(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولနမူနာ

شرح النص

يأتي مثل الشبكة في نهاية سلسلة من الأمثال في الفصل الثالث عشر من إنجيل متَّى. يرتبط شرح هذا النصَّ بمثل القمح والزؤان الذي يرد في الفصل نفسِه. ففي مثل الزؤان نرى صاحب الحقل يؤجِّل الفرز بين القمح والزؤان حتَّى أوان تمييز الثمر. عند ذلك يأتي الحصَّادون ويقومون بالفرز. فما سيقوم به الحصَّادون في مثل الزؤان يعلِن رمزًّيا ما سيقوم به الصيَّادون في مثل الشبكة.

ركَّزت سلسلة الأمثال التي تسبق مثل الشبكة على ملكوت السماوات الزمنيّ - الأرضيّ. ينتهي هذا الملكوت بالوصول إلى الملكوت الأخيريّ حيث تصير الدينونة. بالتالي يصوِّر مثل الشبكة صورة الدينونة والفرز بين الأبرار والأشرار. هذا ما يشرحه المثل عندما يفصِّل مضمون كلِّ صورة واردة في المثل: نهاية العالم؛ الملائكة؛ الفرز بين الأشرار والأبرار؛ الرمي في أُّتون النار.

تأمل في النص

تتكرَّر صُور الصيد والبحر والشِّباك في الأناجيل. من أبرزها صورة دعوة التلاميذ ليكونوا صيَّادي بشر لإنقاذهم وإيصالهم إلى الخلاص. بالطبع لا يمكننا هُنا أنْ نتأمَّل في نصّ مثل الشبكة بتفاصيله وفي مجمل أبعادِه. لا يُمكننا أن نطبِّق صورة السمك بحذافيرها على الإنسان. فالسمك الرديء لا خطيئة عليه لأنَّه مخلوق بهذا الطابع. من هنا نفهم أنَّ ما يطلَب في هذا المثل من الإنسان هو أنْ يغيِّر نوعيَّتَه الخاصَّة من رديء إلى جيِّد. فالمثل يضَع الإنسان أمام صورة أخيريَّة هي صورة الدينونة ويحثُّه بالتالي على التحوُّل نحو الأفضل والتطوُّر الروحيّ والسلوكيّ قبل أنْ يصل إلى ساعة الفرز النهائيّ.

صحيح أنَّ يسوع قال: لا تدينُوا لئلَّا تُدانُوا؛ لكنَّ هذا القول يُطاول دينونة الإنسان للآخرين. أمَّا مثل الشبكة فيَكشف أنَّ على الإنسان أن يدين نفسه وُيصحِّح مسيرته ويستأصل الرديء من حياته قبل أنْ يصل إلى المثول أمام الديَّان الحقيقيّ. بهذه الطريقة يتجنَّب الإنسان البكاء وصريف الأسنان، ويصل إلى فرح سيِّده الأبديّ.

الفكرة الرئيسة

على الإنسان أن يعيش زمنه الحاضر في ضوء يوم الدينونة الذي سيصل إليه عاجلًا أم آجِلًا.

فالموت والدينونة لم يَعودا هاجسًا بالمعنى السلبيّ بل حافزًا على تَقليم كلّ شائبة تُعرقل المسيرة المستقيمة صوب الملكوت النهيويّ.

صلاة

أَعطِنا يا ربّ أنْ نعيش مشيئتَك في حياتنا. نحن نعرف أنَّ مشيئتك هي تقديسنا. ساعدنا على تجنُّب كلّ ما يعيق عيش متطلِّبات إيماننا. اجعَلْنا نندم على خطايانا ونتوب عنها لا خوفًا من البكاء وصريف الأسنان، بل حُبًّا بك أنت يا مَن أحببتنا من قَبل. آمين.

خذ قرارًا لهذا اليوم