(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولနမူနာ

شرح النص

في الطلب الرابع: "أعطنا خبزنا اليومي" طلبات ثلاثة.

أوّلها طلب ما هو أساسيّ لهذا اليوم. عرف يسوع معنى التعب وأهميّة العمل، من معايشته لتعب والديه وجيرانه، ويظهر تأثّر هذا بالأمثال التي كان يعطيها عن الزارع، والراعي، والكرّامين، والوزنات المطمورة... يحثّ الرب ثانيًا على المشاركة وتغيير النظرة إلى الحياة.

فإرادة الرب منذ البدء كانت أن يعمل الإنسان بضمير، فيسخّر القدرات الماديّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة لخدمة المحتاج. "أعطنا " قال الرب، أي أعطني واعطِ الآخرين فإن كان الآخر محتاجًا، فهذه دلالة على حاجة الجميع. أما الطلب الثالث فعودة إلى قول الرب في متى 4:4 "ما بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكلّ كلمة تخرج من فم الله". فالخبز الأساسيّ للنموّ الروحي ليس الطعام الماديّ لإشباع الجسد بل كلمة الله، حينها تتأنجل الحياة، ويعمّ سلام القلب والروح.

إسم الرب هو "إله المغفرة"، ولا جود لنا إلّا تحت أنظاره. إنّه هو يعلّمنا أن نُعامِل كما نريد أن نُعامَل: فلأنّه يغفر لنا على مدى لحظات حياتنا، علينا على مثاله أن نعيش مع الناس سلسلة من الغفرانات المتتالية. فمغفرة الله لنا مشروطة بمغفرتنا لبعضنا البعض.

تأمل في النص

لا يدعو الرب في كلامه، إلى الكسل، بل إلى وضع الحياة الاقتصادّية تحت نظر الآب السماوي لأنّ هذا الفعل يجسّد الإيمان. وتأتي هذه الطلبة بعد طلب حلول الملكوت وتقديس اسم الله وحلول مشيئته. إنّها دعوة إلى المتحكّمين باقتصاد العالم وخيراته للمساعدة في إحلال العدالة الاجتماعيّة فلا يموت ثلث العالم من الجوع بينما تُتلف بلدان العالم الأوّل فائض الطعام كالأرز والسكر والذرة، للحفاظ على احتكار ثروات العالم. إنّ مسؤوليّة الإنسان هي تنمية خيرات الأرض وتوزيعها بين كلّ أبنائها تحقيقًا لقول الرب "إنموا واكثروا واملأوا الأرض" (تك 28:1 ). إنّ الرب يدعو إلى العودة إلى البساطة والقناعة والاكتفاء بما هو ضروريّ.

وفي طلب المغفرة دعوة للعودة إلى عمق الذات ليتمّ في الإنسان الشفاء الداخليّ. فشفاءات يسوع كافّة تطال جراح النفس السقيمة قبل الجسد السقيم. لذلك، كان يغفر أوّلًا الخطايا كما حدث مع الكسيح والأعمى... ولأنّه لا يتوقّف عند حقارتنا وضعفنا، يجعلنا شركاء له لنتشبّه بمغفرته المجّانيّة اللامحدودة فنكون كما يريدنا أن نكون: صورته كمثاله.

الفكرة الرئيسة

في صلاتنا نطلب الاكتفاء اليوميّ الضروريّ لذاتنا ولكلّ إنسان فلا يعود في الأرض محتاج. كما نطلب المغفرة لذاتنا وللآخرين فيُغفر لنا عندما نغفر لغيرنا ولا يبقى في الأرض حقد ولا كراهية.

صلاة

أعطني يا رب جرأة التخلّي عن كل فائض فيكون لأخوتي حاجتهم؛ وأعطني شجاعة المغفرة فتكون لي ولهم نعمة الخلاص والسلام الأبدي. آمين.

خذ قرارًا لهذا اليوم