في الإنسان الآخر وبخاصَّة المعوز... في كلِّ هذه الأماكن، يطرح المؤمن على نفسه سؤالًا أساسيًّا: أيَّ معنى أعطي أنا للَمْسي للربِّ فيها؟ هل ألمسُه بإيمان؟ أيَّ شهادة أؤدِّي لاختباري الإيمانيّ أمام الآخرين؟

إنَّ العلاقة بالربّ لا تنحصر بالمستوى الاجتماعيّ والإنسانيّ. إنَّها مسألة العودة إلى الحياة، لأنَّ أماكن النزف في حياة المؤمن كثيرة. لتقييم لمستنا للربِّ، علينا أنْ نقرأ نتائجها في حياتنا: هل انتقلنا بواسطتها من الموت إلى الحياة، أم ما زِلنا في خطيئتنا وَعُقمِنا؟ كيف نعيش الحياة الجديدة التي نلناها من الربّ القائم من الموت؟

الفكرة الرئيسة

لَمْسُ الربِّ يولِّد فينا الحياة. وبما أنَّ الحياة نور الناس، فلا يُمكنها إلَّا أنْ تشعَّ إشراقًا باهرًا.

صلاة

البشر كثيرون، يا ربُّ، وأنتَ واحد. فَكيفَ يمكِنك أنْ تكون حاضرًا لكلِّ واحد منهم؟ عذرًا يا ربّ، فالمنزوفة التي شُفيت تشهد لي أنَّك تميِّز اللمسة في زحمة البشر، ولا شيء يلهيك عن كلِّ واحد منهم.

خذ قرارًا لهذا اليوم