ثقَةٌ في مَحلِّهاSample
مزمور ١٣٠
كثيرًا ما نتخيل أنَّ التوبة هي أمر نقوم به في بداية إيماننا، فالتوبة هي أمر يقوم به الخطاة فيصبحون مؤمنين، أمّا نحن فلا، فنحن قد صرنا من شعب الله. إن كانت هذه هي طريقة تفكيرك، فأنا أحذّرك يا صديقي العزيز، أنت في خطر كبير. إذا فكّرنا في واجبنا نحو الله ونحو الآخرين وأيّة حياة يجب أن نعيشها في محبة لله من كل القلب والفكر والقدرة ومحبة القريب كالنفس، سوف نجد أنَّنا دائمًا مُقصّرون. لا أحد يقدر أن يقف أمام الله الديّان العادل قائلاً: "أنا كامل". وقد اعترف كاتب المزمور عن هذه الحالة الساقطة التي لا يُستثنى أحد منها بقوله: "إن كنت تراقب الآثام يا رب، يا سيّد، فمن يقف؟" (عدد ٣). والآن في هذا الوضع الميئوس منه، ما الحلّ؟
إنَّ الوصول إلى هذا الوضع الذي نعترف فيه بأنَّنا خطاة تمامًا أمام الله، لهو أمر جيّد ولكنه ليس كافيًا. قد تصل إلى هذه المرحلة ثُمَّ تتجه إلى أحد اتّجاهين كلاهما مُدمِّر، فقد تتجاهل الله تمامًا وتستمرّ في خطاياك بسبب يأسك، أو تحاول التديُّن وترضي الله بأفعال تتصوّر أنَّها يمكن أن تمحي ما فعلت من شرور. إنَّ كاتب المزمور لم يلجأ إلى أي من هذين الاتّجاهين، بل مُعترِفًا بخطيته صرخ إلى الله طالبًا الرحمة. لاحظ معي كيف يقول: "من الأعماق صرخت إليك يا رب" (عدد ١)، هذه صرخة من يعرف حقًا في داخله أنَّه خاطئ، فهو لا يقوم بنوع من تأدية الواجب أو بطقسٍ فارغٍ. يًعبّر الكاتب عن حالته وكأنَّه شخص يمكث في ليل لا ينتهي ينتظر الصباح بفارغ الصبر. الكاتب مُتيقِّن أنه إن كان هناك رجاء لخطيته فهو سيكون في رحمة الله. هذا الرجاء يأتي لأنَّه يعرف أنَّ الرب رحيم وعنده فدى كثير (عدد ٧). يلقي الكاتب بكل حمله على رحمة الله وهو يعرف أن هذه الرحمة مكلفة جدًا وأنَّه لا يستطيع أبدًا أن يدفع هذه التكلفة. الله وحده هو من يستطيع أن يدفع هذه التكلفة، فهو من يمكنه أن يفدي إسرائيل من كل آثامه (عدد ٨). نعم، أيّ خُطاة نحن، وأيّ نعمة قد أظهرها الله لنا في المسيح!
آخر ما نريد فعله اليوم هو التفكير في الآخرين بصفتهم السبب لما نحن فيه اليوم. نحن أيضًا خطاة نُعوِّج المستقيم كل يوم. رجاؤنا ورجاء الجميع هو أن يتحنّن الرب علينا في ابنه يسوع المسيح. نعم نحن نعرف أنَّ كل ما يحدث للمؤمنين ليس تعبيرًا عن غضب الله تجاههم. غضب الله قد رُفِع عنهم في المسيح، لكن الله بصفته أبًا فهو يؤدب أولاده ويُشكِّلهم، وكثيرًا ما يفعل ذلك بنفس الوسيلة التي يدين بها الأشرار. وبينما هو قاض بالنسبة للأشرار، فهو أب للمؤمنين. لكن يجب أن نتأكد أنَّ الله قدوس يكره الخطية سواء في أولاده أو في الأشرار. بدلاً من أن ننظر إلى الآخرين نظرة اللائمين لما سبّبوه من آلام وحزن، لنطرق على صدورنا قائلين: اللهم ارحمني أنا الخاطئ، انظر يا رب إن كان فيَّ طريقٌ باطلٌ واهدني طريقًا أبديًّا، نعم يا رب قد أخطأنا ولكننا نأتي إليك تائبين طالبين الرحمة لأنَّ لنا شفيعًا عند الله الآب يسوع المسيح البارّ الذي بذل نفسه من أجلنا على الخشبة، لذا نحن نقترب بثقة إلى عرش النعمة لننال رحمة ونجد نعمة عونًا في حينه.
Scripture
About this Plan
٧ أيام في ظلَّ الرّب المّلِك، الجدير بالثقة وحده. تأملات من مزامير المصاعد
More