(مع الكتاب كل يوم - تأملات يوميّة من الكتاب المقدس (الكتاب الأولနမူနာ

شرح النص

توقَّف سفر اللاويِّين في الفصلَين 13 – 14 بشكل خاصّ على كيفيَّة التعاطي مع مرض البرَص ومع الأبرص، مُشدِّدًا على ضرورة إقصائه عن القرية المأهولة إلى أماكن مقفرة، وعلى منهجيَّة إعلان شفائه وإعادته إلى الجماعة. يعود السبب الأساسيّ في إقصائه إلى نوعيَّة هذا المرض المُعدي. 

يُركِّز الأبرص في طلبه على قدرة يسوع الشافية، ولكنَّه بالمقابل يحترم إرادته: "إن أردتَ طهَّرَتني". إيمان الأبرص يعترف أنَّ يسوع قادر على اجتراح المعجزات عندما يريد. يتمِّم يسوع رغبة الأبرص كاشفًا أنَّه يريد، وبالتالي يستطيع.

شفاءات كثيرة حقَّقها يسوع بكلمة "عَن بعد". أمَّا هنا فالشفاء يتحقَّق باللمس. يكشف هذا اللمس الذي قام به يسوع أبعادًا أخرى تتخطَّى القدرة على الشفاء. كانت الجماعة تُقصي الأبرص خوفًا من العدوى، مُعلنةً بالتالي أنَّ المرض أقوى من مناعتها. يأتي يسوع ويلمس الأبرص، مُظهرًا أنَّ طهارة يسوع تتخطَّى بأشواط عدوى المرض ومناعته. يسقط هذا المرض بلمسة حنان من يسوع.

يأمر يسوع الأبرص بعد شفائه بكَتم هذا السرِّ العجائبيّ المسيحانيّ وبتتميم ما تطلبه شريعة الشفاء... لكنَّ الأبرص الذي شُفي لم يستطع إخفاء جوهر اختباره الإيمانيّ الذي حوَّله إلى مُبشِّر. تنقلب الأدوار المكانيَّة في نهاية النصّ: يقيم يسوع في الأماكن المقفرة ويحوِّلها إلى أماكن مقصودة. مع يسوع، لم يعد من وجود لأماكن الإقصاء.

تأمل في النص

يكشف لنا هذا النصّ كيفيَّة احترام مشيئة الربّ في حياتنا. نحن نعرف أنَّ الربَّ قادر على كلِّ شيء، ولكنَّنا نتردَّد في بعض الأحيان إزاء إرادته في تحقيق هذه القدرة، لأنَّنا نختبر أحيانًا عدم استجابة الربّ لطلباتنا. في الواقع، على الإيمان أنْ يتكامل بين قدرة الربّ وبين إرادته. يعلن الإيمان أنَّ الربَّ يريد ويستطيع... لكنَّ طريقة عمله تبقى خاصَّته.

يُعلِّمنا يسوع، من خلال طريقة تصرُّفه في لمس الأبرص، أنْ نبقى أقوى من الانجراف في انحرافات المجتمع الذي نعيش فيه. لا شكَّ في أنَّ مغريات هذا العالم تدغدغ مشاعرنا، وأنَّ احتيالات الآخرين تجرُّنا إلى مواجهتهم بسلاحهم. لكنَّ المؤمن الحقيقيّ يبقى صامدًا في قناعاته، وتبقى مناعته أقوى من أمراض مجتمعه الفاسد. بل أكثر من ذلك، لا يكتفي بالبقاء ثابتًا، بل يتحوَّل إلى عنصر يجذب الآخرين إلى نقاوة الربّ يسوع.

الفكرة الرئيسة

إن كنت في حالة نَقص لا تتردَّد في المجيء إلى يسوع الشافي؛ وإن كنت في حالة قوَّة، لا تتأخَّر في تشديد الآخرين.

صلاة

أُّيها الربُّ النور الحقيقيّ، قوِّ إيماني حتَّى أكون صورة عنك في مجتمعي: أُشدِّده وَأشفيه وُألغي زواياه المظلمة.

خذ قرارصا لهذا اليوم