صموئيل الثاني 1:13-39

صموئيل الثاني 1:13-39 الترجمة العربية المشتركة مع الكتب اليونانية (المشتركة)

وكانَ لأبشالومَ بنِ داوُدَ أختٌ جميلةٌ ا‏سمُها تامارُ، فأحبَّها أمنونُ بنُ داوُدَ. وبلَغَ بهِ الحبُّ حَدَّ المرضِ، وكانَ مَنالُها صعبا لأنَّها كانَت عذراءَ. وكانَ لأمنونَ صاحبٌ ا‏سمُهُ يونادابُ بنُ شَمعي أخي داوُدَ، وكانَ يونادابُ رجُلا ذكيًّا جِدًّا. فقالَ لَه: «مالي أراكَ يا ا‏بنَ المَلِكِ تَنغمُّ يوما فيوما، ألا تُخبِرُني؟» فقالَ لَه أمنونُ: «أُحِبُّ تامارَ أُختَ أبشالومَ». فقالَ يونادابُ: «نَمْ على سريرِكَ وتَمارَضْ، فإذا جاءَ أبوكَ ليَزورَكَ فقُلْ لَه: «لتَجئْ تامارُ أختي وتُطعِمْني وتُهيِّئِ الطَّعامَ أمامَ عيني فمِنْ يَدِها وحدَها آكُلُ». فنامَ أمنونُ وتَمارضَ، فجاءَ المَلِكُ يَزورُهُ، فقالَ لَه أمنونُ: «لِتَجئْ تامارُ أختي وتعمَلْ أمامي كعكَتَينِ وآكُل مِنْ يَدِها». فأرسلَ داوُدُ يقولُ لتامارَ في القصرِ: «إذهبـي إلى بَيتِ أمنونَ أخيكِ وا‏عمَلي لَه طَعاما». فذهَبت إليهِ وهوَ مُستَلقٍ، فأخذَت دقيقا وعجَنت وعَمِلَت كَعكا أمامَهُ وقَلَتْهُ. وأخذَتِ المِقلاةَ وسكبَت أمامَهُ، فرفضَ أنْ يأكُلَ وقالَ لِمَن حَولَهُ: «أُخرُجوا كُلُّكُم مِنْ عِندي». فخرَجوا جميعا. فقالَ أمنونُ لتامارَ: «أَدخلي الطَّعامَ إلى غُرفَتي فآكُلَ مِنْ يَديكِ». فأخَذَت تامارُ الكعكَ وجاءت بهِ إلى أمنونَ أخيها في غُرفَتِهِ. وقدَّمَت لَه ليأكُلَ فأمسَكَها وقالَ: «تَعالَي نامي معي يا أُختي». فقالَت لَه: «لا تُغصِبْني يا أخي. هذِهِ فاحِشَةٌ لا يفعَلُها أبناءُ إِسرائيلَ، فلا تَفعَلْها أنتَ. فأنا أينَ أذهَبُ بعاري؟ وأنتَ، ألا تكونُ كواحدٍ مِنَ السُّفهاءِ في إِسرائيلَ، فكلِّمِ المَلِكَ، فهوَ لا يَمنَعُني عَنكَ». فرفَضَ أنْ يَسمعَ لِكلامِها، وهجمَ علَيها وا‏غتَصَبها. ثُمَّ أبغضَها أمنونُ بُغضا أشدَّ مِنَ الحُبِّ الّذي أحبَّها إيَّاهُ، وقالَ لها: «قومي ا‏نصَرِفي». فقالَت لَه: «لِماذا تَطرُدُني؟ هذا شَرٌّ أعظَمُ مِمَّا فَعلتَهُ بـي». فرفَضَ أنْ يسمَعَ لها ودَعا خادِمَهُ وقالَ لَه: «أخرِجْ هذِهِ عنِّي وأغلِقِ البابَ وراءَها». وكانَ علَيها ثوبٌ موشًّى، لأنَّ بَناتِ المَلِكِ العذارى كُنَّ يَلبَسنَ مِثلَهُ. فأخرَجَها الخادِمُ وأغلَقَ البابَ وراءَها. فذرَّتْ تامارُ رمادا على رأسِها، ومزَّقت ثوبَها الموشَّى وغَطَّت وجهَها بِيَدِها وراحت تبكي عاليا. فقالَ لها أبشالومُ أخوها: «هل فعَلَ أخوكِ أمنونُ شيئا معَكِ؟ ا‏سكُتي الآنَ يا أُختي، فهوَ أخوكِ ولا يَحُزَّ في قلبِكِ هذا الأمرُ». فا‏عتَزَلت تامارُ في بَيتِ أبشالومَ أخيها. وسمِعَ داوُدُ المَلِكُ بِكُلِّ ما جَرى، فغضِبَ جِدًّا لكِنْ لم يَشأْ أذيَّةَ ا‏بنِهِ أمنونَ، لأنَّه كانَ يُحبُّه، فهوَ ا‏بنُه البِكرُ. أمَّا أبشالومُ فلم يكلِّمْ أمنونَ بشَرٍّ ولا بخيرٍ، لأنَّهُ أبغَضَهُ لا‏غتِصابِهِ تامارَ أختَهُ. وبَعدَ سنَتينِ كانَ الجَزَّازونَ يَجزُّونَ غنَمَ أبشالومَ في بَعلِ حاصورَ‌ بالقربِ مِنْ مدينةِ أفرايمَ، فدَعا جميعَ بَني المَلِكِ إلى وليمةٍ. وجاءَ إلى المَلِكِ وقالَ لَه: «عِندي، يا سيِّدي جزَّازونَ، فتعالَ أنتَ وحاشيَتُك معي إلى الوليمةِ». فأجابَهُ المَلِكُ: «لا يا ا‏بني، لا نذهَبُ كُلُّنا لِئلاَّ نُثقِّلَ علَيكَ». فألَحَّ علَيهِ فلم يقبَلْ، بل باركَهُ. فقالَ أبشالومُ: «إذا يذهَبُ معَنا أمنونُ أخي». فقالَ المَلِكُ: «لماذا؟» فألحَّ علَيهِ أبشالومُ، فأرسلَ معهُ أمنونَ وجميعَ بَني المَلِكِ. وأقامَ أبشالومُ وليمةً كوليمةِ المُلوكِ‌. وقالَ أبشالومُ لِرجالِه: «إنتَبِهوا، إذا سكِرَ أمنونُ وقلتُ لكُمُ ا‏قتُلوهُ، أُقتُلوهُ ولا تَخافوا. أنا أمَرتُكُم فتَشَجَّعوا وكونوا رِجالا». ففعَلوا بأمنونَ كما أمرَهُم. فقامَ بَنو المَلِكِ ورَكِبوا بِــغالَهُم وهرَبوا. وبَينَما هُم في الطَّريقِ قيلَ لداوُدَ إنَّ أبشالومَ قتَلَ بَنيكَ كُلَّهُم وما أبقى على أحدٍ. فقامَ ومَزَّقَ ثيابَهُ وتَمدَّدَ على الأرضِ، كذلِكَ مزَّقَ رِجالُ حاشيتِهِ ثيابَهُم ووقَفوا بَينَ يَدَيهِ. فقالَ يونادابُ بنُ شَمعي أخي داوُدَ: «لا تَحسِبْ يا سيِّدي المَلِكُ أنَّ أبشالومَ قتَلَ جميعَ بَنيكَ، وإنَّما قتَلَ أمنونَ وحدَهُ، وكانَ يَنوي ذلِكَ مُنذُ أنِ ا‏غتصَبَ تامارَ أختَهُ. فلا تُصدِّقْ أنَّ جميعَ بَنيكَ قُتِلوا، بل قُتِلَ أمنونُ وحدَهُ». وهربَ أبشالومُ. وتطلَّعَ الحارِسُ فرَأى جمعا كبـيرا يسيرونَ على طريقِ حورانيمَ بجانِبِ الجبَلِ. فقالَ يونادابُ للمَلِكِ: «ها هُم بَنوكَ مُقبِلونَ، كما قُلتُ لكَ يا سيِّدي». فما إنْ فرِغَ مِنْ كلامِهِ حتّى جاءَ بَنو المَلِكِ ورفَعوا أصواتَهُم بالبُكاءِ. وبكى المَلِكُ وجميعُ رجالِ حاشيتِهِ بُكاءً شديدا. وأمَّا أبشالومُ فهربَ وا‏لتَجأ إلى تَلمايَ بنِ عَميهودَ مَلِكِ جَشورَ‌. وناحَ داوُدُ على ا‏بنِهِ أيّاما طويلَةً. وأقامَ أبشالومُ في جَشورَ ثَلاثَ سِنينَ. وا‏شتاقَ داوُدُ إلى لقاءِ أبشالومَ، لأنَّه بدأ يُشفَى مِنْ حُزنِهِ على أمنونَ.

صموئيل الثاني 1:13-39 الترجمة العربية المشتركة (المشتركة)

وكانَ لأبشالومَ بنِ داوُدَ أختٌ جميلةٌ ا‏سمُها تامارُ، فأحبَّها أمنونُ بنُ داوُدَ. وبلَغَ بهِ الحبُّ حَدَّ المرضِ، وكانَ مَنالُها صعبا لأنَّها كانَت عذراءَ. وكانَ لأمنونَ صاحبٌ ا‏سمُهُ يونادابُ بنُ شَمعي أخي داوُدَ، وكانَ يونادابُ رجُلا ذكيًّا جِدًّا. فقالَ لَه: «مالي أراكَ يا ا‏بنَ المَلِكِ تَنغمُّ يوما فيوما، ألا تُخبِرُني؟» فقالَ لَه أمنونُ: «أُحِبُّ تامارَ أُختَ أبشالومَ». فقالَ يونادابُ: «نَمْ على سريرِكَ وتَمارَضْ، فإذا جاءَ أبوكَ ليَزورَكَ فقُلْ لَه: «لتَجئْ تامارُ أختي وتُطعِمْني وتُهيِّئِ الطَّعامَ أمامَ عيني فمِنْ يَدِها وحدَها آكُلُ». فنامَ أمنونُ وتَمارضَ، فجاءَ المَلِكُ يَزورُهُ، فقالَ لَه أمنونُ: «لِتَجئْ تامارُ أختي وتعمَلْ أمامي كعكَتَينِ وآكُل مِنْ يَدِها». فأرسلَ داوُدُ يقولُ لتامارَ في القصرِ: «إذهبـي إلى بَيتِ أمنونَ أخيكِ وا‏عمَلي لَه طَعاما». فذهَبت إليهِ وهوَ مُستَلقٍ، فأخذَت دقيقا وعجَنت وعَمِلَت كَعكا أمامَهُ وقَلَتْهُ. وأخذَتِ المِقلاةَ وسكبَت أمامَهُ، فرفضَ أنْ يأكُلَ وقالَ لِمَن حَولَهُ: «أُخرُجوا كُلُّكُم مِنْ عِندي». فخرَجوا جميعا. فقالَ أمنونُ لتامارَ: «أَدخلي الطَّعامَ إلى غُرفَتي فآكُلَ مِنْ يَديكِ». فأخَذَت تامارُ الكعكَ وجاءت بهِ إلى أمنونَ أخيها في غُرفَتِهِ. وقدَّمَت لَه ليأكُلَ فأمسَكَها وقالَ: «تَعالَي نامي معي يا أُختي». فقالَت لَه: «لا تُغصِبْني يا أخي. هذِهِ فاحِشَةٌ لا يفعَلُها أبناءُ إِسرائيلَ، فلا تَفعَلْها أنتَ. فأنا أينَ أذهَبُ بعاري؟ وأنتَ، ألا تكونُ كواحدٍ مِنَ السُّفهاءِ في إِسرائيلَ، فكلِّمِ المَلِكَ، فهوَ لا يَمنَعُني عَنكَ». فرفَضَ أنْ يَسمعَ لِكلامِها، وهجمَ علَيها وا‏غتَصَبها. ثُمَّ أبغضَها أمنونُ بُغضا أشدَّ مِنَ الحُبِّ الّذي أحبَّها إيَّاهُ، وقالَ لها: «قومي ا‏نصَرِفي». فقالَت لَه: «لِماذا تَطرُدُني؟ هذا شَرٌّ أعظَمُ مِمَّا فَعلتَهُ بـي». فرفَضَ أنْ يسمَعَ لها ودَعا خادِمَهُ وقالَ لَه: «أخرِجْ هذِهِ عنِّي وأغلِقِ البابَ وراءَها». وكانَ علَيها ثوبٌ موشًّى، لأنَّ بَناتِ المَلِكِ العذارى كُنَّ يَلبَسنَ مِثلَهُ. فأخرَجَها الخادِمُ وأغلَقَ البابَ وراءَها. فذرَّتْ تامارُ رمادا على رأسِها، ومزَّقت ثوبَها الموشَّى وغَطَّت وجهَها بِيَدِها وراحت تبكي عاليا. فقالَ لها أبشالومُ أخوها: «هل فعَلَ أخوكِ أمنونُ شيئا معَكِ؟ ا‏سكُتي الآنَ يا أُختي، فهوَ أخوكِ ولا يَحُزَّ في قلبِكِ هذا الأمرُ». فا‏عتَزَلت تامارُ في بَيتِ أبشالومَ أخيها. وسمِعَ داوُدُ المَلِكُ بِكُلِّ ما جَرى، فغضِبَ جِدًّا لكِنْ لم يَشأْ أذيَّةَ ا‏بنِهِ أمنونَ، لأنَّه كانَ يُحبُّه، فهوَ ا‏بنُه البِكرُ. أمَّا أبشالومُ فلم يكلِّمْ أمنونَ بشَرٍّ ولا بخيرٍ، لأنَّهُ أبغَضَهُ لا‏غتِصابِهِ تامارَ أختَهُ. وبَعدَ سنَتينِ كانَ الجَزَّازونَ يَجزُّونَ غنَمَ أبشالومَ في بَعلِ حاصورَ‌ بالقربِ مِنْ مدينةِ أفرايمَ، فدَعا جميعَ بَني المَلِكِ إلى وليمةٍ. وجاءَ إلى المَلِكِ وقالَ لَه: «عِندي، يا سيِّدي جزَّازونَ، فتعالَ أنتَ وحاشيَتُك معي إلى الوليمةِ». فأجابَهُ المَلِكُ: «لا يا ا‏بني، لا نذهَبُ كُلُّنا لِئلاَّ نُثقِّلَ علَيكَ». فألَحَّ علَيهِ فلم يقبَلْ، بل باركَهُ. فقالَ أبشالومُ: «إذا يذهَبُ معَنا أمنونُ أخي». فقالَ المَلِكُ: «لماذا؟» فألحَّ علَيهِ أبشالومُ، فأرسلَ معهُ أمنونَ وجميعَ بَني المَلِكِ. وأقامَ أبشالومُ وليمةً كوليمةِ المُلوكِ‌. وقالَ أبشالومُ لِرجالِه: «إنتَبِهوا، إذا سكِرَ أمنونُ وقلتُ لكُمُ ا‏قتُلوهُ، أُقتُلوهُ ولا تَخافوا. أنا أمَرتُكُم فتَشَجَّعوا وكونوا رِجالا». ففعَلوا بأمنونَ كما أمرَهُم. فقامَ بَنو المَلِكِ ورَكِبوا بِــغالَهُم وهرَبوا. وبَينَما هُم في الطَّريقِ قيلَ لداوُدَ إنَّ أبشالومَ قتَلَ بَنيكَ كُلَّهُم وما أبقى على أحدٍ. فقامَ ومَزَّقَ ثيابَهُ وتَمدَّدَ على الأرضِ، كذلِكَ مزَّقَ رِجالُ حاشيتِهِ ثيابَهُم ووقَفوا بَينَ يَدَيهِ. فقالَ يونادابُ بنُ شَمعي أخي داوُدَ: «لا تَحسِبْ يا سيِّدي المَلِكُ أنَّ أبشالومَ قتَلَ جميعَ بَنيكَ، وإنَّما قتَلَ أمنونَ وحدَهُ، وكانَ يَنوي ذلِكَ مُنذُ أنِ ا‏غتصَبَ تامارَ أختَهُ. فلا تُصدِّقْ أنَّ جميعَ بَنيكَ قُتِلوا، بل قُتِلَ أمنونُ وحدَهُ». وهربَ أبشالومُ. وتطلَّعَ الحارِسُ فرَأى جمعا كبـيرا يسيرونَ على طريقِ حورانيمَ بجانِبِ الجبَلِ. فقالَ يونادابُ للمَلِكِ: «ها هُم بَنوكَ مُقبِلونَ، كما قُلتُ لكَ يا سيِّدي». فما إنْ فرِغَ مِنْ كلامِهِ حتّى جاءَ بَنو المَلِكِ ورفَعوا أصواتَهُم بالبُكاءِ. وبكى المَلِكُ وجميعُ رجالِ حاشيتِهِ بُكاءً شديدا. وأمَّا أبشالومُ فهربَ وا‏لتَجأ إلى تَلمايَ بنِ عَميهودَ مَلِكِ جَشورَ‌. وناحَ داوُدُ على ا‏بنِهِ أيّاما طويلَةً. وأقامَ أبشالومُ في جَشورَ ثَلاثَ سِنينَ. وا‏شتاقَ داوُدُ إلى لقاءِ أبشالومَ، لأنَّه بدأ يُشفَى مِنْ حُزنِهِ على أمنونَ.

صموئيل الثاني 1:13-39 الكِتاب المُقَدَّس: التَّرْجَمَةُ العَرَبِيَّةُ المُبَسَّطَةُ (ت ع م)

كَانَ لدَاوُدَ ابْنٌ يُدْعَى أبْشَالُومَ. وَلأبْشَالُومَ أُخْتٌ تُدْعَى ثَامَارَ، جَمِيلَةٌ جِدًّا. وَكَانَ أمْنُونَ – وَهُوَ أحَدُ أبْنَاءِ دَاوُدَ – وَاقعًا فِي غَرَامِ ثَامَارَ، وَهِيَ عَذْرَاءُ. لَمْ يُفَكِّرْ أمْنٌونُ بِأنْ يُسيئَ إليهَا، لَكِنَّهُ أرَادَهَا بِشِدَّةٍ. وقَدْ فَكَّرَ بِأنْ يَتَظَاهَرَ بِالمَرَضِ مِنْ أجْلِهَا. وَقَدْ كَانَ لِأمْنُونَ صَدِيقٌ يُدْعَى يُونَادَابَ، وَهْوَ ابْنُ شِمْعَى. وَشِمْعَى هُو أخُو دَاوُدَ. وَكَانَ يُونَادَابُ شَديِدَ الذَّكَاءِ، فَقَالَ لِأمْنونَ: «مَا بِكَ تَبْدُو مَهْمُومًا فِي كلِّ صَبَاحٍ، وَأنْتَ ابْنُ المَلِكِ!» فَقَالَ أمْنُونُ لِيُونَادَابَ: «أُحِبُّ ثَامَارَ، أُخْتَ شَقِيقِي أبْشَالومَ.» فَقَالَ لَهُ يُونَادَابُ: «اذْهَبْ إلَى الفِرَاشِ، وَتَظَاهَرْ بِالمَرَضِ، فيأتِ وَالِدُكَ لرؤيَتِكَ. فَقُلْ لَهُ: ‹اطلُبْ مِنْ أُخْتِي ثَامَارَ أنْ تَأْتِيَ وَتُعْطِيَنِي الطَّعَامَ لِآكُلَ. فَلْتُحَضِّرِ الطَّعَامَ أمَامي، فأرَاهُ وآكُلُ مِنْ يَدِهَا.›» وَهَكَذَا تَمَدَّد أمْنُونُ فِي الفِرَاشِ، وَتَظَاهَرَ بِالْمَرَضِ. فَجَاءَ المَلِكُ دَاوُدُ لرؤيَتِهِ، فَقَالَ لَهُ أمْنُونُ: «اطلُبْ مِنْ أُخْتِي ثَامَارَ أنْ تَدْخُلَ. فَلْتُحضِّرْ لِي كَعْكَتَينِ بينَمَا أُرَاقِبُهَا. حِينَئِذٍ، يُمْكِنُنِي أنْ آكُلَ مِنْ يَدَيهَا.» فَأرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلًا إلَى مَنْزِلِ ثَامَارَ، فَقَالُوا لَهَا: «اذْهَبي إلَى مَنْزِلِ أخيكِ أمْنُونَ وَحَضِّري لَهُ بَعْضَ الطَّعَامِ.» فَذَهبَتْ ثَامَارُ إلَى منزِلِ أخِيهَا أمْنُونَ، وقَدْ كَانَ فِي الفِرَاشِ. فتنَاوَلَتْ بَعْضَ العَجِينِ وَعَجَنَتْهُ بِيَدَيهَا وَطَبَخَتْ كَعْكَتَيْنِ أمَامَ أمْنُونَ. ثُمَّ أخْرَجَتِ الكعْكَتَيْنِ مِنَ المِقلَاةِ وَوَضَعَتْهُمَا أمَامَهُ. فَرَفَضَ أنْ يَأْكُلَ وقَالَ لِخُدَّامِهِ: «اخْرُجُوا مِنْ هُنَا. دَعُونِي وَحْدِي!» فغَادَرَ خُدَّامُهُ كُلُّهُمُ الغُرْفَةَ. ثُمَّ قَالَ أمْنُونُ لثَامَارَ: «أحْضِري الطَّعَامَ إلَى غُرْفَةِ النَّوْمِ، وَأطْعِمِيني بِيَدِكِ.» فَتَنَاوَلَتْ ثَامَارُ الكعْكَتَيْنِ اللَّتَيْنِ حضَّرَتْهُمَا وَدَخَلَتْ إلَى غُرْفَةِ نَوْمِ أخِيهَا. ثُمَّ أخَذَتْ تُطْعِمُهُ. لكنَّهُ أمْسَكَ بيَدِهَا وقَالَ لهَا: «أُخْتَاهُ، تَعَالَيْ وَعَاشِرِينِي.» فَقَالَتْ لَهُ ثَامَارُ: «لَا يَا أخِي! لَا تَذُلَّنِي بِعَمَلِكَ هَذَا! لَا تَفْعَلْ هَذَا الفِعلَ المُشِينَ! لَا يَنْبَغِي أنْ تُقْتَرَفَ أشيَاءُ فَظِيعَةٌ كَهَذِهِ أبَدًا فِي إسْرَائِيلَ! لَنْ أتَخَلَّصَ أبَدًا مِنْ عَارِي، وَسَيَظُنُّ النَّاسُ أنَّكَ لَسْتَ سِوَى أحَدِ الحَمْقَى. أرْجُوكَ، كَلِّمِ المَلِكَ، وسَيَدَعُكَ تَتَزوَّجُ بي.» لَكِنَّ أمْنُونَ رَفَضَ الإصْغَاءَ إلَى ثَامَارَ. وَكَانَ أقْوى مِنْهَا، فَأجْبَرَهَا عَلَى مُعَاشَرَتِهِ. ثُمَّ بَدَأ يَشْعُرُ بِأنَّهُ يَكْرَهُهَا، بَلْ إنَّهُ كَرِهَهَا أكْثَرَ بِكَثِيرٍ مِمَّا أحَبَّهَا مِنْ قَبْلُ. فَقَالَ لهَا: «انْهَضِي وَاخْرُجِي مِنْ هُنَا!» فَقَالَتْ لَهُ: «لَا! لَا تَطْرُدْنِي هَكَذَا. هَذَا أسْوأُ حَتَّى مِمَّا فَعَلْتَ مِنْ قَبْلُ!» لَكِنَّ أمْنُونَ رَفَضَ الإصْغَاءَ إلَى ثَامَارَ. ثُمَّ نَادَى خَادِمَهُ وقَال لَهُ: «أخْرِجْ هَذِهِ الفَتَاةَ مِنْ هَذِهِ الغُرْفَةِ الآنَ! وَأقْفِلِ البَابَ وَرَاءَهَا.» فَأخَذَ خَادِمُ أمْنُونَ ثَامَارَ إلَى خَارِجِ الغُرْفَةِ، وَأقْفَلَ البَابَ وَرَاءَهَا. كَانَتْ ثَامَارُ تَرْتَدِي ثَوْبًا طَوِيلًا كَثِيرَ الألْوَانِ. فَبَنَاتُ المَلِكِ العَذَارَى يَرْتَدِينَ أثْوَابًا كَهَذِهِ. فَمزَّقَتِ الثَّوبَ وَوَضَعَتَ عَلَى رَأسِهَا رَمَادًا. ثُمَّ وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأسِهَا وَأخَذَتْ تَبْكِي. فَقَالَ لَهَا أخُوهَا أبْشَالُومُ: «هَلْ كُنْتِ مَعَ أخِيكِ أمْنُونَ؟ هَلْ ألْحَقَ بِكِ الأذَى؟ اهْدأي الآنَ يَا أُخْتِي. أمْنُونُ أخُوكِ، لِذَا سَنَهَتَمُّ بِالأمْرِ. لَا تَسْتَائِي.» فَلَمْ تَقُلْ ثَامَارُ شَيْئًا، وَذَهبَتْ بِصَمْتٍ تَعِيشُ فِي مَنْزِلِ أبْشَالُومَ. وَعَلِمَ المَلِكُ دَاودُ بِالْخَبَرِ وَغَضِبَ جِدًّا. لَكِنَّهُ لَمْ يُرِدْ أنْ يُعَاقِبَ أمْنُونَ لِأنَّهُ ابْنُهُ البِكرُ، وَكَانَ يُحِبُّهُ. وَكَانَ أبْشَالُومُ يَكْرَهُ أمْنُونَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ أيَّ كَلِمةٍ حَسَنَةٍ أمْ سَيَّئَةٍ، بَلْ كَرِهَهُ لِأنَّه اغْتَصَبَ أُخْتَهُ ثَامَارَ وَأهَانَهَا. بَعْدَ عَامَينِ، أحْضَرَ أبْشَالوُمُ رِجَالًا إلَى بَعلَ حَاصُورَ، الَّتِي تَقَعُ قُرْبَ حُدودِ أرَاضِي أفْرَايِمَ، لِيَجُزُّوا صُوفَ الغَنَمِ. وَدَعَا أبْنَاءَ المَلِكِ جَمِيعًا لِيأتُوا ويُشَارِكُوا فِي وَليمَةٍ. فَذَهَبَ أبْشَالومُ إلَى المَلِكِ وقَالَ لَهُ: «بَعْضُ الرِّجَالِ آتُونَ لِيَجُّزُوا صُوفَ غَنَمِي. أرْجُوكَ أنْ تأتيَ مَعَ خُدَّامِكَ وَتُشَارِكُوا فِي الوَلِيمَةِ.» فَقَالَ المَلِكُ دَاوُدُ لِأبْشَالُومَ: «لَا يَا بُنَيَّ. لَنْ نَذْهَبَ جَمِيعًا. سَنُثْقِلُ عَلَيْكَ.» وَألَحَّ أبْشَالومُ عَلَى دَاوُدَ لِكَي يَذْهَبَ. لَكِنَّ دَاوُدَ لَمْ يَذْهَبْ بَلْ أعْطَى بَرَكَتَهُ. وَقَالَ لَهُ أبْشَالُومُ: «إنْ كُنْتَ لَا تُرِيدُ الذَّهَابَ، أرْجُو أنْ تَطْلَبَ مِنْ أخِي أمْنُونَ أنْ يُرَافِقَنِي.» فَسَألَهُ المَلِكُ: «لِمَ تُرِيدُ أنْ يَذْهَبَ مَعَكَ؟» فَمَضَى أبْشَالُومُ فِي إلْحَاحِهِ إلَى دَاوُدَ، إلَى أنْ سَمَحَ لِأمْنُونَ وَأبْنَاءِ المَلِكِ الآخَرِينَ بأِنْ يذْهَبُوا. ثُمَّ أعْطَى أبْشَالُومُ هَذَا الأمْرَ لِخُدَّامِهِ: «رَاقِبُوا أمْنُونَ. عِنْدَمَا يَسْتَرْخِي بِسَبَبِ الخَمْرِ، وَأقُولُ لَكُمُ اقْتُلُوا أمْنُونَ، فَاقْتُلُوهُ. وَلَا تَخَافُوا مِنَ العِقَابِ، فَأنْتُمُ تُطِيعُونَ أمْرِي. فَكُونُوا أقْوِيَاءَ وَشَجْعَانَ.» وَهَكَذَا فَعَلَ جُنودُ أبْشَالُومَ الشُّبَانُ مَا طَلَبَهُ مِنْهُم، وَقَتَلُوا أمْنُونَ. لَكِنَّ أبْنَاءَ دَاوُدَ الآخَرِينَ هَرَبُوا. رَكِبَ كلُّ وَاحِدٍ دَابَّتَهُ وَهَرَبَ. كَانَ أبْنَاءُ المَلِكِ مَا يَزَالُونَ فِي طَرِيقِهِمْ إلَى دَاخِلِ المَدِينَةِ. لَكِنَّ المَلِكَ دَاوُدَ تَلقَّى خَبَرًا جَاءَ فِيهِ: «قَتَلَ أبْشَالُومُ أبْنَاءَ المَلِكِ جَمِيعًا! ولَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حيًّا.» فَمزَّقَ الملِكُ دَاوُدُ ثِيَابَهُ وَانْطَرَحَ عَلَى الأرْضِ. كَذَلِكَ مزَّق ضُبَّاطُهُ الوَاقِفُونَ إلَى جَانبِهِ ثيَابَهُم. فَقَالَ يُونَادَابُ بْنُ شِمْعَى أخِي دَاوُدَ: «لَا تَظُنَّ يَا مَوْلَايَ أنَّ أبْنَاءَ المَلِكِ جَمِيعًا مَاتُوا! أمْنُونُ وَحْدَهُ قَدْ مَاتَ. كَانَ أبْشَالُومُ يُخَطِّطُ لِهَذَا مُنْذُ اليَوْمِ الَّذِي اغْتَصَبَ فيه أمْنُونُ أخْتَهُ ثَامَارَ. فَلَا يَنْكَسِرْ قَلْبُكَ يَا مَوْلَايَ وَمَلِكِي فَتَظُنَّ أنَّ أبْنَاءَكَ كلَّهُمْ قَدْ مَاتُوا. أمْنُونُ وَحْدَهُ قَدْ مَاتَ.» امَّا أبْشَالُومُ فَهَرَبَ. وكَانَ عِنْدَ جِدَارِ المَدِينَةِ حَارِسٌ. فَرَأى الكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ آتيِنَ مِنَ الجِهَةِ الأُخْرَى مِنَ التَّلَّةِ. فَقَالَ يُونَادَابُ لِلمَلِكِ دَاوُدَ: «كُنْتُ مُحِقًّا! أبْنَاءُ المَلِكِ آتُونَ.» ودَخَلَ أبْنَاءُ المَلِكِ فَورَ أنِ انْتَهى يُونَادَابُ مِنْ كَلَامِهِ. وَكَانُوا يَبْكُونَ بِصُوتٍ عَالٍ. وَرَاحَ دَاوُدُ وضُبَّاطُهُ كُلُّهُم يَبْكونَ بُكَاءً شَديِدًا. وظَلَّ دَاوُدُ يَنُوحُ عَلَى ابْنِهِ أيَّامًا كَثِيرَةً. وَهَرَبَ أبْشَالُومُ إلَى تِلْمَايَ بْنِ عَمِّيهودَ، مَلِكِ جَشُورَ. وَأمْضَىْ فِي جَشُورَ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ. وَبَعْدَ مَوْتِ أمْنُونَ، تَعَزَّى الملِكُ دَاوُدُ، لكنَّهُ كَانَ يَفْتَقِدُ أبْشَالُومَ كَثِيرًا.

صموئيل الثاني 1:13-39 كتاب الحياة (KEH)

وَكَانَ لأَبْشَالُومَ بْنِ دَاوُدَ أُخْتٌ جَمِيلَةٌ تُدْعَى ثَامَارَ، فَأَحَبَّهَا أَخُوهَا غَيْرُ الشَّقِيقِ أَمْنُونُ. وَعَانَى أَمْنُونُ مِنْ سُقْمِ الْحُبِّ، لأَنَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ كَانَتْ عَذْرَاءَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ تَحْقِيقُ مَأْرَبِهِ مِنْهَا. وَكَانَ لأَمْنُونَ صَدِيقٌ رَاجِحُ الْعَقْلِ، هُوَ ابْنُ عَمِّهِ، يُونَادَابُ بْنُ شِمْعَى، فَسَأَلَهُ: «مَالِي أَرَاكَ سَقِيماً يَا ابْنَ الْمَلِكِ يَوْماً بَعْدَ يَوْمٍ؟ أَلا تُخْبِرُنِي؟» فَأَجَابَهُ أَمْنُونُ: «إِنِّي أُحِبُّ ثَامَارَ أُخْتَ أَبْشَالُومَ أَخِي». فَقَالَ يُونَادَابُ: «تَمَارَضْ فِي سَرِيرِكَ. وَعِنْدَمَا يَجِيءُ أَبُوكَ لِيَزُورَكَ قُلْ لَهُ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي تَأْتِي لِتُطْعِمَنِي. دَعْهَا تُعِدُّ الطَّعَامَ أَمَامِي فَأَرَى مَا تَفْعَلُ وَآكُلُ مِنْ يَدِهَا». فَاضْطَجَعَ أَمْنُونُ وَتَمَارَضَ، وَقَالَ لأَبِيهِ عِنْدَمَا جَاءَ لِيَزُورَهُ: «دَعْ ثَامَارَ تَأْتِي لِتَصْنَعَ أَمَامِي كَعْكَتَيْنِ، فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». فَأَرْسَلَ دَاوُدُ مَنْ يَدْعُو ثَامَارَ مِنْ بَيْتِهَا قَائِلاً: «اذْهَبِي إِلَى بَيْتِ أَخِيكِ أَمْنُونَ وَاصْنَعِي لَهُ طَعَاماً». فَمَضَتْ ثَامَارُ إِلَى بَيْتِ أَخِيهَا أَمْنُونَ الرَّاقِدِ فِي سَرِيرِهِ، فَعَجَنَتْ أَمَامَهُ الْعَجِينَ وَصَنَعَتْ كَعْكاً وَخَبَزَتْهُ. ثُمَّ أَخَذَتِ الْمِقْلاةَ وَسَكَبَتِ الطَّعَامَ أَمَامَهُ. لَكِنَّهُ أَبَى أَنْ يَأْكُلَ قَائِلاً: «أَخْرِجُوا كُلَّ مَنْ هُنَا». فَانْصَرَفَ جَمِيعُ مَنْ عِنْدَهُ. ثُمَّ قَالَ أَمْنُونُ لِثَامَارَ: «أَحْضِري الطَّعَامَ إِلَى السَّرِيرِ وَأَطْعِمِينِي». فَأَحْضَرَتْ ثَامَارُ الْكَعْكَ الَّذِي صَنَعَتْهُ إِلَى أَمْنُونَ أَخِيهَا الرَّاقِدِ فِي سَرِيرِهِ. وَمَا إِنْ قَدَّمَتْهُ لَهُ حَتَّى أَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: «تَعَالَيِ اضْطَجِعِي مَعِي يَا أُخْتِي». فَأَجَابَتْهُ: «لا يَا أَخِي. لَا تُذِلَّنِي. لأَنَّهُ لَا يُقْتَرَفُ مِثْلُ هَذَا الْعَمَلِ الشَّنِيعِ فِي إِسْرَائِيلَ. أَرْجُوكَ لَا تَرْتَكِبْ هَذِهِ الْقَبَاحَةَ، إِذْ كَيْفَ أُوَارِي عَارِي؟ أَمَّا أَنْتَ فَتَكُونُ بِتَصَرُّفِكَ هَذَا كَوَاحِدٍ مِنَ السُّفَهَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ. خَاطِبِ الْمَلِكَ بِشَأْنِي فَإِنَّهُ لَنْ يَمْنَعَنِي مِنَ الزَّوَاجِ مِنْكَ». فَأَبَى أَنْ يَسْتَمِعَ لِتَوَسُّلاتِهَا، بَلْ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا وَاغْتَصَبَهَا. ثُمَّ تَحَوَّلَ حُبُّ أَمْنُونَ لِثَامَارَ إِلَى بُغْضٍ شَدِيدٍ فَاقَ مَحَبَّتَهُ لَهَا. وَقَالَ لَهَا: «قُومِي انْطَلِقِي». فَأَجَابَتْ: «لا! إِنَّ طَرْدَكَ إِيَّايَ جَرِيمَةٌ أَشْنَعُ مِنَ الْجَرِيمَةِ الَّتِي اقْتَرَفْتَهَا». لَكِنَّهُ أَبَى أَنْ يَسْمَعَ لَهَا، وَاسْتَدْعَى خَادِمَهُ الْخَاصَّ وَقَالَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْمَرْأَةَ خَارِجاً، وَأَغْلِقِ الْبَابَ وَرَاءَهَا». فَطَرَدَهَا الْخَادِمُ وَأَغْلَقَ الْبَابَ خَلْفَهَا. وَكَانَتْ ثَامَارُ تَرْتَدِي ثَوْباً مُلَوَّناً كَعَادَةِ بَنَاتِ الْمُلُوكِ الْعَذَارَى فِي تِلْكَ الأَيَّامِ، فَمَزَّقَتِ الثَّوْبَ الْمُلَوَّنَ وَعَفَّرَتْ رَأْسَهَا بِالرَّمَادِ وَوَضَعَتْ عَلَيْهِ يَدَهَا وَمَضَتْ بَاكِيَةً. وَعِنْدَمَا رَآهَا أَخُوهَا أَبْشَالُومُ سَأَلَهَا: «هَلِ اغْتَصَبَكِ أَمْنُونُ؟ اسْكُتِي الآنَ يَا أُخْتِي، فَإِنَّهُ أَخُوكِ وَلا تَحْمِلِي وِزْرَ هَذَا الأَمْرِ فِي قْلبِكِ». فَأَقَامَتْ ثَامَارُ فِي بَيْتِ أَخِيهَا أَبْشَالُومَ فِي عُزْلَةٍ وَحُزْنٍ. وَنَمَا الْخَبَرُ إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ فَاغْتَاظَ جِدّاً. أَمَّا أَبْشَالُومُ فَلَمْ يُخَاطِبْ أَمْنُونَ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ، لَكِنَّهُ أَضْمَرَ لَهُ بُغْضاً شَدِيداً لأَنَّهُ انْتَهَكَ حُرْمَةَ أُخْتِهِ ثَامَارَ. وَبَعْدَ ذَلِكَ بِعَامَيْنِ، وَجَّهَ أَبْشَالُومُ دَعْوَةً لِجَمِيعِ أَبْنَاءِ الْمَلِكِ لِحُضُورِ جَزِّ غَنَمِهِ فِي بَعْلِ حَاصُورَ عِنْدَ أَفْرَايِمَ. وَعِنْدَمَا مَثَلَ أَبْشَالُومُ فِي حَضْرَةِ أَبِيهِ قَالَ لَهُ: «هَذَا مَوْسِمُ جَزِّ غَنَمِ عَبْدِكَ، فَلْيَذْهَبِ الْمَلِكُ مَعَ رِجَالِ حَاشِيَتِهِ بِرِفْقَةِ عَبْدِهِ». فَأَجَابَ الْمَلِكُ أَبْشَالُومَ: «لا يَا ابْنِي. لَا نَذْهَبُ كُلُّنَا لِئَلّا نَكُونَ عِبْئاً عَلَيْكَ». وَرَغْمَ إِلْحَاحِ أَبْشَالُومَ، اعْتَذَرَ أَبُوهُ وَبَارَكَهُ. فَقَالَ أَبْشَالُومُ: «إذاً دَعْ أَخِي أَمْنُونَ يَذْهَبُ مَعَنَا» فَقَالَ الْمَلِكُ: «وَلِمَاذَا يَذْهَبُ أَمْنُونُ مَعَكَ؟» فَأَلَحَّ عَلَيْهِ أَبْشَالُومُ حَتَّى رَضِيَ أَنْ يَذْهَبَ أَمْنُونُ وَأَبْنَاءُ الْمَلِكِ مَعَ أَبْشَالُومَ. وَأَوْصَى أَبْشَالُومُ رِجَالَهُ: «مَتَى ذَهَبَتِ الْخَمْرُ بِعَقْلِ أَمْنُونَ وَقُلْتُ لَكُمُ اضْرِبُوا أَمْنُونَ وَاقْتُلُوهُ، فَلا تَخَافُوا. أَلَسْتُ أَنَا الَّذِي أَمَرْتُكُمْ بِذَلِكَ؟ تَشَجَّعُوا وَتَصَرَّفُوا كَأَبْطَالٍ». فَنَفَّذَ رِجَالُ أَبْشَالُومَ أَوَامِرَهُ وَقَتَلُوا أَمْنُونَ، فَهَبَّ جَمِيعُ أَبْنَاءِ الْمَلِكِ وَامْتَطَوْا بِغَالَهُمْ وَهَرَبُوا. وَفِيمَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ بَلَغَ الْخَبَرُ دَاوُدَ وَقِيلَ لَهُ: «قَتَلَ أَبْشَالُومُ جَمِيعَ أَبْنَاءِ الْمَلِكِ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ». فَقَامَ الْمَلِكُ وَمَزَّقَ ثِيَابَهُ وَانْطَرَحَ عَلَى الأَرْضِ، يُحِيطُ بِهِ جَمِيعُ رِجَالِ حَاشِيَتِهِ مُمَزَّقِي الثِّيَابِ. وَلَكِنَّ يُونَادَابَ بْنَ شِمْعَي أَخِي دَاوُدَ قَالَ: «لا يَظُنَّ سَيَّدِي أَنَّهُمْ قَتَلوا جَمِيعَ أَبْنَاءِ المَلِكِ. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، لأَنَّ أَبْشَالُومَ قَدْ أَضْمَرَ لَهُ هَذَا الشَّرَّ مُنْذُ أَنِ اغْتَصَبَ أُخْتَهُ ثَامَارَ. فَلا يُخَالِجْ قَلْبَ الْمَلِكِ أَنَّ جَمِيعَ أَبْنَائِهِ قَدْ قُتِلَوا، إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي اُغْتِيلَ». وَهَربَ أَبْشَالُومُ. وَشَاهَدَ الرَّقِيبُ الْمُكَلَّفُ جَمْعاً غَفِيراً قَادِماً فِي الطَّرِيقِ الْمُوَازِي لِلْجَبَلِ، فَقَالَ يُونَادَابُ لِلْمَلِكِ: «هَا أَبْنَاءُ الْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا. تَمَاماً كَمَا قَالَ عَبْدُكَ». وَمَا إِنْ فَرَغَ مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى جَاءَ بَنُو الْمَلِكِ نَائِحِينَ، وَكَذَلِكَ بَكَى الْمَلِكُ وَرِجَالُ حَاشِيَتِهِ بُكَاءً مُرّاً. وَعِنْدَمَا هَرَبَ أَبْشَالُومُ لَجَأَ إِلَى تِلْمَايَ بْنِ عَمِّيهُودَ مَلِكِ جَشُورَ. وَنَاحَ دَاوُدُ عَلَى أَمْنُونَ طَوَالَ أَيَّامِ الْمَنَاحَةِ. وَمَكَثَ أَبْشَالُومُ فِي جَشُورَ ثَلاثَ سَنَوَاتٍ. وَمَا لَبِثَ أَنْ تَعَزَّى دَاوُدُ عَنْ أَمْنُونَ الْمُتَوَفَّى، فَاشْتَاقَتْ نَفْسُهُ لِلِقَاءِ أَبْشَالُومَ.

صموئيل الثاني 1:13-39 الكتاب المقدس (AVD)

وَجَرَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ لِأَبْشَالُومَ بْنِ دَاوُدَ أُخْتٌ جَمِيلَةٌ ٱسْمُهَا ثَامَارُ، فَأَحَبَّهَا أَمْنُونُ بْنُ دَاوُدَ. وَأُحْصِرَ أَمْنُونُ لِلسُّقْمِ مِنْ أَجْلِ ثَامَارَ أُخْتِهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ عَذْرَاءَ، وَعَسُرَ فِي عَيْنَيْ أَمْنُونَ أَنْ يَفْعَلَ لَهَا شَيْئًا. وَكَانَ لِأَمْنُونَ صَاحِبٌ ٱسْمُهُ يُونَادَابُ بْنُ شِمْعَى أَخِي دَاوُدَ. وَكَانَ يُونَادَابُ رَجُلًا حَكِيمًا جِدًّا. فَقَالَ لَهُ: «لِمَاذَا يَا ٱبْنَ ٱلْمَلِكِ أَنْتَ ضَعِيفٌ هَكَذَا مِنْ صَبَاحٍ إِلَى صَبَاحٍ؟ أَمَا تُخْبِرُنِي؟» فَقَالَ لَهُ أَمْنُونُ: «إِنِّي أُحِبُّ ثَامَارَ أُخْتَ أَبْشَالُومَ أَخِي». فَقَالَ يُونَادَابُ: «ٱضْطَجِعْ عَلَى سَرِيرِكَ وَتَمَارَضْ. وَإِذَا جَاءَ أَبُوكَ لِيَرَاكَ فَقُلْ لَهُ: دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتُطْعِمَنِي خُبْزًا، وَتَعْمَلَ أَمَامِي ٱلطَّعَامَ لِأَرَى فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». فَٱضْطَجَعَ أَمْنُونُ وَتَمَارَضَ، فَجَاءَ ٱلْمَلِكُ لِيَرَاهُ. فَقَالَ أَمْنُونُ لِلْمَلِكِ: «دَعْ ثَامَارَ أُخْتِي فَتَأْتِيَ وَتَصْنَعَ أَمَامِي كَعْكَتَيْنِ فَآكُلَ مِنْ يَدِهَا». فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى ثَامَارَ إِلَى ٱلْبَيْتِ قَائِلًا: «ٱذْهَبِي إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيكِ وَٱعْمَلِي لَهُ طَعَامًا». فَذَهَبَتْ ثَامَارُ إِلَى بَيْتِ أَمْنُونَ أَخِيهَا وَهُوَ مُضْطَجِعٌ. وَأَخَذَتِ ٱلْعَجِينَ وَعَجَنَتْ وَعَمِلَتْ كَعْكًا أَمَامَهُ وَخَبَزَتِ ٱلْكَعْكَ، وَأَخَذَتِ ٱلْمِقْلَاةَ وَسَكَبَتْ أَمَامَهُ، فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ. وَقَالَ أَمْنُونُ: «أَخْرِجُوا كُلَّ إِنْسَانٍ عَنِّي». فَخَرَجَ كُلُّ إِنْسَانٍ عَنْهُ. ثُمَّ قَالَ أَمْنُونُ لِثَامَارَ: «ٱيتِي بِٱلطَّعَامِ إِلَى ٱلْمِخْدَعِ فَآكُلَ مِنْ يَدِكِ». فَأَخَذَتْ ثَامَارُ ٱلْكَعْكَ ٱلَّذِي عَمِلَتْهُ وَأَتَتْ بِهِ أَمْنُونَ أَخَاهَا إِلَى ٱلْمِخْدَعِ. وَقَدَّمَتْ لَهُ لِيَأْكُلَ، فَأَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: «تَعَالَيِ ٱضْطَجِعِي مَعِي يَا أُخْتِي». فَقَالَتْ لَهُ: «لَا يَا أَخِي، لَا تُذِلَّنِي لِأَنَّهُ لَا يُفْعَلُ هَكَذَا فِي إِسْرَائِيلَ. لَا تَعْمَلْ هَذِهِ ٱلْقَبَاحَةَ. أَمَّا أَنَا فَأَيْنَ أَذْهَبُ بِعَارِي؟ وَأَمَّا أَنْتَ فَتَكُونُ كَوَاحِدٍ مِنَ ٱلسُّفَهَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ! وَٱلْآنَ كَلِّمِ ٱلْمَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي مِنْكَ». فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لِصَوْتِهَا، بَلْ تَمَكَّنَ مِنْهَا وَقَهَرَهَا وَٱضْطَجَعَ مَعَهَا. ثُمَّ أَبْغَضَهَا أَمْنُونُ بُغْضَةً شَدِيدَةً جِدًّا، حَتَّى إِنَّ ٱلْبِغْضَةَ ٱلَّتِي أَبْغَضَهَا إِيَّاهَا كَانَتْ أَشَدَّ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي أَحَبَّهَا إِيَّاهَا. وَقَالَ لَهَا أَمْنُونُ: «قُومِي ٱنْطَلِقِي». فَقَالَتْ لَهُ: «لَا سَبَبَ! هَذَا ٱلشَّرُّ بِطَرْدِكَ إِيَّايَ هُوَ أَعْظَمُ مِنَ ٱلْآخَرِ ٱلَّذِي عَمِلْتَهُ بِي». فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا، بَلْ دَعَا غُلَامَهُ ٱلَّذِي كَانَ يَخْدِمُهُ وَقَالَ: «ٱطْرُدْ هَذِهِ عَنِّي خَارِجًا وَأَقْفِلِ ٱلْبَابَ وَرَاءَهَا». وَكَانَ عَلَيْهَا ثَوْبٌ مُلوَّنٌ، لِأَنَّ بَنَاتِ ٱلْمَلِكِ ٱلْعَذَارَى كُنَّ يَلْبَسْنَ جُبَّاتٍ مِثْلَ هَذِهِ. فَأَخْرَجَهَا خَادِمُهُ إِلَى ٱلْخَارِجِ وَأَقْفَلَ ٱلْبَابَ وَرَاءَهَا. فَجَعَلَتْ ثَامَارُ رَمَادًا عَلَى رَأْسِهَا، وَمَزَّقَتِ ٱلثَّوْبَ ٱلْمُلَوَّنَ ٱلَّذِي عَلَيْهَا، وَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَكَانَتْ تَذْهَبُ صَارِخَةً. فَقَالَ لَهَا أَبْشَالُومُ أَخُوهَا: «هَلْ كَانَ أَمْنُونُ أَخُوكِ مَعَكِ؟ فَٱلْآنَ يَا أُخْتِي ٱسْكُتِي. أَخُوكِ هُوَ. لَا تَضَعِي قَلْبَكِ عَلَى هَذَا ٱلْأَمْرِ». فَأَقَامَتْ ثَامَارُ مُسْتَوْحِشَةً فِي بَيْتِ أَبْشَالُومَ أَخِيهَا. وَلَمَّا سَمِعَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ بِجَمِيعِ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ ٱغْتَاظَ جِدًّا. وَلَمْ يُكَلِّمْ أَبْشَالُومُ أَمْنُونَ بِشَرٍّ وَلَا بِخَيْرٍ، لِأَنَّ أَبْشَالُومَ أَبْغَضَ أَمْنُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَذَلَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ. وَكَانَ بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنَ ٱلزَّمَانِ، أَنَّهُ كَانَ لِأَبْشَالُومَ جَزَّازُونَ فِي بَعْلَ حَاصُورَ ٱلَّتِي عِنْدَ أَفْرَايِمَ. فَدَعَا أَبْشَالُومُ جَمِيعَ بَنِي ٱلْمَلِكِ. وَجَاءَ أَبْشَالُومُ إِلَى ٱلْمَلِكِ وَقَالَ: «هُوَذَا لِعَبْدِكَ جَزَّازُونَ. فَلْيَذْهَبِ ٱلْمَلِكُ وَعَبِيدُهُ مَعَ عَبْدِكَ». فَقَالَ ٱلْمَلِكُ لِأَبْشَالُومَ: «لَا يَا ٱبْنِي. لَا نَذْهَبْ كُلُّنَا لِئَلَّا نُثَقِّلَ عَلَيْكَ». فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يَذْهَبَ بَلْ بَارَكَهُ. فَقَالَ أَبْشَالُومُ: «إِذًا دَعْ أَخِي أَمْنُونَ يَذْهَبْ مَعَنَا». فَقَالَ ٱلْمَلِكُ: «لِمَاذَا يَذْهَبُ مَعَكَ؟» فَأَلَحَّ عَلَيْهِ أَبْشَالُومُ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ أَمْنُونَ وَجَمِيعَ بَنِي ٱلْمَلِكِ. فَأَوْصَى أَبْشَالُومُ غِلْمَانَهُ قَائِلًا: «ٱنْظُرُوا. مَتَى طَابَ قَلْبُ أَمْنُونَ بِٱلْخَمْرِ وَقُلْتُ لَكُمُ ٱضْرِبُوا أَمْنُونَ فَٱقْتُلُوهُ. لَا تَخَافُوا. أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا أَمَرْتُكُمْ؟ فَتَشَدَّدُوا وَكُونُوا ذَوِي بَأْسٍ». فَفَعَلَ غِلْمَانُ أَبْشَالُومَ بِأَمْنُونَ كَمَا أَمَرَ أَبْشَالُومُ. فَقَامَ جَمِيعُ بَنِي ٱلْمَلِكِ وَرَكِبُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى بَغْلِهِ وَهَرَبُوا. وَفِيمَا هُمْ فِي ٱلطَّرِيقِ وَصَلَ ٱلْخَبَرُ إِلَى دَاوُدَ وَقِيلَ لَهُ: «قَدْ قَتَلَ أَبْشَالُومُ جَمِيعَ بَنِي ٱلْمَلِكِ، وَلَمْ يَتَبَقَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ». فَقَامَ ٱلْمَلِكُ وَمَزَّقَ ثِيَابَهُ وَٱضْطَجَعَ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَجَمِيعُ عَبِيدِهِ وَاقِفُونَ وَثِيَابُهُمْ مُمَزَّقَةٌ. فَأَجَابَ يُونَادَابُ بْنُ شِمْعَى أَخِي دَاوُدَ وَقَالَ: «لَا يَظُنَّ سَيِّدِي أَنَّهُمْ قَتَلُوا جَمِيعَ ٱلْفِتْيَانِ بَنِي ٱلْمَلِكِ. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ، لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ وُضِعَ عِنْدَ أَبْشَالُومَ مُنْذُ يَوْمَ أَذَلَّ ثَامَارَ أُخْتَهُ. وَٱلْآنَ لَا يَضَعَنَّ سَيِّدِي ٱلْمَلِكُ فِي قَلْبِهِ شَيْئًا قَائِلًا: إِنَّ جَمِيعَ بَنِي ٱلْمَلِكِ قَدْ مَاتُوا. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ». وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ. وَرَفَعَ ٱلْغُلَامُ ٱلرَّقِيبُ طَرْفَهُ وَنَظَرَ وَإِذَا بِشَعْبٍ كَثِيرٍ يَسِيرُونَ عَلَى ٱلطَّرِيقِ وَرَاءَهُ بِجَانِبِ ٱلْجَبَلِ. فَقَالَ يُونَادَابُ لِلْمَلِكِ: «هُوَذَا بَنُو ٱلْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا. كَمَا قَالَ عَبْدُكَ كَذَلِكَ صَارَ». وَلَمَّا فَرَغَ مِنَ ٱلْكَلَامِ إِذَا بِبَنِي ٱلْمَلِكِ قَدْ جَاءُوا وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا، وَكَذَلِكَ بَكَى ٱلْمَلِكُ وَعَبِيدُهُ بُكَاءً عَظِيمًا جِدًّا. فَهَرَبَ أَبْشَالُومُ وَذَهَبَ إِلَى تِلْمَايَ بْنِ عَمِّيهُودَ مَلِكِ جَشُورَ. وَنَاحَ دَاوُدُ عَلَى ٱبْنِهِ ٱلْأَيَّامَ كُلَّهَا. وَهَرَبَ أَبْشَالُومُ وَذَهَبَ إِلَى جَشُورَ، وَكَانَ هُنَاكَ ثَلَاثَ سِنِينَ. وَكَانَ دَاوُدُ يَتُوقُ إِلَى ٱلْخُرُوجِ إِلَى أَبْشَالُومَ، لِأَنَّهُ تَعَزَّى عَنْ أَمْنُونَ حَيْثُ إِنَّهُ مَاتَ.

صموئيل الثاني 1:13-39 الكتاب الشريف (SAB)

وَحَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ، أَنَّ أَمْنُونَ ابْنَ دَاوُدَ وَقَعَ فِي حُبِّ تَمَارَةَ أُخْتِهِ مِنْ أُمٍّ أُخْرَى، وَكَانَتْ تَمَارَةُ جَمِيلَةً وَهِيَ شَقِيقَةُ أَبْشَلُومَ. وَبَلَغَ الْحُبُّ بِأَمْنُونَ حَدَّ الْمَرَضِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَفْعَلَ لَهَا شَيْئًا، فَقَدْ كَانَتْ عَذْرَاءَ. وَكَانَ لِأَمْنُونَ صَاحِبٌ هُوَ ابْنُ عَمِّهِ، يُونَادَابُ ابْنُ شَمْعِي. وَكَانَ يُونَادَابُ هَذَا رَجُلًا شَدِيدَ الْمَكْرِ. فَقَالَ لِأَمْنُونَ: ”يَا ابْنَ الْمَلِكِ! مَا لَكَ مَرِيضٌ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ؟ أَمَا تُخْبِرُنِي عَنْ مُشْكِلَتِكَ؟“ فَقَالَ لَهُ أَمْنُونُ: ”أُحِبُّ تَمَارَةَ أُخْتَ أَبْشَلُومَ أَخِي.“ فَقَالَ يُونَادَابُ: ”اُرْقُدْ فِي فِرَاشِكَ وَتَظَاهَرْ بِأَنَّكَ مَرِيضٌ. وَعِنْدَمَا يَأْتِي أَبُوكَ لِيَزُورَكَ قُلْ لَهُ: ’خَلِّ تَمَارَةَ أُخْتِي تَأْتِي وَتُطْعِمُنِي. تَعْمَلُ الطَّعَامَ أَمَامِي وَأَنَا أُرَاقِبُ، وَتُقَدِّمُهُ بِيَدِهَا فَآكُلَ.‘“ فَرَقَدَ أَمْنُونُ وَتَظَاهَرَ بِأَنَّهُ مَرِيضٌ. فَجَاءَ الْمَلِكُ لِيَزُورَهُ. فَقَالَ أَمْنُونُ لِلْمَلِكِ: ”خَلِّ تَمَارَةَ أُخْتِي تَأْتِي وَتَعْمَلُ أَمَامِي كَعْكَتَيْنِ وَتُقَدِّمُهُمَا بِيَدِهَا فَآكُلَ.“ فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى تَمَارَةَ فِي الْقَصْرِ يَقُولُ لَهَا: ”اِذْهَبِي إِلَى دَارِ أَمْنُونَ أَخِيكِ وَاعْمَلِي لَهُ طَعَامًا.“ فَذَهَبَتْ تَمَارَةُ إِلَى دَارِ أَمْنُونَ أَخِيهَا وَهُوَ رَاقِدٌ. فَأَخَذَتِ الْعَجِينَ وَعَجَنَتْهُ، وَعَمِلَتْ كَعْكًا أَمَامَهُ وَخَبَزَتْهُ. ثُمَّ أَخَذَتِ الطَّبَقَ وَقَدَّمَتْ لَهُ، فَرَفَضَ أَنْ يَأْكُلَ وَقَالَ: ”أَخْرِجُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هُنَا.“ فَخَرَجَ الْكُلُّ مِنْ عِنْدِهِ. ثُمَّ قَالَ أَمْنُونُ لِتَمَارَةَ: ”هَاتِي الطَّعَامَ إِلَى غُرْفَةِ النَّوْمِ وَقَدِّمِيهِ بِيَدِكِ فَآكُلَ.“ فَأَخَذَتْ تَمَارَةُ الْكَعْكَ الَّذِي عَمِلَتْهُ وَأَحْضَرَتْهُ إِلَى أَمْنُونَ أَخِيهَا فِي غُرْفَةِ النَّوْمِ. وَلَكِنْ لَمَّا قَدَّمَتْهُ لَهُ لِيَأْكُلَ، أَمْسَكَهَا وَقَالَ لَهَا: ”تَعَالَيْ فِي الْفِرَاشِ مَعِي يَا أُخْتِي.“ فَقَالَتْ لَهُ: ”لَا يَا أَخِي! لَا تَغْتَصِبْنِي! فَهَذَا لَا يَجِبُ أَنْ يَحْدُثَ فِي شَعْبِ إِسْرَائِيلَ. لَا تَرْتَكِبْ هَذِهِ الْفَاحِشَةَ! فَأَنَا أَيْنَ أَذْهَبُ بِعَارِي؟ وَأَنْتَ تَكُونُ كَوَاحِدٍ غَبِيٍّ فِي إِسْرَائِيلَ. مِنْ فَضْلِكَ، كَلِّمِ الْمَلِكَ لِيُزَوِّجَنِي مِنْكَ، فَهُوَ لَنْ يُمَانِعَ فِي ذَلِكَ.“ وَلَكِنَّهُ رَفَضَ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا وَغَلَبَهَا وَاغْتَصَبَهَا. ثُمَّ كَرِهَهَا أَمْنُونُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً جِدًّا، أَشَدَّ مِنَ الْحُبِّ الَّذِي أَحَبَّهَا بِهِ. فَقَالَ لَهَا: ”قُومِي وَاذْهَبِي مِنْ هُنَا!“ فَقَالَتْ لَهُ: ”لَا! إِنْ طَرَدْتَنِي فَهَذَا شَرٌّ أَعْظَمُ مِنَ الْجَرِيمَةِ الَّتِي فَعَلْتَهَا بِي.“ فَرَفَضَ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا. وَنَادَى خَادِمَهُ الْخَاصَّ وَقَالَ: ”اُطْرُدْ هَذِهِ مِنْ هُنَا وَاقْفِلِ الْبَابَ وَرَاءَهَا.“ فَطَرَدَهَا خَادِمُهُ إِلَى الْخَارِجِ وَأَقْفَلَ الْبَابَ وَرَاءَهَا. وَكَانَتْ تَمَارَةُ لَابِسَةً ثَوْبًا مُلَوَّنًا كَمَا كَانَتْ تَفْعَلُ بَنَاتُ الْمَلِكِ الْعَذَارَى. فَمَزَّقَتِ الثَّوْبَ الْمُلَوَّنَ الَّذِي عَلَيْهَا، وَوَضَعَتْ رَمَادًا عَلَى رَأْسِهَا، وَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا وَذَهَبَتْ وَهِيَ تَصْرُخُ. فَقَالَ لَهَا أَبْشَلُومُ أَخُوهَا: ”هَلْ أَمْنُونُ أَخُوكِ فَعَلَ بِكِ هَذَا؟ اُسْكُتِي الْآنَ يَا أُخْتِي. هُوَ أَخُوكِ، لَا تَجْعَلِي هَذَا يُعَكِّرُ حَيَاتَكِ.“ فَأَقَامَتْ تَمَارَةُ فِي دَارِ أَبْشَلُومَ أَخِيهَا حَزِينَةً وَحِيدَةً. وَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ دَاوُدُ بِكُلِّ هَذَا غَضِبَ جِدًّا. أَمَّا أَبْشَلُومُ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَمْنُونَ بِشَرٍّ وَلَا بِخَيْرٍ، بَلْ أَبْغَضَهُ لِأَنَّهُ اغْتَصَبَ تَمَارَةَ أُخْتَهُ. وَبَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَتَيْنِ، كَانَ عِنْدَ أَبْشَلُومَ جَزَّازُونَ فِي بَعْلَ حَاصُورَ بِالْقُرْبِ مِنْ حُدُودِ أَفْرَايِمَ. فَدَعَا أَبْشَلُومُ كُلَّ بَنِي الْمَلِكِ لِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ. وَذَهَبَ أَبْشَلُومُ إِلَى الْمَلِكِ وَقَالَ: ”عِنْدِي جَزَّازُونَ، فَتَفَضَّلْ يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ وَتَعَالَ مَعِي أَنْتَ وَرِجَالُكَ.“ فَقَالَ الْمَلِكُ لِأَبْشَلُومَ: ”لَا يَا ابْنِي، لَا نَذْهَبُ كُلُّنَا لِئَلَّا نُثْقِلَ عَلَيْكَ.“ فَأَلَحَّ أَبْشَلُومُ عَلَيْهِ، فَرَفَضَ أَنْ يَذْهَبَ وَلَكِنَّهُ بَارَكَهُ. فَقَالَ أَبْشَلُومُ: ”إِذَنِ اسْمَحْ بِأَنْ يَذْهَبَ أَخِي أَمْنُونُ مَعَنَا.“ فَقَالَ الْمَلِكُ: ”لِمَاذَا يَذْهَبُ مَعَكَ؟“ لَكِنَّ أَبْشَلُومَ أَلَحَّ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ أَمْنُونَ وَكُلَّ بَنِي الْمَلِكِ. فَأَمَرَ أَبْشَلُومُ رِجَالَهُ وَقَالَ: ”اِنْتَبِهُوا! مَتَى امْتَلَأَ قَلْبُ أَمْنُونَ طَرَبًا مِنَ الْخَمْرِ وَقُلْتُ لَكُمْ: ’اِضْرِبُوا أَمْنُونَ‘ فَاقْتُلُوهُ وَلَا تَخَافُوا. هَذَا أَمْرٌ مِنِّي لَكُمْ، فَكُونُوا أَقْوِيَاءَ وَشُجْعَانًا.“ فَفَعَلَ رِجَالُ أَبْشَلُومَ بِأَمْنُونَ كَمَا أَمَرَ أَبْشَلُومُ. فَقَامَ كُلُّ بَنِي الْمَلِكِ، وَرَكِبُوا بِغَالَهُمْ وَهَرَبُوا. وَبَيْنَمَا هُمْ فِي الطَّرِيقِ، وَصَلَ الْخَبَرُ إِلَى دَاوُدَ أَنَّ أَبْشَلُومَ قَتَلَ كُلَّ بَنِي الْمَلِكِ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَقَامَ الْمَلِكُ وَمَزَّقَ ثِيَابَهُ وَرَقَدَ عَلَى الْأَرْضِ، وَوَقَفَ عِنْدَهُ كُلُّ رِجَالِهِ وَثِيَابُهُمْ مُمَزَّقَةٌ. فَقَالَ يُونَادَابُ ابْنُ شَمْعِي أَخِي دَاوُدَ: ”لَا تَظُنَّ يَا سَيِّدِي أَنَّهُمْ قَتَلُوا كُلَّ بَنِي الْمَلِكِ، إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ. لِأَنَّ أَبْشَلُومَ كَانَ يَنْوِي لَهُ ذَلِكَ مُنْذُ أَنِ اغْتَصَبَ تَمَارَةَ أُخْتَهُ. فَيَا سَيِّدِي الْمَلِكَ، لَا تُصَدِّقِ الْخَبَرَ أَنَّ كُلَّ بَنِي الْمَلِكِ مَاتُوا. إِنَّمَا أَمْنُونُ وَحْدَهُ مَاتَ.“ وَهَرَبَ أَبْشَلُومُ. وَتَطَلَّعَ الرَّقِيبُ فَرَأَى شَعْبًا كَثِيرًا قَادِمًا مِنَ النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى مِنَ الْجَبَلِ. فَقَالَ يُونَادَابُ لِلْمَلِكِ: ”هَؤُلَاءِ هُمْ بَنُو الْمَلِكِ قَدْ وَصَلُوا، فَتَمَّ مَا قَالَهُ عَبْدُكَ.“ وَلَمَّا انْتَهَى مِنَ الْكَلَامِ، وَصَلَ بَنُو الْمَلِكِ وَأَخَذُوا يَبْكُونَ بِصَوْتٍ عَالٍ، وَبَكَى الْمَلِكُ أَيْضًا وَرِجَالُهُ بُكَاءً شَدِيدًا. فَهَرَبَ أَبْشَلُومُ وَذَهَبَ إِلَى تَلْمَايَ ابْنِ عَمِّيهُودَ مَلِكِ جَشُورَ. وَنَاحَ دَاوُدُ عَلَى أَمْنُونَ وَقْتًا طَوِيلًا. وَأَقَامَ أَبْشَلُومُ فِي جَشُورَ 3 سِنِينَ. وَتَعَزَّى دَاوُدُ عَنْ مَوْتِ أَمْنُونَ، وَاشْتَاقَ إِلَى أَبْشَلُومَ.

صموئيل الثاني 1:13-39 الترجمة الكاثوليكيّة (اليسوعيّة) (ت.ك.ع)

وكانَ بَعدَ ذٰلك أَنْ كانَ لأَبْشالومَ بنِ داوُدَ أُختٌ جَميلةٌ ٱسمُها تامار، فأَحَبَّها أَمنونُ بنُ داوُد، وشُغِفَ أَمنونُ بِتامارَ أُختِه حتَّى سَقِمَ، لأَنَّها كانَت عَذْراءَ فكانَ يَبْدو لَه مُستَحيلًا أَن يَصنَعَ بِها شَيئًا. وكانَ لأَمْنونَ صَديقٌ ٱسمُه يونادابُ بنُ شِمعَة، أَخي داوُد، وكانَ يونادابُ رَجُلًا ذَكِيًّا جِدًّا. فقالَ لَه: «ما لي أَراكَ، يا ٱبنَ المَلِكِ، تَنحَلُ صَباحًا فصَباحًا؟ أَلا تُخبِرُني؟» فقالَ لَه أَمْنون: «إِنِّي أُحِبُّ تامار، أُختَ أَبْشالومَ أَخي». فقالَ يوناداب: «إِضطَجِعْ على سَريرِكَ وتَمارَض. فإذا أَتاكَ أَبوكَ لِيَعودَكَ، فقُلْ لَه: لَتَأتِ تامارُ أُخْتي وتُطعِمْني خُبزًا وتَعمَلِ الطَّعامَ أَمامي، لأَرى وآكُلَ مِن يَدِها». فٱضطَجَعَ أَمْنونُ وتَمارَضَ، فأَتاه المَلِكُ يَعودُه، فقالَ أَمْنونُ لِلمَلِك: «لِتأتِ تامارُ أُخْتي وتَعمَلْ أَمامي كَعكَتَينِ وآكُلَ مِن يَدِها». فأَرسَلَ داوُدُ إِلى تامارَ إِلى البَيتِ وقالَ لَها: «إِذهَبي إِلى بَيتِ أَمْنونَ أَخيكِ وٱصنَعي لَه طَعامًا». فمَضَت تامارُ إِلى بَيتِ أَمْنونَ أَخيها وهو مُضطَجِع، فأَخَذَت عَجينًا ودَلَكَته وعَمِلَت كَعْكًا أَمامَه وقَلَتِ الكَعْك. وأَخَذَتِ المِقْلاةَ وسَكَبَت أَمامَه، فأَبى أَن يأكُل. وقالَ أَمْنون: «أَخرِجوا كُلَّ واحِدٍ مِن عِنْدي». فخَرَجَ كُلُّ واحِدٍ مِن عِندِه، فقال أَمْنونُ لِتامار: «أَدخِلي الطَّعامَ إِلى المُخدَعِ فآكُلَ مِن يَدِكِ». فأَخَذَت تامارُ الكَعكَ الَّذي عَمِلَته وأَتَت بِه أَمْنونَ أَخاها إِلى المُخدَع، وعِندَما قَدَّمت لَه لِيأكُل، أمسَكَها وقال: «تَعالَيِ ٱضطَجِعي معي، يا أُخْتي». فقالَت لَه: «لا تَغتَصِبْني يا أَخي، لا يُفعَلُ هٰكذا في إِسْرائيل، فلا تَفْعَلْ هٰذه الفاحِشَة. فأَمَّا أَنا فأَينَ أَذهَبُ بِعاري؟ وأَمَّا أَنتَ فتَكونُ كواحِدٍ مِنَ الحَمْقى في إِسْرائيل. والآنَ فكَلِّمِ المَلِكَ، فإِنَّه لا يَمنَعُني مِنكَ». فأَبى أَن يَسمَعَ لِكَلامِها، بَل تَمَكَّنَ مِنها وٱغتَصَبَها وضاجَعَها. ثُمَّ أَبغَضَها أَمْنونُ بُغضًا شَديدًا جِدًّا، وكانَ البُغضُ الَّذي أَبغَضَها إِيَّاه أَعظَمَ مِنَ الحُبِّ الَّذي أَحَبَّها إِيَّاه، وقالَ لَها أَمْنون: «قومي فٱنصَرِفي». فقالَت لَه: «لا يا أَخي، لأَنَّ طَردَكَ لي شَرٌّ أَعظمُ مِنَ الشَّرِّ الآخَرِ الَّذي فَعَلتَه بي». فأَبى أَن يَسمَعَ لَها. ودعا الفَتى الَّذي كانَ يَخدُمُه وقال: «أَخرِجْ هٰذه عنِّي إِلى خارِجٍ وأَغلِقِ البابَ وَراءَها. (وكانَ علَيها قَميصٌ مُوَشَّى، لأَنَّ بَناتِ المَلِكِ العَذارى كُنَّ يَلبَسْنَ أَقمِصَةً مِثلَ هٰذا). فأَخرَجَها خادِمُه إِلى خارِجٍ وأَغلَقَ البابَ وَراءَها. فجَعَلَت تامارُ رَمادًا على رأسِها ومَزَّقَتِ القَميصَ المُوَشَّى الَّذي كانَ علَيها وجَعَلَت يَدَها على رأسِها وذَهَبَت وهي تَصرُخ. فقالَ لَها أَبْشالومُ أَخوها: «هل كانَ أَمْنونُ أَخوكِ مَعكِ؟ أُسكُتي الآنَ يا أُخْتي. إِنَّه أَخوكِ، ولا يَأخُذْ هٰذا الأَمرُ مِن نَفسِكِ». فأَقامَت تامارُ حَزينَةً في بَيتِ أَبشالومَ أَخيها. وسَمِعَ داوُدُ المَلِكُ بِجَميعِ هٰذه الأُمور، فٱغْتاظَ غَيظًا شَديدًا، ولٰكِنَّه لم يُحزِنْ نَفْسَ أَمْنونَ ٱبنِه، لأَنَّه كانَ يُحِبُّه لأَنَّه بِكرُه. فأَمَّا أَبْشالومُ فلَم يُكَلِّمْ أَمْنونَ بِشَرٍّ أَو خَير، لأَنَّ أَبْشالومَ أَبغَضَ أَمْنونَ بِسَبَبِ ٱغتِصابِ تامارَ أُختِه. وكانَ بَعدَ سَنَتَينِ مِنَ الزَّمانِ أَنَّه كانَ جَزَّازونَ لأَبشالومَ في بَعْلَ حاصورَ الَّتي بِالقُربِ مِن أَفْرائيم. فدَعا أَبْشالومُ جَميعَ بَني المَلِك. و أَتى أَبْشالومُ إِلى المَلِكِ وقالَ لَه: «إِنَّ عِندَ عَبدِكَ جَزَّازين، فليَذهَبِ المَلِكُ وحاشِيَتُه مع عَبدِكَ». فقالَ المَلِكُ لأَبْشالوم: «لا يا بُنَيَّ، لا نَذهَبْ كُلُّنا لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَليكَ». فأَلَحَّ علَيه، فلم يَشَأ أَن يَذهَب، بل بارَكَه. فقالَ أَبْشالوم: «إِذن يَذهَبَ معَنا أَمْنونُ أَخي». فقالَ المَلِك: «لِماذا يَذهَبُ معَكَ؟» فأَلَحَّ علَيه أَبْشالوم، فأَرسَلَ معَه أَمْنونَ وجَميعَ بَني المَلِك. وأَقامَ أَبْشالومُ مَأدُبَةً كَمأدُبَةِ المُلوك. وأَمَرَ أَبْشالومُ خُدَّامَه وقالَ لَهم: «أُنظُروا! إِذا طابَ قلبُ أَمْنونَ بِالخَمرِ وقُلتُ لَكم: إِضرِبوا أَمْنونَ فٱقتُلوه، لا تخافوا. أَلَيسَ أَنِّي أَنا أَمَرتُكم؟ فتَشَجَّعوا وكونوا ذوي بأس». ففَعَلَ خُدَّامُ أَبْشالومَ بِأَمْنونَ كما أَمَرَهم أَبْشالوم. فقامَ جَميعُ بَني المَلِك، ورَكِبَ كُلُّ واحِدٍ مِنهم بَغلَه وهَرَبوا. وبَينَما هم في الطَّريق، بَلَغَ الخَبَرُ إِلى داوُدَ وقيلَ لَه: «قد قَتَلَ أَبْشالومُ جَميعَ بَني المَلِك، ولم يَبْقَ مِنهم أَحَد». فقامَ المَلِكُ ومَزَّقَ ثِيابَه وٱضطَجَعَ على الأَرْض، ووَقَفَ حاشِيَتُه وثِيابُهم مُمَزَّقَة. فتَكَلَّمَ يونادابُ بنُ شِمعَة، أَخي داوُدَ، وقال: «لا يَحسَبْ سَيِّدي أَنَّ جَميعَ الفِتْيانِ بَني المَلِكِ قد هَلَكوا. لم يُقْتَلْ إِلاَّ أَمنونُ وَحدَه، لأَنَّ ذٰلك كانَ في نِيَّةِ أَبْشالوم، مُذ يَومَ ٱغتَصَبَ أَمْنونُ أُختَه. فالآنَ لا يأخُذْ هٰذا الأَمرُ من نَفْسِ سَيِّدي المَلِك، قائلًا في نَفْسِه: إِنَّ جَميعَ بَني المَلِكِ قد قُتِلوا، إذ لم يُقتَلْ إِلاَّ أَمنونُ وَحدَه، وهرب أَبْشالوم». ورَفَعَ الفَتى الرَّقيبُ عَينَيه ونَظَر، فإذا بِجَمعٍ كَثيرٍ يَسيرُ على طَريقِ حورونائيمَ الَّتي بِجانِبِ الجَبَل. فأَتى الرَّقيبُ وأَخبَرَ المَلِكَ قائِلًا: «إِنِّي أَرى رِجالًا على طَريقِ حورونائيمَ التي بِجانِبِ الجَبَل». فقالَ يونادابُ لِلمَلِك: «هُوَذا بَنو المَلِكِ مُقبِلون، وقد تَمَّ الأَمرُ كما قالَ عَبدُك». فلَمَّا ٱنتَهى مِن كَلامِه، إِذا بِبَني المَلِكِ قد جاؤُوا ورَفَعوا أَصْواتَهم بِالبُكاء، وبَكى المَلِكُ وجَميعُ حاشِيَتِه بُكاءً شَديدًا جِدًّا. وأَمَّا أَبْشالومُ فهَرَبَ وذَهَبَ إِلى تَلْمايَ بنِ عَمِّيهود، مَلِكِ جَشور. وناحَ داوُدُ على ٱبنِهِ كُلَّ الأَيَّام. وكانَ أَبشالومُ قد هَرَبَ وذَهَبَ إِلى جَشور ولَبِثَ هُناكَ ثَلاثَ سَنَوات. وكَفَّ روحُ المَلِكِ عنِ الغَضَبِ على أَبْشالوم، لأَنَّه تَعَزَّى عن مَوتِ أَمْنون.