(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولSample

شرح النص

احتفظ الإنجيليُّون بتقليدَين لشفاء حماة بطرس. أورَدنا هنا نصَّي متَّى ولوقا لأنَّ نصّ مرقس يتقارب مع نصّ لوقا. يركِّز التقليد الذي يورده متَّى على عمل يسوع الشخصيّ: هو الذي يجد حماة بطرس مريضة؛ هو الذي يلمس يدها فيشفيها؛ وعندما شُفيَت قامت تخدمُه. أمَّا تقليد مرقس-لوقا فيُعطي للخبر بُعدًا جماعيًّا: الجماعة تتوسَّل إلى يسوع من أجلها؛ وبعد شفاِئها قامت تخدمُهم.

يشمل هذان البُعدان مختلف علاقات المؤمن. فالمؤمن، من جهة، مدعوّ للدخول في علاقة شخصيَّة مع الربّ. أنْ يكون مكشوفًا أمامَه في كلِّ حالاته، وبخاصَّة في مرضِه، وأنْ يسمح له بِلَمسِه، وأن يُترجم شكره له بالخدمة.

من جهة أخرى، على المؤمن أنْ يدخل في علاقة شخصيَّة مع الربّ من خلال الجماعة. إنَّه مدعوّ للدخول في تفاعل حيويّ مع الجماعة: تُقدِّمه الكنيسة إلى الربّ؛ بالمقابل يقوم هو، على أساس اختباره مع الربّ، بخدمة الكنيسة.

تأمل في النص

يُشكِّل بيت بطرس صورة الكنيسة الأولى، الكنيسة التي كانت تجتمع مع يسوع وتعيش معه أوقاتًا حميمة. في البيت كان يسوع يفسِّر للتلاميذ؛ في البيت كان يشفي. من هنا نستنتج أنَّ شفاء حماة بطرس يُعبِّر عن تعليم أساسيّ لما على الكنيسة أنْ تقوم به.

أعمال متعدِّدة تَّمت في هذا الشفاء تضع المؤمن أمام مختصر لعمله وحياته. العمل الأوَّل هو السماح ليسوع بالدخول إلى بيته وحياته. العمل الثاني هو عدم التواري عن نظر يسوع كما فَعل آدم عندما راح يختبئ من وجه الله بسبب سقطته. العمل الثالث هو الدخول في علاقة حميمة شافية مع يسوع. العمل الرابع هو بناء خدمتِه وكلّ أعماله على أساس هذه الخبرة القوَّية مع الربّ. بكلمة واحدة، على المؤمن أنْ يحقِّق في حياته ما جرى مع حماة بطرس: خَدَمَها الربُّ يسوع بالشفاء، فقامَتْ تخدمه وتخدم الكنيسة مرتكزة على عملهِ الأساسيّ. 

هناك أيضًا خدمة قام بها أعضاء الجماعة تُشكِّل أساسًا لخدمة المؤمن الكنسيَّة. قامُوا بِعرض حالة مرض واحد منهم على يسوع، والتوسُّل إليه من أجل شفاِئه. لا يصنَّف هذا العمل على مستوى تعاضد اجتماعيّ وإنسانيّ فقط، لكنَّه يدخل في صميم عمل المسيحيّ وهو تحقيق عمل يسوع الخلاصيّ في الكنيسة ومع البشرَّية جمعاء.

الفكرة الرئيسة

يختصر ما جرى في بيت بطرس جوهر العمل الكنسيّ: أمام حضور الربّ تتجلَّى الشراكة الكنسيَّة بمختلف أبعادها وبخاصَّة بين الأقوياء والضعفاء.

صلاة

سألتُكَ يا ربُّ إذا كانت الأنانيَّة من جوهر إنسانيَّتي، فأجبتَني بالوصيَّة "أحبب قريبك حبَّكَ لنفسِك". اجعلني يا ربّ أعمل لخلاص الآخرين كما أعمل لخلاصي الشخصيّ، فنحقِّق معًا الهدف الذي تجسَّدْتَ من أجله.

خذ قرارًا لهذا اليوم