معلومات عن خطة القراءة‌

أسفار موسى الخمسةعينة

أسفار موسى الخمسة

يوم 23 من إجمالي 32

اليوم 23: المواضيع الرئيسية (التركيزات الخاصة)


شكّلت سيرةُ حياةِ يوسفَ وإخوتهُ درساً لأسباطِ إسرائيلَ كي يعيشوا معاً في توافقٍ وانسجامٍ بينما يتجهون نحو الاستيلاءِ على أرضِ الموعد والاستيطانِ فيها.


إننا لا نبالغُ عندما نتحدّثُ عن أهميةِ الارتباطِ الموجودِ في هذا النصِ بين ذلكَ العالمِ، أي عالمِ يوسفَ، وعالمهم، أي عالمِ قرّاءِ موسى الأصليين. فقد ختمَ موسى قصّةَ يوسفَ وإخوتهُ بتوقُّعِ يوسفَ الواضح لما حدثَ حينها في حياةِ قرّاءِ سِفر التكوين الأصليين - أي دخولِهم إلى أرضِ الموعد. هناكَ عدّةُ طرقٍ نُلخّصُ بها نتائجَ هذا الارتباطِ بين كلماتِ يوسفَ الأخيرةَ وخبراتِ القرّاءِ الأصليين. سننظرُ إلى اثنينِ من التركيزاتِ الخاصة.


1) الوحدة القومية: 


حتى نُدرِكَ أهميّةَ موضوعِ الوِحدةِ القوميّةِ، علينا أن نُشيرَ إلى كونِ قصّةِ يوسفَ وإخوتهُ تنطلقُ من نموذجٍ يَظهرُ مرّةً تِلوَ المرّةِ في سِفر التكوين. ويمكننا أن ندعو هذا النموذجَ "الخلافةَ الحصريّةَ". ونَعني بالخلافةِ الحصريّةِ انتقالُ نعمةِ اللهِ الخاصّةِ من جيلٍ إلى جيلٍ من خلالِ شخصيّةٍ رئيسيّةٍ واحدةٍ أو أبٍ واحدٍ.


بدأت قصّة يوسف وإخوته بخلافٍ نتج عن الذنوب التي اقترفها الإخوة تجاه بعضهم البعض. لكنّها انتهت بوفاق بين الإخوة. وبهذه الطريقة وضّحت رواية موسى لجميع الذين تبعوه أنّ الله دعا أسباط إسرائيل للسعي إلى الوحدة القوميّة. وكما بيّنت قصّة يوسف، كان لكلّ إسرائيل نصيبٌ في أرض الموعد التي أعطاها الله ميراثاً لإبراهيم وإسحاق ويعقوب. لقد كان تركيزُ موسى على الوِحدةِ بين آباء الأسباط الاثني عشر، في عالمِ يوسفَ وإخوَتَهُ، حافزاً لتعزيزِ الوِحدةِ القوميّةِ بين أسباطِ إسرائيلَ في عالمهم. ويُشيرُ هذا التّركيزُ أيضاً إلى إحدى الطرقِ الرئيسيّةِ التي ينبغي أن نطبّقَ بها قصّةَ يوسفَ وإخوتَه على عالمنا المعاصر. فكما تشاركَ أسباطُ إسرائيلَ في ميراثٍ واحدٍ، يتشاركُ جميعُ أتباعِ المسيحِ، أينما وُجِدوا في العالم، في ميراثٍ واحدٍ في المسيح. وقد رسّخَ يسوعُ هذه الوحدةَ في تأسيسِ ملكوتهِ. وعلينا أن نسعى وراءَ هذه الوحدةِ طيلةَ استمراريةِ ملكوتِ المسيح. وسنَعيشُ يوماً ما بهجةَ الوحدةِ الكاملةِ والوِفاقِ بين شعبِ اللهِ عندَ اكتمالِ ملكوتِ المسيح. ناشدَ بولسُ أتباعَ المسيحِ أن يكونوا "مجتهدين أن يحفظوا وحدانيّةَ الروحِ". فمثلُ الميراثِ المشتركِ بين أسباطِ إسرائيل، لدينا نحن أيضاً العديدَ من الأمور المشترَكة: جسدٌ واحدٌ، روحٌ قدّوسٌ واحدٌ، رجاءٌ واحدٌ، ربٌّ واحدٌ، إيمانٌ واحدٌ، معموديّةٌ واحدةٌ، وإلهٌ وأبٌ واحدٌ (أفسس 4: 3-6).


2) التنوع القومي: 


بكل بساطة، كان جميع آباء الأسباط ورثة يعقوب، ولكن هذا لا يعني أنّ الله تعامل معهم بالطريقة ذاتها تماماً. بل على العكس، توضّح بقية أسفار العهد القديم أنّ الله أعطى أسباط إسرائيل امتيازات ومسؤوليّات مختلفة. وقد شدّد موسى على ضرورة الوفاق بين أسباط إسرائيل لسببٍ رئيسيّ: يمكن الحفاظ على وحدة إسرائيل فقط لو أقّر بنو إسرائيل أنّ الله نفسه قد قصد هذا التنوع في الامتيازات والمسؤوليّات بين الأسباط. نرى موضوعَ التنوعِ، مثلَهُ مثلَ موضوعِ الوحدةِ، يعودُ ليَظهَرَ في كلِّ مرحلةٍ من مراحلِ قصّةِ يوسفَ وإخوتهِ. لكنّه يَبرُزُ بشكلٍ خاصٍّ في التكوين 47: 28-49: 33. حيث وزَّعَ يعقوبُ، في هذه الإصحاحات، ميراثَهُ على أبنائهِ الاثني عشر، إلّا أنّه أسّسَ أيضاً فروقاً ثابتةً بينهم وبين ذُرّيّاتِهم. شجّعَ موسى في هذه الإصحاحاتِ على التنوعِ القوميّ لإسرائيل، وذلكَ من خلالِ سَردهِ للفروقِ بين جميعِ أبناءِ يعقوب.


أولاً، يهوذا ونسله: جعل موسى، في هذه الإصحاحات، الأب يهوذا في مركزِ الصدارةِ عدّةَ مرّاتٍ ليُؤكّدَ على الأهميّةِ التي قضى بها اللهُ ليهوذا وسِبطهِ. يَظهَرُ يهوذا أولاً في التكوين 37: 12-36، عندما سعى الإخوةُ لقتلِ يوسف. ففي العددين 26-27، برزَ يهوذا من بينِ إخوتهِ وتدخّلَ بنجاحٍ من أجلِ يوسف. وقد أكّدَ يهوذا على التوافقِ الذي كان من المفترضِ أن يتحلّى به الإخوةُ حين قامَ بتذكيرِهم في العدد 27 أنّ "[يوسفَ هو] أخونا ولحمَنا". ونرى هنا الاعترافَ بقيادةِ يهوذا حيث وافقَ الإخوة على اقتراحه. يَظهرُ يهوذا مجدّداً في 38: 1-30، حين أعادَ موسى سَردَ قصّةِ خطيّةِ يهوذا في كنعان. وتقابلُ هذه الروايةُ بين فسقِ يهوذا واستقامةِ يوسفَ في بيتِ فوطيفار. لكن في 38: 26، يَكشِفُ موسى عن اعترافِ يهوذا المتواضعِ حين أقرَّ أن "[ثَامَار] أبرُّ منّي". فمن الواضحِ أنّ الله قَبِلَ توبةَ يهوذا، لأنّ اللهَ باركهُ فيما بعد بولادةِ توأمين، فارِص وزارح. ولفتَ موسى النظرَ من جديدٍ إلى قيادةِ يهوذا خلالَ رحلةِ الآباءِ الثانيةِ إلى مصر في 44: 14-34. وأخيراً، في 49: 1-28، برزَ يهوذا في المشهدِ من خلالِ بركاتِ يعقوب الأخيرة. فقد أعلنَ يعقوبَ في الأعداد 8-12 أنّ يهوذا وسِبطَهُ سيَرتقيان إلى مكانةٍ في القيادةِ لا نظيرَ لها. وسيُصبحُ سِبطُ يهوذا يوماً ما السِبط الملكي لإسرائيل (التكوين 49: 8-10). لن يَصعبَ علينا أن نفهمَ لماذا شدّدَ موسى على تعظيمِ يهوذا في ذلكَ العالم، حين توجّهَ إلى قرّائهِ الأصليين في عالمهم. لم يكن يهوذا الابنُ البِكرُ ليعقوب، فلم يكن معهوداً أن يَحصُلَ على أهمّيّةٍ بهذا القَدر. إذاً، حين كتبَ موسى عن يوسف وإخوته ليُعزّزَ وِحدةَ أسباطِ إسرائيل، توقّعَ منهم أيضاً أن يحافظوا على هذه الوحدةِ وهم مُدرِكون حقيقةً أنّ الله َعظّمَ سِبطَ يهوذا بهذا الشكل.


إنّ لتعظيمِ يهوذا نتائج عديدة أيضاً بالنسبةِ لأتباعِ المسيحِ المعاصرين في عالمنا. لكن في صميم ذلك كلّهِ حقيقةُ أنّ الله وعدَ بمجيءِ ملكٍ من سِبطِ يهوذا يكونُ الأعظمُ بين الملوك. وقد تحقّقَ هذا الوعدُ في ابنِ داود الكاملِ في البرّ، يسوعُ، ملكُ الكون. فقد جلسَ يسوعُ على عرشهِ في السماءِ عند تأسيسِ ملكوتِه. وهو الآن يَملُكُ في مرحلةِ استمراريةِ ملكوتِهِ حتّى يُوضَعَ جميعُ أعدائهِ تحتَ قدميهِ. وعندَ اكتمالِ ملكوتهِ، سيَملُك على الخليقةِ الجديدةِ إلى الأبدِ.


ثانياً، يوسف ونسله: يوسفُ هو الشخصيّةُ الرئيسيّةُ في تكوين 37: 2-50: 26. لكن، بخلافِ إخوتِهِ، كان يوسفُ مثالِيّاً إلى حدٍّ كبيرٍ في هذه الإصحاحات. في الحقيقة، إن المرّةَ الوحيدةَ التي لمّحَ فيها موسى إلى عيبٍ في شخصيّةِ يوسفَ هي في مقدّمةِ الرواية. في 37: 2-11، نقرأُ أنّ يوسفَ أثارَ غضبَ إخوته. فقد أتى بنميمتِهم الرديئةِ إلى أبيهِ وتباهى أمامَهم بأحلامِه عن المستقبل. ولكن حتّى هذه الميزةُ السلبيّةُ الواحدةُ هي طفيفةٌ. وقد خفّفَ موسى من حَجمِها في العدد 2، عندما ذكرَ أنّ يوسفَ كان "ابنُ سبعَ عشرةِ سنةِ". 


بمعزلٍ عن هذا النقصِ الذي لمّحَ إليهِ، كانت صورةُ يوسفَ التي قدّمَها موسى إيجابيّةً بمُجمَلِها. فقد خَدَمَ يوسفُ فوطيفار بأمانةٍ. وقاومَ زوجةَ فوطيفار. كما لم يكن عليهِ أيُّ لومٍ في خدمتهِ لفرعون. وقامَ باختبارِ إخوتهِ بذكاءٍ عندما أتَوا إليه. كان شفوقاً نحوَهم حتى بعدَ الشرِّ الذي ألحقوهُ بهِ. وقد أظهرَ حُبّاً تِجاه أبيهِ وبنيامين. وباركَ شعوباً كثيرةً لمّا كان حاكماً في مصر. هكذا وبطرقٍ عديدةٍ أخرى، صوّرَ موسى يوسفَ تماماً كما وصفهُ يعقوبُ في (تكوين 49: 26). كانَ يوسفُ "على قمّةِ نذيرِ إخوته".


في الواقع، نعلم جميعاً من خبراتنا المشتركة أنّه من المؤكد أن يوسف قد أخطأ مرّات عديدة في حياته. فهذا ينطبق على كل شخص في كل زمان، فيما عدا المسيح. فلماذا إذاً يُصوّر موسى يوسف مثاليّاً إلى هذا الحدّ؟ ماذا كان قصده من هذا الأمر؟ يكمن الجواب في حقيقة أنّ الله قد منح يوسف ونسله أهمّيّة خاصّة بين أسباط إسرائيل. تَظهَرُ أهميّةُ يوسفَ ونسلَه أولاً في الترتيباتِ الخاصّةِ بيوسفَ وابنَيهِ في التكوين 48: 1-22. في هذه الأعدادِ، باركَ يعقوبُ ابنَي يوسف، أفرايم ومنسّى كما لو كانا ابنَيه هو. ونقرأ في 1 أخبار الأيّام 5: 1، أنّ رأوبين خَسِرَ بَكوريّته لأنّه دنّسَ فراشَ أبيهِ. فحين تبنّى يعقوبُ أفرايم ومنسّى كأبنائهِ، عنى ذلك أنّ يوسفَ حصَلَ على نصيبٍ مضاعفٍ كبِكرٍ ليعقوب. كأتباعِ المسيحِ المعاصرين، يدعونا هذا البعدُ من قصّةِ يوسفَ وإخوته إلى الإقرارِ بالبركاتِ والأدوارِ المختلفةِ التي عيَّنها اللهُ في عالَمنا. ففي تأسيسهِ لملكوتهِ، باركَ المسيحُ شعبَهُ بمواهبٍ متعدّدةٍ. فأعطى البعضَ أن يكونوا رسلاً، والبعض أنبياءً، والبعض معلّمين وما شابه. ودعا أشخاصاً مختلفين إلى أنواعِ خِدماتٍ مختلفةٍ ومَنَحَهم امتيازاتٍ مختلفةٍ. ولم يُوطِّد المسيحُ هذا التنوعَ ليجزّئ شعبَهُ بل ليُوحِّدَه ويَجعلَهُ متماسكاً. وخلالَ استمراريةِ ملكوتِ المسيحِ، يَسكُبَ الروحُ القدسُ مواهِبهُ كما يَشاء. وحتّى عندَ اكتمالِ الملكوت، سنرى اختلافاً في الطُرُقِ التي سيُكرِّمُ بها اللهُ هؤلاءَ الذين تَبِعُوا المسيح. وبينما نُطَبِّقُ قصّةَ يوسفَ وإخوته على عالمنا، ينبغي أن نُقِرَّ بالتنوعِ الذي جعلهُ اللهُ بين شعبهِ في كلِّ عصرٍ ونقدّره.

يوم 22يوم 24

عن هذه الخطة

أسفار موسى الخمسة

تدعى أول خمسة أسفار في العهد القديم عادة أسفار موسى الخمسة. وهي تروي  قصة شعب اسرائيل من الخلقية إلى الاعداد لامتلاك أرض الموعد. ولكن هل أسفار  موسى الخمسة هي مجرد سرد تاريخي لشعب الله المختار؟ أم هي شيء أكثر من  ذلك؟ ن...

More

نود أن نشكر خدمات الألفيّة الثالثة على تقديم هذه الخطة. لمزيد من المعلومات ، يرجى زيارة الموقع:  http://arabic.thirdmill.org​​​​​​​

تستخدم YouVersion ملفات تعريف الإرتباط لتخصيص تجربتك. بإستخدامك لموقعنا الإلكتروني، فإنك تقبل إستخدامنا لملفات تعريف الإرتباط كما هو موضح في سياسة الخصوصية