يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ

يوحنا ١٥: ١٥ - أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا.

أَنَا ٱلْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ ٱلْأَغْصَانُ: ربما تكلم يسوع بهذه الطريقة لأنهم كانوا معتادين على التفكير في إسرائيل كالكرمة. ولكن عليهم الآن أن يفكروا في المسيح كالكرمة ويؤكّدوا على علاقتهم به.

ٱلَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ: الثمر مؤكد للذي يثبت فيه. وقد تختلف نوعية وكمية الثمر، لكن وجود الثمر سيكون حتميًا.

إن الغرض من وجود الغصن هو الإثمار. فهناك عدة استخدامات لورق العنب، فالناس لا يزرعون الكروم للنظر إلى أوراقها الجميلة، بل يتكبدون عناء الحراثة والزراعة والري والاهتمام بها لكي يتمتعوا بالثمر. وبهذا المعنى، يمكننا القول إن الثمر يمثل صفات الشخص المؤمن (مثل ثمر الروح في غلاطية ٥). فعمل الله فينا وعلاقتنا به يجب أن يأتي بِثَمَر، بل بِثَمَرٍ كَثِيرٍ.

يدل الثمر أيضًا على وجود تكاثر داخلي. فكل ثمرة في الواقع، تحتوي على بذور، وهدف البذور هو إنتاج المزيد من الثمر.

لا يقتصر ثباتنا في يسوع على ثباتنا نحن فيه؛ بل يشمل أيضًا ثباته فينا (وَأَنَا فِيهِ). فهذا الثبات هو نتيجة تفاعل متبادل من كلا الطرفين: فالمتوقع من حياتنا أن تكون حياة روحية وعمليّة بسبب علاقتنا الحية مع يسوع، والمتوقع منه أن يسكن فينا بطريقة فعّالة وحقيقيّة. فمسؤولية الثبات لا تقع على كاهل المؤمن وحده.

لِأَنَّكُمْ بِدُونِي لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا: لا يعني هذا أن التلاميذ غير قادرين على فعل شيء دون يسوع. فهم قادرون على فعل أي شيء دونه، تمامًا كما فعل أعداء يسوع وكثيرين غيرهم. ومع ذلك، لا يمكنهم ولا يمكننا نحن أن نفعل شيء ذو قيمة حقيقية أبدية دون يسوع.

نَوّه ف. ف. بورس (F.F. Bruce): "لا يستخدم بولس نفس كلمات يوحنا ولكنه عبر عن نفس الحقيقة حينما قال: ’فَأَحْيَا لَا أَنَا، بَلِ ٱلْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ‘ (غلاطية ٢٠:٢)، و’أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي يُقَوِّينِي‘ (فيلبي ١٣:٤).

عَلَّق تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) على الآية ’لِأَنَّكُمْ بِدُونِي لَا تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا‘: "إن كان هذا ينطبق على الرسل، أفلا ينطبق على مقاوميه أيضًا؟ إن كان أصدقاؤه لا يقدرون أن يفعلوا شيئًا بدونه، فأنا متأكد من أن خصومه لا يقدرون أن يفعلوا شيئًا ضده."

أخذ هذا التأمل من خدمة ’الكلمة الثابتة‘ لتفسير الكتاب المقدس بقلم القس ديفيد كوزيك.