(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

تكثر روايات طرد الشياطين في الأناجيل، لكن لكلِّ رواية ميزتها. في هذا النصّ نقرأ طردًا للشياطين وإرسالًا لهم إلى الخنازير ليهلكوا في البحر. يُطرح دائمًا هذا السؤال: ما ذنب أصحاب الخنازير حتَّى يفنى قطيعهم؟ سوف نحاول الإجابة على هذا السؤال من خلال إعطاء المعنى الرمزيّ لِعمل يسوع.

نُلاحظ أوَّلًا أنَّ الرجلَين الممسوسَين خَرجا من القبور. إنَّها بداية مسيرتهما مع يسوع: الانطلاق نحو الحياة. صاحا أمام ابن الله الذي جاء ليُعذِّب الشياطين قبل الأوان. ولكن مَنْ يُحدِّد الوقت؟ الربُّ هو الذي يُحدِّد الوقت، وقت طَرد الشياطين وإعطاء الحياة. طلب الشياطين من يسوع أنْ يُرسلَهم إلى الخنازير، فقال لهم يسوع: اذهَبُوا. أمام رؤية ابن الله، عرف الشياطين أنَّ مكانَهُم ليس في الإنسان، بل في ما هو نجس. ورمز النجاسة في العالم اليهوديّ هو الخنزير. بعد ذلك سوف تنحدر الخنازير إلى البحر وتموت في الماء. عرفت الشياطين أنَّ مكانَها ليس على الأرض بل في البحر، مكان النجاسة.

يُختَصَر عمل يسوع بِفَصْل ما هو طاهر عمَّا هو نجس. طَهَّرَ الإنسان وأبقاه على الأرض، وأدخَلَ الأرواح النجسة في الخنازير وأغرقها في البحر. بكلمة واحدة، عمل يسوع هو خَلْق جديد، لأنَّ الخلق الأوَّل تميَّزَ بِفَصْل المياه عن اليابسة وَخلق ما هو للأرض وما هو للبحر. جاء يسوع ليُحقِّق جوهر الخَلق الأوَّل. لم يرغب أناس تلك الناحية بهذا التحوُّل، فطردُوا يسوع من ديارهم.

تأمل في النص

كلُّ لقاء مع يسوع هو وَقْت يحدِّده يسوع ليُحرِّرَنا من كلِّ ما يقسِّمنا، ويوحِّدَنا لنكون خليقة جديدة. فالشيطان هو الذي يقسِّم الإنسان وُيبعثرُه وُيميتُه ويجعلُه يحيا في القبور. والله خَلَقَ الإنسان موحَّدًا، لكنَّ الحيَّة الشيطانيَّة قسَّمَته وجَعلته يموتُ موًتا.

وما زال الإنسان، وبخاصَّة المؤمن المُعمَّد، يُعاني من هذا التجاذب. يتُوق إلى عيش التكامُل بِفَرز الطاهر عن النجس في حياته؛ ولكنَّه يشعر بالمقابل أنَّ الضعف البشريَّ يقودُه إلى الأسافِل. وَحدَه التشبُّث بالروح الإلهيّ الحالِّ فيه يساعدُه على العودة إلى الطهارة البدئيَّة، خالقًا إَّياه إنسانًا جديدًا.

الفكرة الرئيسة

لا ينحصر عمل الخالق بالزمن المنصرم. كلُّ عمل تحريريّ من يسوع هو علامة أنَّ الخالق ما زال يعمل.

صلاة

خَلَقتَني يا ربُّ للحياة... فلا سلطة للموت والقبور عليَّ. أنعمْتَ عليَّ بروحِكَ فطرد كلَّ روح نجس منِّي. أعدُك بالتجدُّد الدائم لأعيش جوهر معمودَّيتي.

خذ قرارًا لهذا اليوم